13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

ذهبت فأيتمتني يا عضيدي أبا علي

من الصعب أن يتحدثَ أخٌ عن أخيه ولكني وجدت من واجبي تسطير ما يختلج في خاطري لئلّا يقبر معي في قبري فيضيعُ 

احترت من أين أبدأ حكاية الستين عامًا وحيث إنَّ هذه العبارات لم تفارق خاطري منذ لحظة سماعي بخبر انتقاله للرفيق الأعلى أحببتُ أن أستفتحَ حكايتي بها. 

أخي وعضيدي بل، ووالدي سعيد أبو علي رجلٌ: مؤمن ورع يخشى الله، بشهادة كلِّ من عرفه وتعاون معه، يعشق زوجته وأولاده وإخوته وأصدقاءه وأقرباءه، وقد كان أبًا لجميع أفراد عائلة الوالد وأولادهم وأحفادهم، يعشق ويذوب في خدمة الآخرين سواء أكان في بلده أو خارجها بل حتى أثناء عمله الرسمي. وكان التوفيق حليفه عندما يسعى لإنجاز أعماله وخدماته الاجتماعية وهنا سأسطر بعض الأمثلة لتميّزه الأخلاقي - رحمة الله عليه:

1- فقد قام بتجميع الأقارب في أيام الأعياد وذلك بمبادرة مباركة منه، وعمل دؤوب حيثُ تمَّ تجمع للأقارب الأرحام من عوائل العبيدي والمرزوق والسعيدي والشرفاء والفردان والدشيشي في منزل الوالد الحاج حبيب علي المرزوق - حفظه الله - للمعايدة الجماعية في عيدي الفطر والأضحى لعدة سنوات مضت.

2- قام على إنشاء مجموعتي "واتس أب" للأقارب أسماهما "قروب العائلة للمهمات". الأولى لأقاربنا من جهة الوالد الملا علي بن حسين آل عبيدي - رحمه الله -، والثانية لأقاربنا من جهة الوالدة مريم علي علي عاشور - رحمة الله عليها -، وكان هو من  يديرها، ولا يسمح أن يكتب فيها إلا الأمور الخاصة بالأقارب.

3- خدماته في جمعية مضر: وهنا سأذكر ثلاثة أمور تدلل على نجاحه الاجتماعي في هذا المضمار وهي:

الأمر الأول: تنظيمه المتقن للجنة الحركة والسائقين، وتقنينه لكل أعمال اللجنة بعمل نماذج تنظم عمل السائقين وكذلك لصيانة السيارات، والاتفاق مع ورشة خاصة للصيانات الدورية للسيارات. 

الأمر الثاني: دوره الفَعَّال في تسوية القضية مع معهد العالمية للتدريب 
حيث امتدت لأكثر من 10 سنوات، وكان المعهد يطالب الجمعية بمئات الآلاف. وقد طلبت منه شخصيًا عندما كنت مقررًا للجنتي النسائية والتدريب في الجمعية وبعد حضوري لإحدى الجلسات في المحكمة مع محامي المعهد واتفاقي معه بحل القضية ودّيًا، فوافق المحامي على ذلك دون تردد، فطلبت من أبي علي أن يذهب للرياض هو وأبو فهد الحصار ولا أتذكر إن كان معهما أشخاص آخرون أم لا وقد عادوا من تلك الزيارة ليس فقط بالصلح مع المعهد فحسب، وإنما بمبادرة من المعهد على إعطاء  دورات لمن ترشحه الجمعية من أعضاء مجلس الإدارة وكانت هذه نهاية للقضية التي امتدت لأكثر من 10 سنوات. 

الأمر الثالث: لجنة التأهيل والتوظيف 
بدأت هذه اللجنة عملها سنة 1425هـ تقريبًا، وكان هو من يديرها مع الأخ السيد سعيد الشويكي أبو هشام. 

ومن مبادراته الاجتماعية المميزة - رحمة الله عليه - ملتقيات التوظيف التي اجتمعت فيها عدة جمعيات من محافظة القطيف، وكان هو المبارد والمنسق لهذه الملتقيات التي تم من خلالها توظيف العشرات بل ربما المئات من الشباب. 

يمكن قراءة المزيد عن خدماته الاجتماعية في سلسة مقالات نشرتها القطيف اليوم:
https://alqhat.com/q/496314
&
https://alqhat.com/q/496339
&
https://alqhat.com/q/496342

بعد هذا الاختصار أذكر أبوّته لي مع كونه لا يكبرني إلا بسنتين. في الأعوام الأخيرة تعرضت لأكثر من تحدٍ صحي دخلت على أثرها للمستشفى لإجراء عمليات، وكان يصِرُ على أن يرقد معي في المستشفى حتى لو ينام طوال الليل على الكرسي، وكان يرافقني طوال أيام مكوثي في المستشفيات وكذلك في البيت بعد خروجي من المستشفيات ويصر على تواجده هو وأولاده أوقات الزيارة لي في البيت لخدمة زوّاري. 

وكان في سائر الأيام إذا لم يرني لعدة أيام كان هو المبادر للاتصال بي والسؤال عني وعن أولادي. كانت علاقته بأولادي علاقة الأب بأولاده وعلاقته بزوجتي المرحومة أم خليل، وكذلك علاقته بزوجتي السيدة علاقة الأخ الكبير والشفوق. 

أما في طفولتي، وفي ريعان شبابي، فقد كان يحميني ولا يرضى أن يمسني أحد بسوء حتى المعلمين عندما كنت معه في المرحلة الابتدائية. 

وقد ترك الدراسة بعد الصف السادس الابتدائي ليعمل من أجل أن أكمل أنا دراستي، ولكن عندما كنت في الثالث المتوسط  تعرض هو لحادث توفي فيه الطرف الثاني ومكث في السجن لمدة 6 شهور مما اضطرني لترك الدراسة والالتحاق بشركة أرامكو السعودية. 

هذا هو عضيدي ووالدي الذي يتّمني برحيله للرفيق الأعلى، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه الفسيح من جناته مع محمد وآله الطيبين الطاهرين.

ورحم الله من يقرأ لروحه الطاهرة ولأرواح والدي ووالدتي وزوجتي أم د. خليل ولأرواح أسلافه والمؤمنين والمؤمنات الفاتحة.


error: المحتوي محمي