15 , سبتمبر 2024

القطيف اليوم

إذا كبر ابنك صاحبه!

أريد في هذه الخاطرة أن نقف معًا على أحد الأمثال والحكم الشعبية من جيل أمي وأبي رحمهما الله: "إذا كبر ابنك صاحبه" أو "إذا كبر ابنك خاويه"، هل يستحق هذا المثل الشعبيّ أن نحتفظ به أم ننساه كما نسينا كثيرًا من الأمثال والنصائح القديمة؟

إذا كبر ابنك؛ يعني بلغ سنّ الرشد، خمس عشرة سنة، اتخذ منه صاحبًا يقتدي بك وينتفع، وأنت تحتاج في سنوات الكبر صديقًا مخلصًا تعرفه جيدًا. تعالوا نُفلسف هذا المثل من الدين ثم من سلوك البشر:

روي عن رسول الله -صلى الله عليه وآله-: "لاعب ابنكَ سبعًا، وأدبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك له الحبلَ على الغارب". خطوات التربية ثلاث: لاعبه في مرحلة الطفولة، أدبه في زمن الصبا، صاحبه في زمن الشباب والفتوة. 

"ثم اترك له الحبل على الغارب" لا تعني انفض يديك منه، وإنما دعه يسير خطواته بنفسه ويشق طريقه في الحياة على ضوء الإرشادات والتوجيهات التي أفضتَها عليهِ طوال تلك المدة. أعطيته الحقن الصحيحة في الوقت المناسب، دعه الآن يخرج إلى العالم الأرحب والأوسع. أغلب الظنّ أنه ينجح ويجعلك فخورًا به. أما إذا فشل فلا ملامة عليك حينئذٍ.

ماذا عن سلوك البشر؟ في هذا العمر ينفتح ابني على الأصدقاء وقد يكون بينهم أصدقاء سوء فلماذا لا أكون واحدًا من الأصدقاء، أعرف أين يذهب وماذا يصنع في وقته وكيف أُعينه في أموره؟ في هذا العمر تلتهب الغرائز والشهوات في رأس ابني الصغير فمن ذا يعطيه النصح والخبرة؟! بعد الأربعة عشر ربيعًا، عليه أن يأخذ دورة تطبيقية وتجربة عملية من والده، المحبّ له، في مختلف أعمال الرجال. 

كلانا يحتاج إلى صديق؛ ابني الغِرّ الذي ليس لديه ما يكفيه من تجارب الحياة وأنا الشيخ الكبير أحتاج إلى صديق أستفيد من أفكاره البكر.  

ابني يقوم مقامي ويخلفني فإما أن يقول الناس: نعم الولد ترك فلان بعد موته أو يقولون: كأنه لم يلد! أنا من جيل قديم لديه تجربة في الحياة، يتميز بقدر من الحكمة أما ابني فهو أصغر سنًّا وأكثر نشاطًا ولديه معارف جديدة لم يعرفها من في عمري فلماذا لا نكون أصدقاء، يكمل بعضنا الآخر؟ نظرة إلى القادم من الأيام عندما أكبر أحتاج صديقًا وفيًّا، ابني، أفضل من الأصدقاء الغرباء الذين يعرفونني في الرخاء وينسوني في الشدائد!

دعوة للشبان والشابات: استفيدوا من تجارب الآباء القيمة وصحبتهم الممتعة وهي في ذات الآن نمط رائع من أنماط برّ الوالدين. لا تحقروا تجاربهم ولا تستهينوا بها!


error: المحتوي محمي