
في عالمٍ يلهث فيه الكثيرون وراء الربح المادي والمكاسب السريعة، يبرز الأفراد الشغوفون كالنجوم.. لا تُضاء ليراها الآخرون، بل لأنّ الإضاءةَ غريزتها الكونية، هم ليسوا مَن يشترون الأشياء.. بل مَن يحوّلونها إلى حكاياتٍ تتنفس.
فاقتناء المركبات الفاخرة، أو جمع العطور النادرة، أو التردد على معارض الكتب والفنون أو تصوير النجوم في الصحاري والبراري في حلكة ظلماء ليست مجرد ممارسات مادية، بل هي تعبير عن روحٍ توَّاقة إلى الجمال، وعقلٍ يبحث عن التفرّد.
لا وكيف وهذه الهوايات ليست ترفًا فارغًا، بل هي فنونٌ تُغذي الروح، وتصنع الثقة، وتخلق ذكرياتٍ لا تُقدَّر بثمن. لكنّ أصحاب الشغف غالبًا ما يواجهون انتقاداتٍ من أولئك الذين لم يذوقوا لذة الشغف، أو عجزوا عن فهم متعة التميز. فالإنسان "فاقد الشيء لا يُعطيه"، ومَن لا يحمل حلمًا، لن يفهم لماذا يُنفِق الآخرون وقتهم وما لهم على ما يُلهب قلوبهم؟!
فالرسام الحقيقي لا يكتفي بالألوان الجاهزة، بل يخلق منها عالمًا جديدًا، والعطّار الشغوف لا يكتفي بتكرار الروائح، بل يصنع منها سيمفونيةً تخطف الأنفاس. الابتكار الحقيقي يولد من رحم الشغف، وحين تُمارَس الهواية بحب، تتحول إلى إبداعٍ يترك بصمةً في العالم.
فلا تطلبْ من عصفورٍ أن يفسّرَ لكَ لماذا يغنّي.. فقط استمع لتردداته المتناغمة ربما يومًا ما ستكتشف تلك الترددات والنغمات لها معان لا يفهمها إلا من يعيش معها بلحظاتها وربما ترجمت تلك النغمات إلى مفهوم يدرك العقل حينها معانيها.
لذا.. عِشْ شغفك، حتى لو لم يفهمه أحد فأنت الذي من يصنع لنفسه عالمًا يجد فيه متعته الحقيقية..