20 , يوليو 2025

القطيف اليوم

حين تكسّر الضوء

ماتتْ حروفي حينَ غابَ صباحُكَ
وتكسّرَ الإيقاعُ في مفتاحِكَ
كنتَ النشيدَ، وكنتَ ضوءَ تأملي،
والنبضُ ما زالتْ يداهُ براحِكَ
كنتَ السنا، وطنًا بلا أرجوحةٍ،
وعبير عُمْرٍ ذابَ في أفراحِكَ
فمتى تعودُ؟ لتستقيمَ حدائقي،
ويعودَ دفءُ الوقتِ من مصباحِكَ؟



رحلتَ عني، والحنينُ يعلّقُ الـ
صمتَ الذي تبكي بهِ ألحاني
ما كنتَ زائرَ لحظةٍ في خاطري،
بل كنتَ عمرًا ضاعَ في وجداني
أشتاقُ همسكَ في السكوتِ إذا بكى
حرفٌ تهاوى في غيابِ بياني
هلّا تعودُ؟ فإنّ فيك قصيدتي
والكونُ ضاقَ بسجدةٍ أشجاني



مرّتْ سنين القلب دون ملامحٍ،
وغدا الحنين كسيفهِ بجراحِ
من أينَ أقطفُ وردةً من صوتِكَ
إنْ كان دربُكَ غاربًا عن ناحي؟
لا شيء يشبهُ ضحككَ في لحظةٍ،
حتى الشروقُ غفى عن الإفصاحِ
ما زلتُ أذكرُ ظلَّك المترنّحَ الـ
ساكنَ حلمًا في سرابِ الرّاحِ



قد كنتَ حينَ تكونُ، تزرعُ لهفتي
نورًا، وتُزهرُ مهجتي ببُدورِ
فإذا غدوتَ، تكسّرتْ أنفاسيَ
مسكونةً بالحزنِ  في المسجورِ
من ذا سيجمعني إليَّ؟ فإنني
من بعدِ فقدِك.. ضائعٌ في الدورِ
أتلو مراثيكَ الصغيرةَ في دمي،
وأُعلّقُ الذكرى على الديجورِ



منذُ الغيابِ، وخنقُ أمنيتي على الـ
دنيا، يُغلّقُ حلمَها بغيابي
ما عادَ في قلبي سوى أنشودةٍ
تبكيكَ في صمتِ الحنينِ جوابي
كنتَ المدى… كنْهُ الضياءِ بمقلتي،
تنسابُ مثلَ الروحِ في محرابي
واليومَ لا شيءٌ يضمُّ عبيرَنا،
غيرُ الدموعِ، ورفقةُ الأسبابِ



تأتي وتغدو في دمي كقصيدةٍ،
من يومِ كنتَ، بها الصدى تُحييني
كم مرّةٍ ناديتُها في خفقتي،
فتوقدتْ بنياطِها تكويني
يا من مضيتَ، وفيك سرُّ سكينتي،
كيفَ الحياةُ تموتُ دونَ يقيني؟
إنّي لأسألُ عنك كلّ مُعلِّلٍ،
ويظلُّ يومي موحشًا كأنيني



تبقى بقلبي جدولًا متدفّقًا،
منذ ارتويتَ بحلمِهِ المفتونِ
كم مرّةٍ حاولتُ أطفئ ظلَّها،
فإذا بها نارٌ على مجنوني
يا من رحلتَ، وفيك سرُّ نجاتِنا،
كيفَ الحياةُ تموتُ دونَ عيونِ؟
إنّي لأسألُ عنك كلّ ناحية بها،
يومي، ويومي حائرٌ في عيني



مذ غبتَ، والدنيا تعاقبُ وجْدَها،
وتُضيّقُ الأحلامَ في الطرقاتِ
ما عاد في قلبي سوى أغنيةٍ،
تبكيكَ في صمتِ الحنينِ حياتي
قد كنتَ تسكنني كضوءٍ ناعمٍ،
يهمي على الأرواحِ في آياتي
واليومَ لا شيءٌ يضمُّ عبيرَنا،
غيرُ الدموعِ وخفقةٍ وصلاتي



لمّا غفوتَ، تناثرتْ أنفاسُنا،
وتهشّمَ التكوينُ في تكويني
قد كنتَ أقربَ من خيالي، فاغتدى
صوتُ الحياةِ مكبّلاً بسجيني
يا من سكنتَ الحلمَ قبلَ طفولتي،
هل جئتَ كي تبكي على تكويني؟
أم كنتَ تنسجني لأفنى في دمي،
وأظلَّ وهْمَ الضوءِ كي تحويني؟



يا من سكبتَ القلبَ في أعماقِنا،
ما عادَ يعرفُ طعمهُ إلّا الندا
هذي القصيدةُ ما نثرتُ دموعَها،
إلّا لتبكي في هواكَ مع المدى
خذني إليكَ، فإنني في مهلكٍ،
ضعتُ، وضاعَ النبضُ فيك وعدّدا
علِّي أراكَ، ولو بخيطِ قصيدةٍ،
تبكيكَ في الأشواقِ محتارَ الهُدى

*حين تكسّر الضوء، لم تنطفئ القصيدة*… *بل اشتعلت في الصدر أنينًا، وفي الورق حياةً أخرى*… *نكتب، لا لننسى، بل لنتشبّث بما لا يُنسى.*


error: المحتوي محمي