19 , يوليو 2025

القطيف اليوم

عمري إلى السبعين يركضُ  مسرعًا.. والروحُ باقيةٌ على العشرينِ!

سيدي الكريم وسيدتي الكريمة: سوف تكبر وتشعر بالضعف! هذه سُنّة الحياة. المهم أن تبقى روحك تتدفق مثل نهر جار. هناك من يكبرون وقلوبهم مليئة بالحياة تحسبهم أبناء عشرين أو ثلاثين سنة، ربما تكون أنت أحدهم!

هل تجد نفسك حزينًا أن تقدم بك العمر؟ أم سيان لديك سنوات الشباب والشيخوخة؟ هل تشعر أن السنوات مرت بسرعة؟ يقول الشاعر الصافي النجفي: 
سني بروحي لا بِعدّ سنيني * فلأسخرنّ غدًا من التسعينِ
عمري إلى السبعين يركض مسرعًا * والروح باقية على العشرينِ

أتذكر يوم كنت طفلًا، أقطع الوقت بين النخيلات -في جزيرة تاروت- أن الوقت يمرّ الوقت ببطء شديد جدًّا. الآن لو الأمر بيدي لأوقفتُ عقارب الساعة خوفًا على ما بقي من العمر أن يمر دون أن أشعر به! تبقى تسأل: كيف مرّ العمرٌ بهذه السرعة؟ لا تجد أحدًا يفهم الزمن ليعطيك إجابة!

لسنا وحدنا من يشعر في لحظة ما أن العمر يمرّ سريعًا. انظر كيف كان إحساس نبي الله نوح عليه السلام بسرعة الوقت وهو الذي عاش زمنًا طويلًا: يروى أن ملك الموت جاءه وهو في الشمس فقال: السلام عليك، فرد عليه نوح وقال له: ما جاء بك يا ملك الموت؟ فقال: جئت لأقبض روحك، فقال له: تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم، فتحول نوح عليه السلام ثم قال: يا ملك الموت! فكأن ما مرّ بي في الدنيا "مثل تحولي من الشمس إلى الظل"، فامض لما أمرت به، قال: فقبض روحه عليه السلام.

يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في سرعة الوقت: "ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة، وأسرع السنين في العمر". إذن المهمّ بالنسبة لنا ماذا نصنع في الوقت؟ السؤال الذي أخشاه أيما خشية حين يسألني الله سبحانه وتعالى: فيما أفنيتَ عمرك؟ أعطيناك عمرًا طويلًا أم قصيرًا لا يهم، أين أنفقته، الجودة لا الكم!

الأنشودة التي يقولها الوقت كل جزء من الثانية أن الراغب في الدنيا يهمه الوقت، الراغب في الآخرة يهمه الوقت وأنّ "من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة". 

سيدي الكريم وسيدتي الكريمة أما النفس فلا عمر يحدها، تشتهي في الثمانين ما تشتهيه في العشرين لولا ذهاب القوة والطاقة، كما يقول أخو الخنساء الشاعرة، صخر بن عمرو السلمي، بعدما أقعدته جراحات أصابته في إحدى المعارك:
أهُمُّ بأمر الحَزمِ لو أستطيعُهُ * وقد حِيلَ بين العَير والنَزَوانِ


error: المحتوي محمي