19 , يوليو 2025

القطيف اليوم

بكرة تكبر الصغار وتعمر الديار!

عنوان الخاطرة واحد من حكم وأمثال الزمن الماضي يحكي قانون تداول الأحوال {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}. قانون وضعه الله سبحانه في معادلة الكون الكبير، يتعظ به من يتعظ ويعقله من يعقل! واحدة من السنن الإلهية أن الأيام دول بين الناس؛ حوادث حلوة أو مرة، فقر أو غنى، مرض أو صحة، أحوال غير باقية ولا ثابتة مطلقًا!
عَلى ذا مَضى الناسُ اِجتِماعٌ وَفُرقَةٌ .. وَمَيتٌ وَمَولودٌ وَقالٍ وَوامِقُ
تَغَيَّرَ حالي وَاللَيالي بِحالِها .. وَشِبتُ وَما شابَ الزَمانُ الغُرانِقُ

الحكمة والسرّ في المثل الشعبي في كلمة "بُكرة" وتعني أُول النهار إلى طلوع الشمس ونسميه يومَ الغد (إن غدًا من اليوم قريب). {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}؟ بكرة تعني الأمل القريب والإيمان الصلب والرجاء الذي لا يخيب. الأمل أن تتحسن الأحوال والرجاء طلب العون من الله والإيمان بأن الله قريب يجيب من دعاه!

أخي وأختي: لا تنظر بعيدًا في التاريخ، ربما أنت في العشرين من عمرك ورأيت كيف تغيرت أحوال بعض الناس من حولك! أصدقاء تعرفهم كانوا فقراءَ واستغنوا، أو العكس! يذكر قولٌ للخليفة الإمام علي عليه السلام: "إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر". إذا مال ميزان التداول إلى جانبنا نشكر الله على نعمه ونحافظ عليها من الضياع.

كل هذه المقدمة لأقول لك: لا تدع حبل الأمل يفلت من يدك! الدنيا سفينة كبيرة تبحر في بحرٍ هائج وعلى الراكب فيها مهمة التمسك بجوانبها وبحبل النجاة! كلما ازداد الإيمان والثقة في ربان السفينة -الله- زادت قوة الإمساك بالحبل! ثمّ إذا هبت عليك الريح الطيبة اغتنمها:
إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها .. فَعُقبى كُلُّ خافِقَةٍ سُكونُ
وَلا تَغفَل عَنِ الإِحسانِ فيها .. فَما تَدري السُكونُ مَتى يَكونُ
وَإِن دَرَّت نِياقُكَ فَاِحتَلِبها .. فَما تَدري الفَصيلُ لِمَن يَكونُ
إِذا ظَفِرَت يَداكَ فَلا تَقصِّر .. فَإِنَّ الدَهرَ عادَتَهُ يَخونُ

ما أجمل ما روي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله في وصيته لأبي ذر: يا أبَا ذر اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابكَ قبل هرمك، وصحتكَ قبل سقمك وغناكَ قبل فقرك، وفراغكَ قبل شغلك، وحياتكَ قبل موتك. يا أبا ذر إياك والتسويف بأملك فإنك بيومك، ولست بما بعده فإن يكن غد لك فكن في الغدِ كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم. يا أبا ذر كم من مستقبلٍ يومًا لا يستكمله، ومنتظر غدًا لا يبلغه.

ثمانيةٌ تجري على الناسِ كلهم .. ولابد للإنسانِ يلقى الثمانية
سرورٌ وحزنٌ واجتماعٌ وفرقة .. ويسرٌ وعسرٌ ثم سقمٌ وعافية


error: المحتوي محمي