14 , مايو 2025

القطيف اليوم

في القطيف.. خارج إطار «شهادة الكيمياء».. مريم آل سالم تغزل الدمى وتبيعها وتدرب على صنعها

بين تخصص تحكمه التفاعلات الحيوية، وخلايا لا ترى بغير المجهر، وهواية تنتهي بدمى وأزهار وحيوانات بملامح كرتونية؛ تسكن حكاية مريم محمد علي آل سالم، تلك الشابة التي قفزت بتفكيرها خارج إطار الشهادة الجامعية، وأسست لنفسها اسمًا له بصمته الخاصة في فن "الكروشيه" أو فن "الأميجرومي".

"آل سالم"، خريجة بكالوريوس كيمياء حيوي في جامعة الملك سعود بالرياض، منذ عام 2009م، جربت حظها للحصول على وظيفة في التعليم، لكن لم يقدر لها أن تحظى بوظيفة في السلك التعليمي، وحين توجهت للمجال الصحي وخضعت للتدريب لم يرقها الأمر ولم تجد نفسها في هذا المجال، لكنها دون سابق تخطيط أو تفكير وجدت نفسها حرفية تمتهن صناعة الدمى الصوفية، وبيعها، والتدريب على صناعتها، وكذلك بيع بعض أدواتها.

مولودة تهدهدها يد فنانة
ولدت مريم في عائلة يلتصق الفن على اختلاف وجوهه بين أيدي أغلب إناثها، لكن أقرب تلك الفنانات من العائلة كانت والدتها "منى آل سالم" التي لم تكن مجرد حضن يهدهد موهبتها، بل كانت الزارع الأول لبذرة الفن في داخلها.

والدة مريم مدرسة رياضيات، لكنها كانت تحوك البطانيات والأوشحة الشتوية والقبعات، وقد أورثت تلك الهواية لبناتها فتعلمن على النول وإبرة الكروشيه، لكن مريم على الرغم من إتقانها ما تعلمته من يد أمها فإنها كانت تشعر بأنها لا تميل إلى هذا النوع من الفنون.

صدفة تعرفها على "الأميجرومي"
وعلى الرغم من أنها لم تكن تبحث عن بديل لتلك الهواية التي كانت بين يدي أمها، فإن الصدفة شاءت أن تظل حكايتها محوكة بمغزل وصوف، وذلك بعد أن اكتشفت اختها حوراء فن الأميجرومي وهو فن صناعة الدمى ثلاثية الأبعاد، والمحشوة بالقطن، وهنا اتحد شغف الأخوات لتعلم هذا النوع من الفنون.

تقول آل سالم: بدأنا في تعلم الأميجرومي، بصورة ذاتية، ففي ذلك الوقت لم يكن اليوتيوب يعلم هذا الفن، كما أنه لم تكن هناك دورات تعليمية كما الآن، لذا كانت البدايات بسيطة، لكننا طورنا الدمى إلى دمى أصعب، ثم استطعنا تأليف باترونات وخياطة دمى تحاكي تفاصيل الوجوه الحقيقية أو رسومات كاريكاتيرية.

بين أناملها هواية وحرفة
عملت "مريم" على تطوير نفسها بعد أن وجدت شغفها في هذا الفن، وقد كان الجزء الأكبر من تطورها بالتعليم الذاتي -حسب وصفها-، لكنها مؤخرًا التحقت بدورة أونلاين لمعرفة بعض الأسرار التي لا تطرح على اليوتيوب.

تحولت الهواية على يد "آل سالم" إلى مصدر دخل، على الرغم من أنها لم تكن تفكر في ذلك، لكن التشجيع قادها لأن تخطو تلك الخطوة، تقول: "في البداية كنت أشتغل دمى بسيطة، وقد صورتها تصويرًا بدائيًا ونشرتها على صفحتي في برنامج التواصل الاجتماعي الإنستغرام للذكرى فقط، لكنني تفاجأت بعدد من التعليقات المشجعة والمحفزة ومنها: "لماذا لا تبيعين هذه الدمى، ما رأيكِ أن تؤسسي مشروعًا؟ وأيضًا؛ نريد أن نشتري منك.

وتضيف: كانت تلك الدمى تمثل قطعة من روحي، أو كما نقول بالعامية ما "أسخي أبيعها"، لكنني قويت قلبي وقلت لماذا لا أجرب أن أبيعها، لماذا؟!!

دمى وخيوط
توضح "مريم" أن أول مبيعاتها كانت لعائلتها وهم من وصفتهم بـ"المشجع الأول"، ثم توسعت على الإنستغرام، وغالبًا تكون الطلبات خاصة بأشكال شخصيات أو رسومات.

وتضيف: عند طلب تلك الأشكال الخاصة كنت أنفذها بالفعل، لكن العمل عليها يأخذ وقتًا طويلًا جدًا من الأسابيع أو الشهور حسب العمل، كما أن بعض الأعمال تكون أحيانًا متعبة وعملها غير ممتع ففكرت أن أستمتع بالأعمال التي أحبها وأنشر مجال تعلم الدمى لكثرة السؤال عنه فقررت أن أعلم وأفتح مجالًا للدورات.

وتمضي في حديثها: من هنا بزغ المشروع الحقيقي، فأصبحت أعلم البنات وأوفر لهن الأدوات، بعدها تطور مشروعي وبدأت أبيع الأدوات من خيوط وإبر وشعر وقطن إلخ.. عندها صرت أمارس هوايتي بكل حب بعيدًا عن الضغط، وكان الدخل من متجر الخيوط أفضل إلى حد ما فصرت أصنع الأشكال التي أحبها وأوقفت الطلبات الخاصة.

لا تكتم سر علمها
احتضنت "آل سالم" أكثر من 60 متدربة في دوراتها، بعد أن قدمت دورات عديدة ما بين الابتدائية والمتوسطة والاحترافية كل واحدة حسب مستواها، لكنها لم تكن تدرب أكثر من 10 متدربات في المستوى الواحد؛ حتى تتمكن من التركيز على تدريبهن أكثر.

بمقص وخيوط وإبرة
على الرغم من دقة العمل فإن "مريم" تستعين في حرفتها بأدوات بسيطة كالخيط والإبرة والمقص والقطن وهي أهم الأدوات في العمل، إلا أن بعض الدمى قد تحتاج لتفاصيل أكثر لإبرازها باحترافية، لذلك قد تحتاج لإضافة شعر حقيقي أو أسلاك لجعل الدمية تتحرك، كما أنها أحيانًا تستخدم إضافات لبعض الأقمشة والخرز وغيرها من الأدوات لإبراز القطع بشكل مميز وأنيق.

مريوم وماري
كما أسلفنا فإن "مريم"، ولدت في عائلة فنية، وقد كان لهذا الأمر دوره في ولادة فكرة مختلفة في عالم "الكروشيه"، حيث نفذت شخصيتين لها ولإحدى أخواتها، تستعين بهما في تصوير القصص أو المشاركات في المعارض والمهرجانات.

تحكي قصة تلك الشخصيتين قائلة: "كانت فكرة جماعية أختي مارية ترسم وأنا أخيط الرسمة، ولأن مارية هي مصممة ورسامة إلكترونية فأنا أعدها عمود حسابي في الدمى حيث كانت تصور وتألف قصصًا على الدمى وغيرها، وقد فكرت أختي أن ترسم شخصياتنا ورسمتهما كرسم كاريكاتيري، وقمت أنا بخياطتهما وأعطيتهما اسمين من اسمينا فشخصيتي اسمها "مريوم" وشخصية أختي "ماري".

يسندن بعضهن
اتحدت أيدي سيدات "آل سالم" في الفن، خاصة في معرض صنعتي الذي أقيم مؤخرًا، حيث شاركت "مريم" بصناعة الدمى وأمها "منى" بحياكة الأزهار وأختها "مارية" بتصميم البوث والبنرات والأكواد وغيرها.

واستعرضن في ركنهن عددًا من مشغولات الكروشيه اليدوية، كالدمى والحيوانات وشجرة كبيرة حتى تصنع لألعابها بيئة وصورة متكاملة اشتغلت دمى شبيهة بالبشر.

مشاركات
تهتم "مريم" بإظهار فنها وحرفتها لمن لا يعرفها من داخل محافظة القطيف أو خارجها، لذلك شاركت في بعض الفعاليات، ومنها: ثلاث نسخ من معرض صنعتي المقام في معارض الظهران الدولية، وشاركت في فعالية "مشروعي" وكذلك الواجهة البحرية في الدمام.
.


error: المحتوي محمي