خلال تصفحي إحدى المجلات الإلكترونية العلمية (علوم القطيف) تفاجأت بأن أخي المهندس صادق علي القطري المهتم بتاريخ وآثار جزيرة تاروت قد رد على مقالي المنشور في «القطيف اليوم» بتاريخ 2021/12/12م بعنوان (هاروت وماروت وتاروت) الذي تناولت فيه أصل مسمى جزيرة تاروت بمحافظة القطيف.
ادعى المهندس أنني ذكرت أن أصل الاسم اشتق من قصة الملكين هاروت وماروت اللذين ذُكِرا في القرآن الكريم، في الآونة الأخيرة دار الكثير من الجدل حول أصل التسمية “تاروت” حيث يذهب أكثر الباحثين وعلماء الآثار إلى أن أصل التسمية نسبة إلى “الإلهة عشتار- أنانا -عينانا” وهي الآلهة التي كانت تُعبد من قبل البابليين والكنعانيين والفينيقيين ويرجع البعض الآخر التسمية إلى قصة الملكين المذكورين في القرآن الكريم هاروت وماروت حسب ما ورد في مقال للسيد “أزهر عبدالله التوبي” من هيئة التراث بالمنطقة الشرقية ونشره في موقع الخط «القطيف اليوم» بتاريخ “12 ديسمبر 2021” ومصدر المقال مرفق ضمن المصادر.
في هذا الصدد وحق بالرد أرى من الواجب التوضيح لأخي المهندس صادق والإخوة الأعزاء المهتمين والقراء: في البداية أوضح لك أخي المهندس أن مقالك جميل جدًا فجهدك مخلوف وطرحك أكثر من رائع في تجميع بعض المعلومات حول مقتنيات أثرية اكتشفت من جزيرة تاروت وهي معروضة في متاحف عالمية لتبين بها أصل مسمى جزيرة تاروت من خلال تلك القطع المكتشفة.
ولكن يبدو أنك مهندس صادق لم تقرأ مقالي جيدًا فأنا لم أذكر سبب تسمية تاروت نابعة من قصة هاروت وماروت التي ذكرت في القرآن الكريم إنما ذكرت هاروت وماروت وقصتهما مع عشتار ذات الجمال لأوضح للقارئ من هي عشتار وما علاقتها بالملكين وأيضًا ما علاقتها بمسمى جزيرة تاروت، وذكرت كذلك ما علاقة اسم هاروت وماروت اللذين يكونان على وزن (فاعول) باسم تاروت التي أيضًا على وزن (فاعول).
وهذا لا يعني أنني أصلت التسمية من الملكين المذكورين، فاستنتاجي في المقال أن سبب تسمية تاروت يرجع إلى الطبيعة الجغرافية للمكان الذي تكثر فيه المياه العذبة والثائرة من شقوق الأرض إما أن تكون طبيعية أو من صنع البشر والتي تسمى باللهجة الكنعانية القديمة (تر) وجمعها (تروت). فأيهما أقرب إلى مسمى جزيرة تاروت (تروت) والتي حرفت قليلًا لتصبح أخف وزنًا في الحلق وما يخرج منه (تاروت) أو عش تار أو عشتاروت، هذا باختصار ما ورد في المقال أن جزيرة تاروت اشتق اسمها من اسم ينابيع الأرض باللهجة الكنعانية الدارجة في الجزيرة منذ أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد فهي لغتهم، وللتوضيح أكثر آمل طرح ما سيرد على جميع من ذكر أن اسم جزيرة تاروت اشتق من اسم الإلهة عشتار.
أولًا: من كان موجودًا في جزيرة تاروت خلال الفترة ما بين 5750 إلى 5250 قبل الميلاد علمًا بأن هذا التاريخ ثبت بالأدلة المادية أن هناك نشاطًا قويًا على الجزيرة من خلال تحاليل كربون 14.
ثانيًا: ذكرت في مقالك أخي مهندس صادق أن الأساطير البابلية والإلهة عشتار وجدت عام 2500 قبل الميلاد ولأصحح لك المعلومة أن حضارة بابل ظهرت في 1850 قبل الميلاد وليس 2500، من هنا دعنا نتحدث بلغة الأرقام لو فرضنا أن عشتار ظهرت في 2500 قبل الميلاد كما ذكرت من الذي كان موجودًا على أرض جزيرة تاروت خلال الفترة التي قبلها والتي تمتد إلى 6000 سنة قبل الميلاد أليس الكنعانيون أصل العوائل السامية.
ثالثًا: هل من المعقول أن تصل الإلهة عشتار في 2500 قبل الميلاد وتفرض اسمها على جزيرة تاروت إذن ما هو اسم الجزيرة قبل هذا؟ لماذا لم تسمَ أي مدينة أخرى بهذا الاسم مع العلم أن عشتار ظهرت في العراق والبحرين والكويت وسوريا ولبنان وفلسطين.
خلاصة قولي يا سيدي الفاضل أن مسمى جزيرة تاروت جاء من الينابيع الطبيعية وغير الطبيعية المنتشرة في جزيرة تاروت وسواحلها والتي كانت تسمى عند الكنعانيين بـ(تر) وعند جمع الأسماء في اللهجة الكنعانية تضاف الواو والتاء لتصبح (تروت). ليكون اسمها منذ أكثر من 8000 سنة من يومنا هذا، وأنا أجزم بالقول بأن اسم تاروت أقدم من اسم مدينة أريحا بدولة فلسطين التي تعد على أن اسمها منذ وطئت أول رجل بشرية على أرضها وذلك لأن الكنعانية السامية وجدت في شرق الجزيرة العربية قبل وجودها في فلسطين والتي يرجع نسبها إلى كنعان ابن سام ابن نوح عليه السلام.