تعزية صاحب المشخال
يا صاحبَ “المشخال”ألف تحيةٍ
من كلّ قلبٍ راعهُ “المشخالُ”
لمّا سمعتكَ تشتكي لمصابهِ
والدمعُ منكَ لرزئهِ ينهالُ
أسفًا لآنيةِ الطعامِ وأخذها
أخذ الذي قد حازها “إسهالُ”
لا بورك الجاني عليه، ولا اهتدى
لطريقهِ إذ ليته، يُغتالُ
هبني، قصيدةَ خطفِهِ وفراقِهِ
فهو الذي ضُرِبَتْ بهِ الأمثالُ
هبني ترانيمَ الشعور فإنني
لمصابِهِ قد هدّني المختالُ
فبكت عليه جوارحي بحرارةٍ
ضاعَ العشاءُ، وضاعتِ الآمالُ
وحكاية هذه الورقة المكتوبة منذ ثلاثين سنة تقريبا
مثيرة.. وطريفة معا..
وكنت في السنة الأولى من الدراسة الجامعية بجامعة الملك سعود بالرياض لعام 1414هج
انتشرت بين الشباب قصيدة
“رثاء مشخال”
للشاعر عبد الله آل عمران التاروتي القطيفي
و مناسبتها هي
أنهم كانوا يطبخون داخل السكن الجامعي، وهي مخالفة لايجيزها نظام السكن الطلابي آنذاك
وقد باغتهم مشرف السكن ولجنة المتابعة.. ووجدوهم متلبسين بأدوات المطبخ يتسيدهم “المشخال” /الغربال..
فصادر المشرف كل أواني الطبخ.. ووقعهم على تعهدٍ قاسي اللهجة..
فكتب الشاعر العمران..
قصيدته التي تبلغ الأربعين بيتًا وعنوانها..
رثاء مشخال..
والتي يقول في بعض أبيات ها..
أسفًا فبعدك ليس يهدأ البالُ
من بعد ما سرقوك يا “مشخالُ”
فعدت أواني الطبخِ تلطم بعده
في موكبٍ “ملاسهم” شيّالُ”
والمعكرونة لا تكون سليمةً
إلّاك لا يقتاتها.. البقّالُ
إلى أن يقول.. معللّا.. قيمة هذا الرثاء لهذا المعدن الزهيد والرخيص.. خاتما النص بحكمة رقيقة وعميقة
يقول:
قد يزدري بعض الرفاقِ رثاءنا
في معدٍ ثمنٌ له مثقالُ
فأقول مهلًا يا عذولي إننا
لسنا الذين تغرهم أشكالُ
إنا نقيسُ على الجواهر حكمنا
والشكلُ ليس له بذاك مجالُ
انظرْ إلى المحارِ نظرةَ عاقلٍ
ألشكلِهِ قطعتْ له الأميالُ
أم للذي في بطنهِ من لؤلؤٍ
ولذاك قد علقت بهِ الآمالُ
فما كان مني وأنا بعدُ، لم أتعلم العروض حينها.. وكنت أكتب على السليقة.. والاعتماد على الأذن الموسيقية..
أحببت أن أواسي الشاعر في محنته.. وما حلّ به من ألم الفقد.. ومرارة الخطب
لم أكن أعرفه ولم تكن بيننا علاقة تواصل مسبقة
ولكني تحدثت مع بعض الأخوة الذين يعرفونه
فنسقوا لي موعدا معه
فزرته في الغرفة التي وقعت فيها الواقعة..
وتعرفت عليه وألقيت أبياتي المتواضعة أمامه.. فكانت لحظة وفاء وتعالق مع هذا الشاعر الجميل
والذي مايزاال يسكن في الظل.. رغم براعته الشعرية ومكنته في الكتابة الإبداعية
انتشرت له بعض النصوص والتي دارت على كل لسان
يتغنى بها الأصدقاء في كل مناسبة
كما تميز بكتابة النصوص الطريفة.. فهو يكتب النص المرتجل بكل رشاقة وسلاسة.. حاذق في التقاط الصورة.. وابتكار الفكرة..
تمنيت أن تكون له مطبوعات شعرية. فتجربته تستحق التأمل والقراءة..
رعاك الله أستاذي أبا مجتبى
ولا حرمنا وارف ظلّك..