18 , أكتوبر 2024

القطيف اليوم

تَأَبّطُوا الرضا وتمسّكُوا بعطاء الله

خرج راغبٌ من منزله مُسرعًا في يوم ساءت أحواله واشتدّ فحيح حرارته، جال بِخَاطره أصناف عديدة من الأعذار فاختار أقواها؛ لشراسة مديره وعدم تقبله لفكرة حضوره متأخرًا لعمله، لكنه وصل في الوقت المناسب.

عندما صادف مديره أخذ الأخير يتفحّص ساعته وهزّ رأسه إيحاء بأنّ عليه الحضور في وقت أبكر من ذلك.

بقي لسانه في فمه كحجرة لا يستطيع تحريكه احترامًا لصاحب العمل وخوفًا من فَقْد رُتْبَةٍ قد تزيد من دخله الشهري.

كان راغب حاذقًا في تعامله مع مديره لكن المدير قد استثني راغبًا من بعض الرّتب الوظيفيّة التي كان يحصل عليها بعض الموظفين وكان راغبٌ يعتقد بأنه أجدر بها في نظر نفسه، لكنه لا يستطيع مُجادلة ونقاش مديره؛ فهو ربّ العمل وهو الذي يعرف المصلحة العامة لسير العمل، ومخالفته غير مُجْدِية، وعواصفه تطال الجميع.

ولن ينسى راغب مكافآت المدير له، بين الحين والآخر.

من جانب آخر كان المدير يراقب الجميع في خط سيرهم العمليّ وكان ينتبه لكل خطوة يخطوها جميع الموظفين في دائرته فهو على اطلاع مستمر بما ينتجه كلّ موظف، ويعلم إنتاجيّة كل الموظفين، ومقدرة كل فرد على دفع عجلة العمل.

لقد اعتاد الجميعُ على مكافآته التي تنزل في حساباتهم بين الحين والآخر عندما يرى تفانيهم في العمل، في الوقت الذي لا يمتلك أحدهم أن يعترض على ما يقدّمه المدير من رُتب ومكافآت شهريّة أو سنويّة لأحد من الموظفين ولا يحسد بعضهم بعضًا إذا فاق العطاء لأحدهم عن الآخر  حتى وإن جهلوا أسباب تمييّز أحدهم دون سواه؛ لأنهم يثقون بمديرهم وبإدارته العادلة، ويعرفون صرامته في العمل ورفضه المطلق للتقاعس والكسل. 

إنّنا بحاجة إلى استخدام العقول لقياس أقدارنا الإلهية لا سيما عند تنقلاتنا بين نعم الله وابتلاءاته، يسيرنا الأدب، ويميزنا الرضا.

نثق بالعطاء الإلهي، ونتأبّط القناعة لأننا نعلم أنّ الله تعالى يهب الأرزاق في أوقاتها المُحددة. 

وباعتقادنا القاصر نحسبُ الأقدار صدفًا ملقاة على قارعة الطريق بينما هي حسابات تكوينيّة يراها بعض النّاس حظوظًا ويراها آخرون هِبات خاصّة.

إنّ شكر الله تعالى يفتح الأبواب المغلقة وهو زينة عباد الله الصالحين، فبعضهم يقول: "طلبتُ من اللهِ الثمرة؛ فأعطاني الحديقة والساقي" والبعض الآخر يقول: تَأَبّطُوا الرضا وتمسّكُوا بالقناعة فأنتم في رِحاب الله تعالى.


error: المحتوي محمي