20 , مايو 2024

القطيف اليوم

وما يبكون مثل أخي ولكن!

لم يدر في خلدي ولا طرفة عين أن أكتب هذه الخاطرة الآن، لكن بكل أسى وشجن فاجأنا قدر الله وانتقل إلى رحمة الله أخونا الخطيب الأستاذ أحمد حسن الوحيد فجر يوم الأربعاء 8 مايو 2024م. أقول أخي لأنه ابن أمي وأبي وإلا فهو كان لي -ولإخوتي كلهم- أبًا ومربيًّا ومؤدبًا. صحبته وأنا لم أبلغ الحلم في سفراته لطلب العلم وممارسة الخطابة في الكويت والأحساء وفي جزيرة تاروت. 

كانت أطول مدة اغتربتُ فيها معه عام 1388 هجرية في سن التاسعة أو قبلها حيث كان يدرس اللغة العربية وبدايات الدراسة الدينية في النجف الأشرف. من أقدم خطباء القطيف فلا أقل من نحو 70 سنة مارس فيها الخطابة وهو بعد فتى طريّ العود. كان مكافحًا طموحًا ذا عزيمة. ربما يسمح القدر ببعض الخواطر عنه وعن حياته في المستقبل. أما اليوم فهو يوم عزاء فأقول له: سبيلك سبيلنا وطريقك طريقنا. تقصر المسافة الزمنية أو تطول كلنا سائرون إلى نقطةٍ واحدة، اسمها "الموت".

أجمل ذكرى أشكره عليها بعد موته وأدعو له حين أخذ بيدي صبيحة يوم وكنت صبيًّا ألعب في الزقاق القريب من بيتنا القديم. إلى أين تأخذني؟ قال: إلى المدرسة! لولا ذلك اليوم وتلك الالتفاتة من يدري لربما كنت أحد الأميين الذين لم يقرأوا أو يكتبوا في ذلك الزمان الذي انتشرت فيه الأمية! من علمني حرفًا كنت له عبدًا فأنا مدين له بكل حرف قرأته له من كتاب وكل شطر من بيت شعر أعنته على حفظه!  

عمل في مهنة شريفة، حمل الكلمة الطيبة والشعر الجميل في رثاء من أحبّ، فما أحرى بمحبيه وبناته وأولاده اليوم أن يصغوا له وكأنه ينصحهم بالصبر والسلوان ويتلو عليهم {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. نسأل الله أن يشفع فيه نبيه وأن يعلّي في الجنان رتبته.


error: المحتوي محمي