20 , مايو 2024

القطيف اليوم

بين الرياح!

القارئ الكريم والقارئة الكريمة؛ كل ما يحدث في الكون هو في صالح الكون وفي صالح الإنسان إلا حين يريد الله أن يهلك بالنعمة من يكفر به وبها! حتى الرياح العاتية التي هبت لمدة قصيرة، مساء يوم أمس الإثنين، 6 مايو/أيار نحو الساعة السابعة، لو دامت مدة أطول لكان بإمكانها إحداث كبيرة، ما تركت ورقة إلا أسقطتها ولا غصنًا في شجرة إلا أَحنته، فيها من الخير ما لا نراه فذلك شغل الله سبحانه وتعالى وعمله وليس شغلنا.

يستطيع القراء الكرام أن يطلعوا بأنفسهم على ما ذكره القرآن الكريم في عدة آيات من فوائد جمة للإنسان من الرياح. حين ننام يبقى هذا الكون محفوظًا في توازنه ويبقي الله سبحانه يفتح خزائنه ويأتينا بالخير. نبغض الخير ونظنه شرًّا لأننا لا نعرف من الخير إلا ما هو واضح وما خفي منه -وهو الكثير- لا نعلمه {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.

قبل أكثر من خمس وخمسين سنة كان والدي ورفاقه البحارة في جزيرة تاروت يستأنسون لبعض أنواع الرياح التي تهب بسرعات معينة واتجاهاتٍ محددة فتسوق الأسماكَ إلى مصائِدهم ويبغضون الرياح القوية التي تقتلع مصائدَهم، مثل التي هبت يوم أمس. أما حركة الرياح في الكون فهي أبعد من عمل والدي في صيد الأسماك. تعالوا نبحر في مشهدين من مشاهد الرياح من القرآن الكريم؛ سورة الروم ونرى ماذا تصنع الرياح:

المشهد الأول: "مُبَشِّرَاتٍ"، رياح سابقة للغيث، تجمع القطع المتفرقة من الغيوم وتربط بينها وتؤلفها وتحملها إلى حيث يريد الله أن يسقطها، وتغطي صفحة السماء، ومع تغير درجة حرارة الجو تهيئ المطر للنزول من هذه الغيوم. فلاح ومزارع ينتظر المطر وبدوي في الصحراء القاحلة ما إن تبرق السماء ويحمل النسيم روائح المطر إلا وينبعث في قلوبهم الأمل بالخير وقدوم المطر. رياح مبشرات من جهات شتى ووسيلة لتكاثر النعم في الزراعة والنقل ومن أجل صحتنا فلو أنها توقفت عن هبوبها لأصبحت الأرض مثل زنزانة سجن رائحتها عفنة لا أكسجين فيها يتنفسه الإنسان {إِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَاۗ}. 

المشهد الثاني: "رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا"، مهما يكن المعنى فهي ريح غير طبيعية وغير ممطرة جاءت بصيغة المفرد إشارة إلى أن معظم الرياح نافعة ومفيدة، وهذه الريح من الحالات الاستثنائية التي تهب أحيانًا في السنة مرة أو في الشهر مرة. أما الرياح المفيدة فتهب دائمًا ليلًا ونهارًا!

الحمد لله، نحن في مناطق مستقرة في الظواهر الكونية؛ لا زلازل ولا براكين ولا فيضانات ولا برد قارس ولا حرّ مهلك. إنما في طقس وإن ارتفعت درجات الحرارة والرطوبة وثارت الأتربة في بعض الأيام في فصل الصيف فهو أقل إزعاجًا من بعض حالات الطقس المتطرفة عند غيرنا.


error: المحتوي محمي