13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

شهية الناس في ولائم الزواج بين الأمس واليوم!

هل فكرت في نعمة أن تكون نفسك مفتوحة وتشتهي الطعام؟ "الحمد لله الذي جعلني أشتهيه". كم من إنسان لا يستطيع أن يأكل لمرض أو غيره؟ وإن أكلَ فهو محروم من كثير من الأطعمة الشهية!

يقال عندنا للشخص الذي يأكل بمحبة وشهية أنه "يضرب بالخمس". الضرب بالخمس في دعوة صديق قد لا يكون عيبًا ولعله أفضل من التمنع والتغلي وعدم الأكل. بعض الأصدقاء الكرماء يذهب بعيدًا في تجهيز وجبة محترمة راجيًا أن تلاقي استحسان من يدعوهم ثمّ إذا أتى الضيوف بعضهم تحسبه يتذوق ولا يأكل.

يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعجز العجز رجل دعاه أخوه إلى طعامٍ فتركه [من غير عله].
عن عيسى بن أبي منصور، قال: أكلت عند أبي عبد الله عليه السلام، فجعل يلقى بين يدي الشواء، ثم قال: يا عيسى! إنه يقال: اعتبر حبّ الرجل بأكله من طعام أخيه.

الولائم عندنا لطيفة، خصوصًا في الزواج. أباريق القهوة والشاي والماء والمقبلات المرصوفة والوجبة الرئيسَة فلا يخلو ضيف من إصابة ولو نوع واحد استجابةً للداعي مع كثرة شكاوى المدعوين في هذا الزمان؛ كوليسترول، سكر، ضغط، حمية، حرقان، عدّ ما شئت من أصناف العلل التي تصيب الإنسان العصري.

كانت وجبات الضيافة تطبخ قديمًا بين البيوت في الأراضي المفتوحة، يطبخها طباخون بأجرة، أو أصدقاء يتعاونون. الجيران والمدعوون ينتظرون نضج اللحم والأرز بعد صلاة الظهر أو العشاء، يأكلون في مكان الدعوة ويأخذون من الوليمة إلى أهلهم. هكذا لا يبقى من الوليمة شيء، بل في بعض الأحيان ينقص الطعام!

يأكل المدعوون بشهوة، اثنان أو ثلاثة على سفرةٍ واحدة ولا يبقى من صحن اللحم والأرز الكبير الحجم شيء. الرجال إما يعملون في الفلاحة أو البحر أو أعمال البناء فإذا حضر الطعام كانوا جياعًا وأكلوه. الشبان والأطفال لا يأكلون بين الوجبات مثل هذه الأيام.

الحمد لله! كثرت النعمة فأصبح زاد الضيافة من باب الترف والمجاملة وليس الحاجة، لذلك ربما يدعو الداعي 400 صديق، يحضر المدعوون ولا يأكل سوى نصفهم! عشرة أنفار يجلسون ولا يأكلون صحنًا واحدًا من الحجم المتوسط! 

خلاصة الخاطرة: لا تخجل ولا تستحي إذا دعيتَ إلى وليمة صديق أن تأكل بحجة "الإتيكيت". كل واشبع وإذا دعوته في المرة القادمة قل له بأن يأكل ويشبع. الأكل دليل المحبة، من يحبكَ يأكل من زادِك.

يروى انَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "لا وليمة إلا في خمس: في عرس، أو خرس، أو عذار، أو وكار، أو ركاز". العرس التزويج، الخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار الرجل يشتري الدار، والركاز الرجل يقدم من مكة.

اليوم السبت، الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 2025م، كنا مدعوين، أخويّ علي وهاني -مع حفظ الألقاب- وأنا، لحضور غداء بمناسبة زواج رضا، أحد الأقارب، من أحفاد المرحوم موسى الوحيد وأبناء المرحوم علي الوحيد. حضرنا وأكلنا بالخمس وشكرنَاهم. زاد طيب وضيافة أطيب.


error: المحتوي محمي