13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

أكتب ما بداخلي قبل أن أصاب بالسكتة الأدبية

كثيرة هي الكتابات، ولكن قليلة جدًا هي القراءات! حيث تتزاحم أحيانًا الأفكار في ذهني وتواجهني أزمة مرور فكرية تمنعني من الكتابة.

البعض يتصور أني عندما أكتب أكون دومًا جالسة عند مكتبي ومعي كوب قهوتي، صدقًا إن الكتابة هي سيناريو لحكاية أو قصة أو نص نحاكي من خلاله واقع المجتمع وأوجاعه.

أردت من خلال كتاباتي أن أسمح لِموهبتي بالظهور، ولأنني صاحبة قلم حر ونزيه ودائمًا متصالحة مع نفسي، كنت أجد السكينة في الكتابة دون شك بموهبتي المتواضعة، فكتابتي هي محاولات شخصية تترجم صدقي، حيث أعدّ قلمي بأنه سفير إحساسي.

في صباي استهوتني القراءة، فتولدت الكتابة لديّ باكرًا وأصبحت من خلالها أكتب أحاسيسي ومشاعري التي جعلتني أهتدي إلى أسلوبي وهويتي واكتشاف ذاتي. رغم أنها تؤرقني وتقلقني، كنت أميل إلى الحكايات ذات الوقع الإنساني، وكنت طوع قلمي، فذاكرتي شخصيًا توجعني حين تفلت مني ولا تستجيب لرغبتي بحفظ الأشياء كما هي.
أعبّر عن ذاتي ووجعي بإحساسي، ولا أطمح أن أجني شيئًا، وأنا من أعطيت نفسي هذا الامتياز، علمًا بأن الجرأة لم تكن هاجسًا عندي أو هدفًا يحركني.

كنت ولا أزال، ومنذ سنوات طويلة، أشعر أثناء الكتابة بأن النص يأخذ جزءًا من روحي وفكري ووقتي. وأحيانًا أنهض مذعورة من نومي، وذلك لمداهمة فكرة ما لمقال جديد.

وأحيانًا تمرّ عليّ أيام وليالٍ دون كتابة سطر واحد رغم محاولاتي، فأكاد حينها أشعر بالاختناق والقلق من فقد حاسة الكتابة.

وفي أحيانٍ أخرى تداهمني الكتابة وسط وجودي بين الآخرين وفي لحظة توهّج، وكأن النص يداهمني ويختار الطقس ويكتب نفسه بذاته.

أكتب الآن ومعي قلبي وقلمي، حيث أضع يدي على فمي تحفظًا لأي آهة، والتي أعدّها ردة فعلٍ مني لحساسيتي.
حينها أشعر ببُحّةٍ تعيق مسامات صوتي.

لم أشأ هنا أن أسلب القارئ بريق فكرة النص، والمعذرة منك أيها القارئ الكريم، إذ أحاول التأني في الكتابة حتى لا تهشم بعض المفردات عضلة لساني.

أحيانًا تستوقفني نفسي وأنا أتخيل أنه ذات يوم سأعلن إفلاسي الفكري وجفاف قلمي، وقد تتبدد حينها ثروتي الثقافية وتتلاشى، ثم ماذا بعد؟ لقد وصلت إلى مرحلة سنٍّ وفكرٍ معقول، والحكاية ليست لعبة أو أوهامًا كما يبدو للبعض.

أعتذر إن لم تصل فكرة النص لبعض القراء، وتفاديًا لسوء الظن بي، فأنا أسعى لأن أكسب قارئًا واعيًا وجادًا. وقد أجيد الكتابة إذا كان هناك من يجيد القراءة ويفهم فكري.

لن أضطر لما يقوله القلة من الكتّاب وإن بدا مبتذلًا، وأدرك أنها تجربة وطقوس شخصية ليس إلا. وأنا هنا لا أسقط تجربتي على غيري، فأنا مجرد كاتبة يحق لي أن أكتب ما أشاء، وأشكر كل من يقرأني ويتحمل أسلوبي الأدبي.

مهلًا أيها البعض من القراء، أقصد أيها النقاد، هل هناك مبرر للنقد؟ نحن بحاجة إلى الكتابة المسؤولة، والبعض من القراء بحاجة إلى القراءة الجادة.

أقرّ هنا أنه لا مجال للمكابرة وبلا أدنى شك، آملة أن يتصاعد عدد الكتّاب والقراء، ويعود زمن التألق والتنافس الثقافي، وتتطور ملامح المجتمع الفكري.

ولديّ سؤال جاد وجريء: هل هناك أمل لعودة ارتياد المكتبات الفكرية لبعض القراء الجدد؟ ودخولهم عالم القراءة دون تأشيرة دخول؟ وحلمي أن يتفوق عدد زوّار المكتبات على زوّار المطاعم والمقاهي!


error: المحتوي محمي