05 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

رحل المربي الدكتور السيد باقر العوامي مبدعًا عاملاً مثابرًا معطاءً خادمًا لمجتمعه

لم يكن الخبر كسائر الأخبار اليومية المعتادة، بل كان خبرًا عن الموت المفاجئ لشخص خدم أسرته ومجتمعه ووطنه، رجلٍ ربّى أجيالًا على حب العلم والمعرفة والسمو في الذات والرقي بها لكي يظل المجتمع معطاءً قادرًا مقتدرًا. ولم يطرق الموت شخصًا عاديًا، بل استلب منا رجلًا عصاميًا كافح لأجل المنزلة العلمية العالية، فأفجعنا رحيله، فقد كان رائد أسرتنا الاجتماعية في نشاطه وفي ما بذله من جهود خيرية كبيرة.

نعم.. لقد رحل عنا في هذا اليوم البروفيسور الدكتور باقر الذي أقام مركزه الطبي وشارك في تربية جيل علمي مقتدر، وأبدع في خلق تجارب وقائية وعلمية وطنية وعالمية أفادت الإنسانية.

أقدّم بالغ العزاء إلى أسرته الكريمة ومحبيه والقطيف قاطبة لرحيل هذا الدكتور الشامخ الذي عاش معنا وعشنا معه، حينما نرفع أيدينا إلى السماء راجين عفوه ورحمته، وحينما نركع ونسجد متوجهين إلى الله نردد تكبيرًا وإجلالًا لله، فذهب إلى ربه ناصع الذكر، عظيم الصنع، صافي القلب، راضيًا مرضيًا.

رحل عنا فأحزننا رحيله وأوجعنا فقده، وهو اليد العليا الدائمة في العطاء والبذل، وصاحب المبادرات الإنسانية. ولن تفارقنا هذه الصورة النورانية، وهذه البسمة الحنونة، وهذه الروح العظيمة، وهذا القدر الكبير من التواضع في خلقه. ولعلك لن تلتفت إلى مكانته العلمية تلك لتواضعه في سمو أخلاقي متميز.

خبرناه إن أعطى فبصمت، وإن تحدث فبثقة، ولن تجده مكثارًا في تمجيد ما أعطى.

لقد كنتَ معنا بجسدك ننظر إليك ونسامر محياك، ولكم كنتَ أتحدث عن سبل تقوية المجتمع والنهضة به علمًا وعملًا، وكنت الأسبق والأشمل فعلًا، وأسرعنا صنعًا، وأرفعنا ذكرًا. فكنتَ الرجل الباذل في عطائه، فإن بحثت عن الكرم فستجده أمامه، وإن بحثت عن العلم والطب فستراه في مقدمته إتقانًا وإبداعًا. ولكم يكون للبلاغة عظمتها حينما يكون العمل هو سيد القول، ولن تجد منه صخبًا في إعلام ولا كثرة في كلام، فقد كان عاملًا محسنًا.

حقًا، فقدت القطيف رجلًا كبير القدر، عميق العلم والعمل، صانعًا للمعروف، أنتج علمًا وأفاد مجتمعه، فكان خير عامل وقدّم الكثير مما نعجز عنه، ولمثله فليعمل العاملون.

أقدّم عزائي لأخيه العزيز السيد جعفر، وإخوته، وأبنائه، وأسرته الكريمة، داعيًا الله عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة، ويسكنه جنة الخلد، ويُعرّف بينه وبين سادته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، ويلهمكم الصبر والسلوان.

وأقدّم بالغ العزاء إلى القطيف التي أنجبت الكبار، وهي تنجب روح العلم والعطاء والصفاء والخلق العالي بمثل هذه القامة الكبيرة.

فإنا لله وإنا إليه راجعون.


error: المحتوي محمي