الطائرة تعلو ويبدو الكون كتابًا مفتوحًا. كتاب تظهر فيه عظمة الخالق جل في علاه وسماه. القرآن كتاب الله المسطور والكون كتابه المنظور. تتسلق الطائرة السماء المفتوحة على معجزات عظيمة.
شمس، قمر، نجوم، كواكب سماوية لا تحصى كل في مداره، جاذبية. عجائب وأسرار يكشفها العلم. أما إذا نظرت إلى الأرض وما تخفي في باطنها من كائنات وتكوينات فذلك قد يكون أعظم.
نشاهد أسفل منا الصحراء يغطيها الرمل الأحمر المتوقد في الصيف قبل أن تعلو الطائرة فوق قطع السحب البيضاء. من خلق كل هذا؟
من الذي وضع قانون الجاذبية؟ الطير يطير بدفع جناحه ولا يسقط، الطائرة الضخمة تطير بدفع محركاتها ولا تسقط؟ ماذا يحدث لو تعطل قانون الجاذبية لحظة واحدة، لو زاد معامل الجاذبية أو نقص؟
ثم يأتي إنسان لا يعرف كوعه من بوعه، ما أوتي من العلم إلا قليلًا، يشك وينكر وجود خالق للكون! الطائرة الضخمة صنعها صانع ولا بد لها من ربان يحلق بها فوق الأرض. أما الكون في عظمته فهو في رأيه دون خالق! هل هذا معقول؟!
القرآن الكريم كتاب مسطور يدعو للتفكر والنظر في الكتاب المنظور. {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ}. التفكر عبادة عظيمة. عن رسول الله صلى الله عليه وآله) "فكرة ساعة خير من عبادة سنة".
كيف يضل الإنسان الطريق بعد كل ما يرى من الآيات الكونية والكم الكبير من الرسل والمعاجز والدلائل على صدقهم؟ مرة ينكر أن للكون إله، أخرى ينكر نبوة الأنبياء ويسخر منهم. أليس هذا غريبًا جدًا.
سبحانه غاب واحتجب عن أنظار خلقه ولم تزل حجته عليهم ظاهرة في كل شيء. لم يترك لأحد عذرًا ألا يصل إليه ويتعرف عليه.
ما تقدم إنسان ولا حضارة إلا بسبب تفكره في الكون وما تقهقر إنسان وتخلفت حضارة إلا بإعراضها عن التفكر في الكون وانشغالها بأمور غير ذات أهمية.
نحن أمة أولى بالتقدم لأن الكتاب المنظور -القرآن الكريم- يحثنا على النظر والتفكر في الكتاب المفتوح. يدعونا لفك خزانة أسرار عظمة الكون والاستفادة منها.
وصلنا بعد ساعتين، أليست هذه معجزة أخرى؟ بعد أن كانت الرحلة تستغرق أسابيع! يذكر أننا المسلمين من أوائل من فكر وحاول الطيران لكننا لم نكمل المشوار. سبقنا غيرنا والعبرة دائمًا أن النجاح لا يحصده من فكر إنما يحصده من خطط ونفذ ومشى في طريق الفكر والعلم حتى النهاية. العبرة في من يمشي بفكرته حتى نهاية مداها ليحصل على ما يريد.



