هذا العنوان الذي يعلو المقال كان لصحيفة حائطية تصدر مع شقيقتين لها، ضمن الأنشطة الثقافية لنادي مضر يوم أن كنا في مقتبل العمر، وقد تكفل كاتب هذا المقال بإصدارهم جميعاً، بشكل دوري، ودون مساعدة صديق، عندما كان النشاط الثقافي بالنادي في أوجه وقمة توهجه.
لم يكن ذلك يكلفني كثيراً، فهواية الرسم كانت تساعدني في إظهار الصحف الثلاث بالشكل الجاذب الذي يلفت المطلع ويشد القارئ، في حين كانت المواضيع عبارة عن مقتطفات من هنا وهناك، مما توفره المواد الإعلامية المقروءة من مجلات وصحف، مع ذكر المصدر إن لزم الأمر.
وقد كنت أضمن الصحف أسماء بعض الأصدقاء، ليشكلوا أسرتَي تحرير لصحيفتين من الصحف الثلاث، وأما الثالثة والتي تحمل العنوان عاليه فكانت مختلفة المضمون والهدف، وهذا ما يعنيني هنا.
الصحيفة كانت عبارة عن مقابلات دورية فقط، ومع مختلف الشخصيات الرياضية والثقافية والاجتماعية، من لاعبين وإداريين ومدربين وغيرهم من أصحاب الشأن، وأقدم قبلها للضيف الأسئلة ليوافيني بالأجوبة لاحقاً، في حين كانت تصدر فيه الصحيفة بالمقابلة فقط، محملة بالأسئلة الصريحة، والأجوبة الواضحة.
ربما كانت غريبة على القارئ في ذلك الوقت، وهي التي كانت تعتمد على المكاشفة من خلال الأسئلة المطروحة والتي تتطلب الأجوبة الشفافة من قبل ضيوف بساط المحبة، ولربما أثار هذا النهج بعض التحفظات وصلت لحد الخلاف العفوي، سيما ونحن شباب، وربما رأى البعض أن تجربتنا لم تنضج بعد، وتأخذنا الحمية على أقل الأسباب، في حينٍ لم يتعود فيه طيفنا الشاب على تلك المكاشفات، ولكن ما حيلتي وقد تملكني الوضوح وأسرتني الشفافية، وشغف العمل الإداري من ذلك الوقت، ولم أكن أنشد سوى الوضوح من قبل الممارسين، لكي يتابع جمهور المهتمين ما يجري على الساحة الرياضية بالذات، فضلاً عن الأنشطة المرادفة، وليكونوا في صورة الحدث أولاً بأول، في الوقت الذي لم تخلُ بعض المقابلات من الإثارات وربما الخلافات، والتي انتهت بخيرها وشرها.
هنا أقول وفي المطلب الذي أود الخوض فيه، أن على المسؤولين الذين يتصدون للمسؤولية، لا سيما في القطاعات الشبابية الرياضية والتي دخلت عالم الاحتراف والمال من أوسع الأبواب، وأضحى المتنافسون في ازدياد، ولزم على الجميع أن يكونوا جديرين بالبقاء ضمن المتنافسين أو اللحاق بها، نقول إن عليهم أن يكونوا واضحين مع جماهيرهم، كرماء بالمعلومة، لأن قطاع الرياضة وبالذات الأندية الرياضية مطلوب منها أن تثبت جدارتها، لا أن تتقوقع على نفسها، وتدس إداراتها رؤوسها في التراب، وتستسلم للواقع الذي فرضته على نفسها.
عليها النهوض، والعمل بجد واجتهاد ومثابرة، وهي مهمتها الأولى، وغير ذلك من المهام والتي من المفترض أن تكون تقدمت من أجل القيام بها عن استحقاق، وإثبات قدرتها على السير بالعمل نحو النجاح، وبأن ترضي جماهيرها، وإن لم تستطع فعليها المغادرة من أوسع الأبواب.
لا بد من المكاشفة والشفافية، وخاصة مع الجمعيات العمومية والتي من حقها أن تسأل، وأن تتلقى الأجوبة.
العمل المنغلق والبيروقراطي هو أسوأ طرق الإدارة. العمل المسير كيفما اتفق هو جهل وليس احترافية. العمل تحت وصاية فلان، وبأمر علان هو خنوع واتكالية ممجوجة، وأسيرة بين يدي من يدّعون القدرة وهم فاقدون لها، يقابل ذلك العمل الجماعي والذي لا يقصي أحداً، ولا يستثنيه إذا ما كانت لديه الرغبة والشغف بالعمل.
مجتمعك هو حاضنتك، وجماهيرك هي رأس مالك، وجمعيتك العمومية هي عمودك الفقري الذي تستقيم به، فإذا ابتعدت عن هؤلاء، فعلى من تتكئ، ومن تنشد، فلن يأتيك أحد إذا لم تذهب له، ولن يقف معك أحد إذا لم تنشده وتقدره.
المنافسات بين الأندية في أوج شدتها، والأندية المقتدرة تعمل ليل نهار على جعل ألعابها في القمة، وهي تسلبك مقدراتك البشرية، فاعمل على الحفاظ عليها، كيف؟ لا أدري! أنت المسؤول، وأنت من تتصدى للمسؤولية باختيارك.
وإن كنت تسألني: فعليك أن تبدع، وتبحث عن طريقة من ألف طريقة وطريقة، والبحث عن الحلول، وحتماً سوف تجد الحل. عليك أن تقترب من أصحاب الخبرات والمال والدعم، وأن تقرّبهم، وهم سيأتون لك لاحقاً، ويرحبون بك أيها المسؤول والرئيس ونائب الرئيس والإداري، بشرط أن تحترم شخصياتهم الاعتبارية، لكي تدفعهم دفعاً ليسندوك، فبدونهم، وفي ظل المنافسات المحتدمة حتماً سوف تنهار وتقع، ويمسي كل ما حولك ركاماً.
يا مسؤولي الأندية كاشفوا جمهوركم، فربما يعذركم، وكونوا عند مستوى المسؤولية، وإن لم تستطيعوا فغادروا، ودعوها لغيركم فلربما يكون أفضل، وينقذ ما تبقى من أمل، ويحافظ على منجز خجول، وينطلق لما هو أبعد، ويعيد الحياة لمن يعيش الرمق الأخير.



