30 , يونيو 2025

القطيف اليوم

إليك بُني.. "6" الفضول بين فاصلتين 

في حكاياتهم حكمة وفائدة، إن استطعت اقتناصها ما بين الكلمات، لأنت الدرة التي ستبزغ.

 كان المساء، يُطل على أنفاسي المتعبات، كأصابع طفل تربت على وجنتي، وابتسامتها تمنحني الأمل.

 حينها، قمت بإعداد كُوب من الشاي، علني أعيش هذه اللحظات بعمق التأمل في الأشياء، وإذا بهاتفي النقال، يُعلن عن صوت وراء هذا اللحن الذي اخترته؛ ليكون المثير لي؛ لأدخل مع الآخر في حديث يُشتهى.

 بُني، أراك تُصغي بشغف، كعادتك:

 أليس الإصغاء، يأتي لونًا من ألوان التعلم، ألم تُخبرني في سابق اللقاءات، بأن يكون الصمت رفيقي، وأن يكون استماعي إلى الآخرين، أكثر من حديثي معهم.

 نعم، هكذا أخبرتك، فلا تُزعجك كلماتي بُني، فإني أعشق رُؤيتك صامتًا، تُصغي لي بقلبك ورُوحك، وكأنك تُمارس ما لم أكن أمارسه، وأنا في نفس عُمرك.

 هي الحقيقة، إن الآباء يرون في أولادهم أنفسهم، ويأملون فيهم، ما يأملونه في أنفسهم، في الذي حققوه، والذي لم يتم تحقيقه.   

 أتعلم بُني، ما كان حوارنا، وما كانت كلماته في الهاتف النقال؟

 لا تقضب حاجبيك مُستنكرًا، ومُستفهمًا، أعلم بأنك لا تعلم ما دار بيننا، ولكني أحببت تفعيل عنصر التشويق لديك؛ لمعرفته.

 نعم، ابتسم؛ لأبصر الدنيا كلها تبتسم، كشفتيك الباسمتين.

 أخذنا الحديث عن ماهية الفضول، وهل هذه الكلمة في اتساع أفقها، أتكون سلبية بامتياز، أم إيجابية بذات الامتياز، أم ثمَّة مُفارقة، تحتاج إلى غربلتها؟

 يقول: إن الفضول من وجهة نظري، ينقسم إلى قسمين: الأول منه فُضول الفشل، والثاني الذي يعدوه مكانة، وهو فُضول النجاح.

 

 توقفت هُنا هُنيئة، أتعمق في كلماته، وأنت كذلك بُني، الآن لتتعمق في كلماته، ربما نختلف في النتيجة، سأكتب لك ما توصلت إليه، وأنت أخبرني بما ستدلي به في مساء الغد، كم أحب انتظارك؛ لكي تأتي.

 في الحياة بُني ثمَّة علاقات اجتماعية، أيضًا هُناك مُتسع من الأفق الثقافي، لهذا كُن فُضوليًا في تكوين علاقات اجتماعية، تتسم بالصفاء والفائدة التي تعود عليك؛ لتكون عُنصرًا، تُضيف لك على المستوى المعنوي والاجتماعي والثقافي..، مُبتعدًا عن العلاقات التي لا تُضيف لك شيئًا، سوى التدني على المستوى المعنوي والاجتماعي والثقافي. 

 ومن خلال ذلك بُني، كُن شغوفًا بكل شيء في هذه البسيطة، والذي يُكسبك معلومة هُنا، ومهارة هُناك، فالإنسان المنتج، والذي يمتلك هذا الشغف، تكون لدقائق يومه قيمة، إنه الظمأ إلى الفضول الذي يُفضي إلى النجاح، لا إلى الفضول الذي يأخذك إلى فوضى الترهات، والانشغال بهذا أو ذاك، دون نتيجة تُذكر، سوى الانشغال بما لا يُفيد، وليس فيه خير يُذكر. 

 وبالنتيجة بُني: ابتعد عن ذلك الفضول الهش، والذي يجيء في معناه بأنه فضول الفشل، مُتمسكًا بفضول النجاح، فإنه السبيل إلى الرقي في مختلف الألوان والمشارب، ومن خلاله ستكتشف ذاتك، وستتعلم من الآخرين، من سلبياتهم و إيجابياتهم ما يُفيدك في تحقيق ما تصبو إليه، وما ينبغي أن تكون عليه.


error: المحتوي محمي