
قد يكون من السهل أحيانًا أن نصدق وهم عدم أهميتنا. قد نرى مشاهير أو أشخاصًا ناجحين في مجتمعنا بطرق مختلفة ونقارن أنفسنا بهم، معتقدين أن شهرتهم أو قدرتهم المادية مثلًا تؤكد ضآلة حياتنا! لكن لا شيء أبعد عن الحقيقة. كل فرد منا مهم للغاية. وجودنا بحد ذاته، يؤثر على عدد لا يحصى من الناس بطرق لا تُحصى. ولأن كل واحد منا في جوهره نموذج مصغر للكون الأكبر، فإن تجاربنا الداخلية تؤثر على الحياة بأكملها أكثر مما نتصور. ببساطة، ما كان العالم ليوجد كما هو الآن لو لم تكن أنت، أو أي واحد منا، فيه.
ربما تعتقد ولو لمرة، أن حياتك لا قيمة لها. إذا راودتك هذه الفكرة، فربما حان الوقت لاستكشاف سبب شعورك هذا. ربما تكون قد كوّنت أفكارًا واهمة أو معتقداتٍ رافضة للذات في صغرك، لحماية نفسك أو لفهم المواقف المُربكة والمزعجة بذات الوقت. ربما شعرتَ أنك غير مرئي أو غير مسموع، أو حتى غير محبوب أو غير مقبول! وقررتَ أن هناك خطأ ما فيك، وليس في مدى اهتمام من حولك. وعليك أن تخصص بعض الوقت للبحث في جذور هذه المشاعر بالضآلة، وانظر إلى التغييرات التي يمكنك إحداثها، في حياتك وفكرك لتتأكد وتؤكد أهميتك في حياتك وأن وجودك مهم لدى الكثير.
قد يُقيّدك هذا الاعتقاد بعدم أهميتك ويؤثر سلبًا على حياتك. عندما تُغير نظرتك لقدرتك على التأثير في حياتك والعالم، قد تكتشف جوانب رائعة ملهمة ومؤثرة في شخصك الداخلي، كنت قد نسيتها منذ زمن. بل قد تكتشف جوانب جديدة ومثيرة لم تكن تعلم بأهمية وجودها لديك من قبل. عندما تُدرك أهمية حياتك، قد تنبثق مصادر طاقة جديدة، ويتجدد شعورك بالتواصل مع المجتمع. وعندما تتغير العوامل الخارجية، تتاح لك الفرصة لإعادة اكتشاف جوهرك، وهو المكان الآمن الوحيد الذي يمكنك أن تسميه موطنك.
عندما تنهار الأمور من حولنا، يمكننا التشبث بهذا الجوهر، مدركين أن نورًا لا ينطفئ يشرق من داخلنا. أوقات الظلام الخارجي قد تكون هبة عظيمة، إذ تتيح لنا فرصةً لتذكر هذا النور الداخلي الذي يضيء مهما كانت ظروف حياتنا. عندما تبدأ حياتنا الخارجية بالعودة إلى نصابها، نتمكن من الاعتماد عليها بقدرٍ أقل، مدركين بوضوحٍ أكبر أن موطننا الحقيقي، هو الشمس الساطعة التي تشرق في جوهرنا لنستعيد قيمتنا.
• هناك أوقات نشعر فيها وكأن عالمنا ينهار من حولنا، ونصبح حائرين بشأن ما نتمسك به.
• أحيانًا تنهار علاقاتنا، وأحيانًا أخرى تنهار بيئتنا المادية التي هي مركز قوتنا وقدرتنا.
• وفي أحيان أخرى، لا نستطيع تحديد السبب، لكننا نشعر وكأن كل الجدران قد انهارت من حولنا ولم يعد لدينا ما نستند إليه، مما يتركنا مكشوفين وضعفاء وبلا قيمة.
• أحيانًا نمر بتجربة لا نفهمها، ولكن إذا تأملنا بعمق أو انتظرنا طويلًا، فغالبًا ما يتكشف لنا سبب تلك التجربة. حيث جميع أحداث حياتنا تؤدي إلى أحداث أخرى قد تفقدنا قيمتنا وقدرتنا.
• هذه هي الأوقات التي تُمنح لنا فيها فرصة لنرى أين رسّخنا إحساسنا بالهوية والأمان والرفاهية والأهم التمسك بقيمتنا وأهميتنا ووجودنا.
وبينما من الطبيعي تمامًا، بل ومن طبيعة حياتنا، أن نجد أنفسنا في الظواهر والظروف الخارجية الطارئة والخارجة عن إرادتنا، إلا أنه كلما تغيرت هذه الظواهر والظروف، تتاح لنا فرصة لإعادة قيمتنا الذاتية ثانية، واكتشاف جوهر وجودنا والاقتراب منه، وهو ملاذنا الآمن الوحيد.
هذه المرة سأختار نفسي أن تتربع بين السطور، ولأكون هنا لمساعدة وإرشاد البعض ويحضرني عدد من بعض الأشخاص. ولعلي أمهد لك الطريق وأمسك بيدك، وأنت تمضي بشجاعة نحو ذاتك أفضل وأكثر إشراقًا وقدرة. وعلينا أن نتذكر أن الكون يُخاطبنا دائمًا، مقدّمًا لنا التوجيه والدعم والوضوح عندما نكون في أمسّ الحاجة إليه. عندما تتعلم كيفية استخدام هذه اللغة المحفزة الملهمة، ينفتح أمامك عالم جديد كليًا. آملة أنك ستستعيد قدرتك وقيمتك وقوتك على قراءة هذا النص الذي يُمكنه أن يرشدك قليلًا لو أردت ذلك، وعلينا أن نتذكر أنه لا يتأثر جوهر كياننا وقيمتنا بتقلبات الظروف أو حالات التغيير التي تحكم الواقع المادي. إنه ثابت كالشمس، حيث هناك أوقات يبدو فيها جوهرنا بعيد المنال، لكن هذا مفهوم خاطئ. فنحن نعلم أن الشمس عندما تغيب خلف سحابة أو تغرب ليلًا، فإنها لا تختفي تمامًا. إنها تختفي مؤقتًا فقط. وبالمثل، يمكننا أن نثق أن جوهرنا الداخلي يضيء دائمًا، حتى عندما لا نراه بوضوح.
وأخيرًا، من المهم أن نتذكر هذا بشكل خاص في الأوقات التي نشعر فيها بالضياع أو بعدم اليقين مما يجب فعله للحفاظ على قيمتنا. في كثير من الأحيان في مثل هذه الأوقات، ربما التقينا صديقًا عزيزًا، أو مررنا بتجربة غيّرتنا جذريًا. عندما لا يكون لكل شيء معنى في حياتنا، نتذكر أن هناك أمورًا خفية تُفسر ما نحن عليه. وفي الأخير، ستزداد ثقتك بنفسك وسلامك الداخلي في قدرتك على التعبير عن نفسك في جميع جوانب حياتك واسترداد واسترجاع قيمتك الحقيقية، وابدأ بتغيّير تفكيرك، واعلم أن حياتك مهمة وأنك مهم، وتذكر جيدًا أن قيمتك ومقامك حيث أقمت نفسك بنفسك.