11 , أغسطس 2025

القطيف اليوم

سأتحدث عن جمال الحياة كما أراها أنا

يشدني ويجذبني استفسار أقف عنده طويلًا، اكتشفت فيما بعد أنها إجابة مبتورة غير شافية! ما الحياة وأين نحن من هذه الحياة؟ تحت هذا الاستفسار بعد تجارب عميقة وعديدة، لن أقول لا أدري!  أحاول جاهدة أن أناجي الضمير، تلك الكلمة التي تاهت من ذاكرة ومنطق البعض، وعلي أن أبدأ بالسؤال عن الحياة، دون أن أتخطى حواجز المكان والزمان وقبلهما الإنسان، فأتخذ من الحياة موضوعًا ومن العالم موضعًا.

قبل كل شيء، سأتناول هنا عالم الوجود والحياة، لنتمسك بالحياة وأن نرفع رؤوسنا بشموخ، ونسير بكل ثقلنا وثقتنا إجلالًا وتقديرًا للحياة. وليس هناك أجمل من أن تعرفه عن حياتك قبل أن تخوض فيها! ولن أكون آسفة أو نادمة بأنني جئت إلى هذه الحياة، وفي هذا العالم الذي نسي البعض منا القيم والمبادئ الثمينة. فلا بأس أن أبوح بأسراري الفكرية وخواطري الأدبية هنا، قبل أن يصلك أنت أيها القارئ الإنسان!

لأسأل البعض هنا، ألم تبكِ يومًا وبنفس الوقت تبتسم؟ ألم تشعر بالفرح والحزن معًا، كما يحدث وحدث معي مؤخرًا؟ هكذا نحن مع الحياة! نصمد أمام أنفسنا حتى نحيا الحياة نفسها، ولنجعل للحزن طعمًا وللفرح إيقاعًا! ونحن بحاجة أن نعيش حكايتنا مع الحياة كيفما شئنا! ولا ننسى أن نضع أمام أعيننا أن حياتنا مقدرة من الخالق، فلا نأسف على شيء لم يتحقق لنا ولكن "قدر الله وما شاء فعل"! الحياة هكذا يوم لنا ويوم علينا. ولا طعم للحياة دون مصاعب ولا قيمة لها دون متاعب. 

فالحياة أكثر جمالًا وروعة ورضًا في عيون المتعبين دون مبالغة. ولعل هناك من يثير أمامي سؤال جائر من البعض: متى كانت الحياة جميلة بهذا القدر من الوصف؟!

ومن أجل الحياة لننظر دائمًا إلى الجانب المشرق، تفاديًا لفقد إحساسنا بالحياة. ويجب أن نتعلم من كل شيء حولنا، نتعلم من لون الطيور والزهور ومن لون الشمس في غروبها وشروقها، لننظر إلى السماء الزرقاء ونرقب نجوم الليل، ونتمتع بضوء القمر ونتدفأ بالشمس الصفراء، ومثلها الرمال وكل هذا المزيج من   الألوان ينعكس على الأرض التي نعيش عليها، فالحياة الجميلة رغم ما نسمع فيها وعنها، الكثير في بقاع العالم، من الحروب والدمار والجوع والقتل والنهب والمرض! إلا أن هناك أملًا والأمل يتجدد عند الشروق، وهذا هو سر جمال الحياة. ومن الظلم للحياة أن نصفها وننعتها بالقبح بل بالجمال فالحياة لا لون لها بالنسبة لي، وإنما نستمد لونها من داخل صدورنا.  

سأتحدث عن جمال الحياة كما أراها أنا، وقد تخونني الفكرة وتداهمني العبرة قليلًا! للحياة جمال عندما تلمس يداي سماء الدنيا بحب الناس، وعندما ينبض قلبي بإحساس نبيل لنجاح وسعادة من أحب، وعندما يمتلئ قلبي بإيمان قوي بالله.

ألم يتذوق البعض جمال الحياة بعد؟! والغاية ليس استقصاء الموضوع بل مجرد إثارة الانتباه! وفي الوقت ذاته ألتمس العذر من البعض، ومن يقول الآن ما أقبح الحياة ويا لها من حياة غريبة! أتفق معك وأشعر أحيانًا بقبحها وغربتها عندما يلفني الألم والهم والحزن وتفوح منها رائحة المرارة ويكتسي اللون الأسود كل ما حولي لكن مهلًا! وماذا لو تسكن البسمة شفاهنا والفرحة قلوبنا ونكسب من خلال ذلك الشعور بالجمال وروعة الحياة.  أهمس في أذنك قائلة الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها.

الحياة سر من أعظم أسرار الله، فلقد زرع الله جلت عظمته لنا غريزة عشق الحياة، لنجد من خلالها السعادة والأمل والحب، وقد يظن البعض منا أنها فلسفة وهمية، فالحياة قد تكون فعلًا كذبة حين ننسى أن نحياها كما يجب وكما نحب! ويجب أن نتذكر الحياة ليس للأكل والشرب واللهو، بل هي حياة الروح والنفس ولا بد أن نغذي حياتنا بالمبادئ والقيم لنتذوق جمالها ولنعيش بسلام وشموخ.

ألا تحلم بالحياة في زمن، دون تعقيد دون مجاملات زائفة دون رتوش دون ظلم دون وجع! حينها قد تشعر دائمًا أنك امتلكت الحياة الجميلة كلها. إذا دعونا:

· نعيش حياة حقيقية ونترجم صدق إحساسنا بالحياة، ببناء كل علاقاتنا مع الحياة، ونشارك كل من نحب ونحلم بالأمل من أجل الحياة. 

· نعد الحياة دربًا نصل من خلاله للجنة، رغم أنه هناك ممر طويل عريض! فالمعنى الحقيقي للحياة يمكن  تحقيقه من خلال، إصلاح علاقتنا بالله وحياتنا هي من الله سبحانه وتعالى.

· نحاول أن نجمل ونسعد حياتنا بحب الآخرين، لتصبح فعلًا حلوة باندماج القلب مع تسبيح الكون، ونشعر بأننا جزء منه ولتبتسم لنا الحياة معلنة أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله.

· نتخلص من متاعب الحياة فنسمو في درجات السعداء، وتصبح الحياة جميلة بابتعادنا عن الإساءة للآخرين، وبنا تصبح الحياة أجمل.

· ونتذكر جميعًا نحن للحياة والحياة لنا  أولًا وأخيرًا، ونترقب فجرًا واعدًا يتبع في هذه الحياة، فنتأمل حياتنا بأنفسنا لأنها حياتنا نحن. نعم نحن من حددنا وقررنا أن نحب الحياة ونكون مع الحياة!

قد نعيش حياة قصيرة وقد يكون عمري ضعف عمرك، وربما أجد في حياتي ما يجب أن يراه أحد في قرون. قد نشعر أن الوقت يمر بسرعة وربما يكون طويلًا وهكذا هي الحياة! فيها التناقضات الخارجة عن إرادتنا نحن البشر. أنسيت الليل والنهار الشمس والقمر بل الحياة والموت! نجد تناغمًا وانسجامًا مع التناقضات الكونية.

وسأختم هنا بأقوال من الكاتبة والروائية الجزائرية الأسطورة أحلام مستغانمي عن الحياة:

· عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس. أنت تركض خلف الأشياء لاهثًا فتهرب الأشياء منك. وما تكاد تجلس وتقنع نفسك بأنها لا تستحق كل هذا الركض حتى تأتيك هي لاهثة. وعندها لا تدري أيجب أن تدير لها ظهرك أم تفتح لها ذراعيك وتتلقى هذه الهبة التي رمتها السماء إليك والتي قد تكون فيها سعادتك أو هلاكك.

· تسلبك الحياة ما هو أغلى؟ يبقى الأصعب، أن تعرف ما هو الأغلى بالنسبة إليك. وأن تتوقّع أن تُغيّر الأشياء، مع العمر، ثمنها هبوطًا أو صعودًا.

. أخاف اللحظة الهاربة من الحياة، فلذلك أحب هذا الإنسان وكأنني سأفقده في أي لحظة، أن أريده وكأنه سيكون لغيري.. أن أنتظره دون أن أصدق أنه سيأتي ثم يأتي وكأنه لن يعود.. لذلك أبحث عن فراق أجمل من أن يكون وداعًا.


error: المحتوي محمي