
الرياض، السبت، السابع عشر من أيار/ مايو 2025 م. درجة الحرارة فجرًا حوالي 28 درجة مئوية، نسيم رقيق لطيف.
من الشعر الصادق الجميل ما قاله الشاعر علي القحطاني:
يا قرب واشنطن ولندن وباريس
حذفة عصا للي رصيده ملايين
ويا عزّ حالي للرجال المفاليس
اللي تضايقهم وجوه الديايين
واللي قضى عمره وهو خالي الكيس
ما شافْ من دنيا الورى إلا عمى العين
يسير في عين البشر كنه إبليس
يا كثر زلّاته وهو ما عمل شين
يا رب يا ساتر على أهل النواميس
يا مسهل أرزاق الضعاف المساكين
تفرج لمن ضيع جميع المقاييس
يا ضيقتي والناس ما هم بدارين
نسافر بعد أن نبني دارًا نسكن فيها، تكون ميراثًا يسكنه الأبناء والبنات. بعد وفاء الدين والزواج وتعليم الأبناء والبنات. وبعد أن يوفقنا الله للحج الواجب!
الحياة أولويات مرتبة لا اعتباطية! ماذا يحصل لو أنني قضيتُ عمري ولم أزر باريس أو لندن أو نيويورك؟ أو غيرها من الدول؟ لا شيء، ملايين البشر يعيشون ويموتون ولا يرون لندن ولا باريس!
أيام أو أسابيع قليلة وتغلق المدارس أبوابها في إجازة صيفية، سافر إن رغبت واستطعت السفر. سافر سفرًا ذا معنى ليس بهرجة زائفة تفقر الجيبَ ولا تسمن جوع العقل!
اغتربَ الناس في الماضي لأسباب؛ تفريج هم، اكتساب معيشة، علم، وآداب، وصحبة ماجد. أين هذا من سفر اليوم؟ موضة أسفار بعضها غير هادف وفارغ إلا من الفشخرة وإظهار القدرة المادية. فلان سافر، كيف لا أسافر؟ فلانة سافرت، كيف لا أسافر؟ ما دخلي بفلان؟ ما دخلي بفلانة؟
ينسب إلى أمير المؤمنين -عليه السلام-:
تغرب عن الأوطان في طلب العلى * وسافر ففي الأسفارِ خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الأسفار ذل ومحنة * وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من معاشه * بدار هوان بين واش وحاسد
سرعة رهيبة تجتاح عالمنا، لا بأس بإجازة تعيد التوازن لعقولنَا وأجسامنا، نسرق من السنة أيامًا لأنفسنا وأسرتنَا. نذهب في رحلة تتناسب مع ميزانيتنا ومع ثقافتنا ونعود إلى روتين الحياة محملين بأجمل الذكريات. نرى كيف تعيش الشعوب الأخرى ونأخذ من ثقافتهم.
لماذا ليس بالضرورة لندن وباريس وغيرها؟ من تجارب السفر أجمل الأسفار في الإجازة الصيفية كانت في داخل المملكة. توجد أماكن الطقس فيها أبرد بكثير من المنطقة الشرقية. السياحة في الداخل تطورت كمًّا ونوعًا هذه السنوات والخدمات تحسنت كثيرًا عن ذي قبل. عادة ما نذهب إلى أماكن بعيدة ومكلفة وننسى أماكن أقرب وأرخص وأكثر متعةً وتوائمًا مع ثقافتنا.
عندما تُغيّب الأولويات يتقدم المهمّ أو الأقلّ من المهمّ على الأهمّ ويصبح السفر في مقدمة الأولويات. يؤخر الزواج وبناء الدار والحجّ والتوفير من أجل تعليم الأبناء والبنات، ويقدم سفر أسبوعين بعشرات الآلاف!
للسفر أجنحة؛ المال والوقت. لديك المال؟ لديك الوقت؟ نظمتَ أولوياتك؟ سافر فإنّ في السفر إلى العالم الأبعد متعة ما مثلها متعة!