13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

من طرائف الخبّازين.. أقول له اغسل يديك يقول: أنا مسلم!

آه، من منا لا يشتهي رائحة الخبز -العربي- الخارج للتو من التنور؟ رائحة دافئة شهية. أنا من جيل خبز الصباح وخبز المساء، قبل تكاثر المطاعم وتنوع المآكل. عندما كنت صغيرًا كان الخبز رفيقي، لا شيء سوى الخبز، لا فرحة أكبر من خبزة في الصباح قبل أول درس في المدرسة وإلا يقتلني الجوع الكافر!

في البداية أودّ أن أقول: شكرًا لكل من يراقب صحتنا ويدقق في شؤون الصحة العامة. الحمد لله، نحن في زمن النظافة وتقديم طعام صحيّ وآمن للمستهلك. فصل الصيف يطرق الباب، وفي فصل الصيف تنتشر العديد من الأمراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى انتشار الجراثيم بشكل أكبر لأن الجو الحار يوفر بيئة جيدة للبكتيريا المسببة لأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والتسمم الغذائي.

صباح كل يوم جمعة أقصد أحد المطاعم البسيطة الذين يبيعون الخبز والفول، أشتري خبزة برّ واحدة وطاسة فول، لكن شيئًا يضايقني كثيرًا، كلما رأيت كيف يتعامل الخباز مع الخبز، لا أدري هل أنا على خطأ أم صواب؟

يعبث الخباز بين خبزة وأخرى في هاتفه المحمول دون أن يغسل يديه، غيره كذلك يفعل أيضًا! صبرت عليه مرات، وفي الجمعة الماضية قلت له بكل احترام: أطلب منك غسل يديك قبل أن تخبز خبزتي. ثارت ثائرة الخباز واتسعت عيناه وكأني قلت له أمرًا عسيرًا! قلت له: إذن لا أشتري الخبز منك! جاء الخبّاز الثاني وصنع لي الخبزة، بينما الأول ظلّ مصرًّا، يجادل ويعافس، على أنه لا يقبل الأوامر وأنه مسلمٌ طاهر!

قلت له: الأمراض ليس لها علاقة بالدين، الكافر يمرض والمسلم يمرض، كلاهما إذا تعرض لفيروس أو جرثومة، يمرض! ربما تقتل حرارة الفرن الجراثيم، لا أعلم! لكنها مسألة ذوق عام ونظافة، ليس لها دخل بالدين، والدين الإسلامي يحث على النظافة في جميع الأمور! ماذا عن الجراثيم التي تنتقل حين تلمس الخبزَ بيديك وتضعه في الكيس بعد نضجه؟

الخباز المحترم: أنا من خلّص الزبائن، أشتري منك ولا أذهب لغيرك، اعتبر الملاحظة من باب المودة والمحبة ليس إلا! أغلب الأوقات أتسلى بشيء ما، أشم رائح الخبز ولا أرغب أن أدقق كثيرًا حتى لا أرى ما لا يسرني ويفرحني ويبهجني كثيرًا رؤيتك معتمرًا قبعة رأس ولباسًا أبيض، نظيفًا، في الصباح. 

الهاتف هو محمولٌ وحامل، نحن نحمله، وهو يحمل الجراثيم، وبالفعل أجريت دراسات عديدة في هذا الشأن، يستطيع كل من يرغب في الاطلاع عليها بنفسه لأنها كثيرة جدًّا، لا يمكن تلخيصها في خاطرة قصيرة. 

النهاية السعيدة: بعد جدل طويل نسبيًّا، حصلت على الخبزة كما أردتها! الحمد لك والشكر يا ربّ. الخبز وما أدراك ما الخبز، من أكثر الأطعمة استهلاكًا في العالم. يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وآله-: "اللهم بارك لنا في الخبز، ولا تفرق بيننا وبينه، فلولا الخبز ما صمنا ولا صلينا ولا أدينا فرائضَ ربنا".


error: المحتوي محمي