
كشفت تصاميم حديثة نشرتها بلدية المحافظة أن الموقع السابق لسوق السمك المركزي في حي بديعة البصري بالقطيف على موعد مع مشروع عمراني جديد يحمل ملامح تراثية مستوحاة من هوية المدينة.
ويُمثّل المشروع، الذي يحمل اسم “سوق الدروازة التراثي”، تحوّلًا لافتًا من سوقٍ تنبعث منه رائحة البحر يوميًا، إلى معلم حضاري ينبض بعطر التراث ويجمع بين الثقافة والتجارة والسياحة.
وعلى مدى عقود، كان السوق المركزي للأسماك يُشكّل مركزًا اقتصاديًا واجتماعيًا في القطيف، يحتضن حراكًا يوميًا مع طلوع الفجر، حين تفرغ مراكب الصيادين حمولتها وتبدأ جولة الحراج الشعبي، في مشهد اعتاد عليه الأهالي، حيث تتزاحم الشاحنات والصناديق الزرقاء، وتنبض العلاقات بين الباعة والمشترين في بيئة تحفظها التقاليد وتديرها الأعراف.
ومع مرور الوقت، لم يكن السوق مجرد نقطة بيع، بل تحوّل إلى معلم حي في ذاكرة سكان القطيف، وموردًا يوميًا للمطاعم والمنشآت الغذائية التي تعتمد على الأسماك الطازجة.
وقد أُغلق السوق في عام 1443هـ بشكل نهائي، ضمن خطة تطوير شاملة، نقلت جميع أنشطة البيع إلى “جزيرة الأسماك” المجهزة بمرافق حديثة، وبذلك، طُويت صفحة من صفحات السوق الشعبي، وبدأ التفكير في إعادة توظيف الموقع وفق رؤية حضرية جديدة تنطلق من التاريخ وتستشرف المستقبل.
ويستلهم مشروع “سوق الدروازة” ولادته من التراث، وبه يعيد إحياء المكان، ضمن توجهات لتعزيز المشهد الحضري، حيث كشفت التصاميم عن مشروع سوق على مساحة تقارب 6748.50 مترًا مربعًا، يتضمن مجموعة متكاملة من المحلات التجارية، والمعارض الحرفية، والمكاتب الإدارية، والمقاهي والمطاعم التراثية، إضافة إلى معارض فنية ومواقف سيارات، في بيئة تمزج بين الطابع المحلي والتخطيط العمراني الحديث.
وجاءت التصاميم المعمارية للمشروع محمّلة بالرموز التراثية، حيث استُوحي اسمه من “الدروازة”، وهي البوابة التقليدية التي كانت تميز الأسواق القديمة، ومداخل القرى التي كانت تحيطها الأسوار.
وظهرت في التصاميم الأقواس والمداخل الكبرى، إلى جانب النقوش الساحلية المستلهمة من البيئة المحلية، والإضاءات الليلية التي تمنح السوق بعدًا بصريًا وروحيًا يعيد صلة المكان بجذوره.
وأكدت مصادر لـ«القطيف اليوم» أن المشروع سيُقام في نفس الموقع الذي كان يحتضن السوق المركزي للأسماك، ليعيد الحياة إلى موقع لطالما كان قلبًا نابضًا بالتجارة والحراك الشعبي.
ويمثل التحوّل من سوق بحري إلى سوق تراثي متكامل، نقلة نوعية في استثمار المكان، تفتح أبوابًا جديدة أمام السياحة المحلية والتجارة، وتواكب في الوقت نفسه تطلعات الجيل الجديد نحو تنمية مستدامة وهوية متجذّرة.