13 , مايو 2025

القطيف اليوم

في حضن الأخوال.. ذاكرة ممتدة بالحب والعطاء

بسمِ الله الرحمن الرحيم

أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اختاروا لنطفكم، فإنّ الخال أحد الضجيعين».

ورُوي في الدعائم عنه (صلى الله عليه وآله) مثله.
وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «انكحوا الأكفاء، وانكحوا منهم، واختاروا لنطفكم». الخبر.¹



هذه مقدمة للحديث عن مكانة الأخوال أو الخيلان (إخوة الأم).
من نعم الله سبحانه وتعالى أن رزقني بسبعة أخوال قد ساهم كلٌّ منهم في تنشئتي وتربيتي، مع وجود والدي ـ رحمهم الله تعالى ـ فجزاهم الله خير الجزاء عني، عِرفانًا مني لما بذلوه من جهد كبير في ذلك.

من هذا المنطلق كنت كما الظل معهم، رغم انشغالي بالتحصيل الدراسي، الذي كان لهم فيه دور فعّال في تشجيعي. هذا الالتصاق بهم لعب دورًا كبيرًا في صقل شخصيتي. كنت أقضي إجازتي الصيفية بينهم، وفي كنفهم، وكذلك في كنف جدي وجدتي ـ رحمهما الله. هناك مواقف كثيرة يصعب حصرها في هذه العُجالة، ذكريات جعلت علاقتنا علاقة الابن بأبيه؛ كانوا خير سندٍ وعَونٍ لي ولأسرتي.

مرت الأسرة بمواقف صعبة، وكانوا ـ رحمهم الله ـ السند لنا جميعًا، لدرجة أن أحدهم كان يأتي إلى بيتنا كل ليلة لينام معنا كي ننعم بالاطمئنان والراحة.

عندما كنا نمرّ بضائقة بسبب غياب الوالد ـ رحمه الله ـ كانوا، وجدّي وجدّتي، حاضرين لسدّ ذاك الغياب. كانت لأمي عندهم مكانة الأم، أحبوها واحترموها أيّما حبّ واحترام. جزاهم الله خير الجزاء على كل ما قدّموا.

الخال الكبير ـ رحمه الله ـ كان يصل الوالدة كما لو كان جدي على قيد الحياة، وخالي الصغير كان يصلها باستمرار.
عندما توفّيت الوالدة، وفي نفس الليلة، قابلته بعد منتصف الليل أثناء عودتي من المستشفى، وللأسف الشديد صدمته بالخبر. وكم ندمتُ على ذلك لما لمحته من ألمٍ ووجعٍ لا يمكن وصفه، جزاه الله خيرًا.

خالي الصغير هذا، كم كان حنونًا، ولا أنسى أنه قدّم لي مبلغًا دون طلبي منه، لكي أشتري سيارة. وكان الخال أبو محمد يعطيني عيدية كل سنة، حتى بعدما اشتغلت، رحمه الله وجزاه الله الجنة. كم كان محبًّا للوالدة! أتذكّر أنها كانت منوّمة لإجراء عملية، فطلب مني السفر معها للعلاج في الخارج على أن يتكفل هو وباقي الأخوال بالمصاريف.

خالي أبو خالد ـ رحمه الله وغفر له ـ عرض عليَّ شراء سيارة على حسابه الخاص ومن أي وكالة، رحمك الله، وعند غياب الوالد كان يجلب جميع احتياجات البيت. أما خالي أبو حبيب ـ رحمه الله ـ فكان محبًّا لنا، حيث كان يأتي كل ليلة من القديح لينام معنا، وعندما توفّيت الوالدة كان مسافرًا، وعندما عاد إلى أرض الوطن أصرّ على إقامة مجلس عزاء لروحها.

هناك خال، أبو محمد ـ رحمه الله تعالى ـ كان خالًا وأبًا وصديقًا، كم أغدق عليَّ من عطفٍ وحنان الأب. أما خالي أبو موسى ـ رحمه الله ـ فكان لصيق الأخوّة مع الوالدة، كما باقي الأخوال. كان محبًّا لها، ويعتبرها أمّه الثانية. كم رأيت عليه من الانكسار عندما أخبرته بوفاتها، حيث سقط ما في يديه من وقع ذلك الحدث الجلل على قلبه، فجزاه الله خير الجزاء.

تعهّد الأخوال بدراستي على حسابهم الخاص، فقط أذهب للدراسة حيث أختار. جزاهم الله خيرًا. نعم الأخوال، وربّ البيت. نقشوا حبًّا في الوجدان لن أنساه ما دمت حيًّا.

السرد المختصر هذا أعتبره جزءًا بسيطًا من الشكر والعرفان لجميع أخوالي: الخال عبد الكريم أبو محمد، والخال حسين أبو محمد، والخال علي أبو خالد، والخال جعفر أبو موسى، والخال عبد الله أبو حبيب، والخال عبد الرسول أبو محمد أبناء محمد حسين  آل درويش ـ رحمهم الله وغفر لهم، وأسكنهم فسيح جناته مع محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين (عليهم السلام).
وكذلك الخال العزيز، نديد الروح والعمر، سعود أبو ميرزا، أطال الله في عمره، وهو في صحة وعافية وسلامة يا رب العالمين.


الهوامش:
¹ دعائم الإسلام، ج 2، ص 194، ح 704 / ص 195، ح 708.



error: المحتوي محمي