
تمنى جواد أن يمضي هذا الليل بسرعة لتشرق الشمس ويبدأ يومًا جديدًا في لقاء الأصدقاء والفرحة تغمره. مضى الليل وجاء النهار وبعد يوم من الانتظار التقى جواد مع زهير ومحمود.
زهير: ما هي المفاجأة التي ننتظرها يا جواد لقد شوقتني لها؟ محمود: أتمنى أن تكون المفاجأة كبيرة. جواد: نعم إنها كبيرة، نحن ننتظر صديقنا القديم يعود لنا من جديد. ينظر محمود إلى زهير بكل اندهاش ويقول بتعجب: صديقنا القديم؟ هل تقصد! ويصمت. وهو يدير عينيه إلى زهير وجواد.
يقاطعه جواد: نعم إنه عبد العزيز، وسوف يحضر بعد قليل. زهير والفرحة تغمره هل هذا صحيح؟ وكيف؟ وماذا جرى؟ جواد أخبرهم بما حصل بالليل عندما جاءه عبد العزيز ووعده بعودته إليهم. زهير: هل أنت جاد؟ جواد: ننتظر قليلًا لنرى. مضت أكثر من ساعة والانتظار سيد الموقف. والأصدقاء يترقبون القدوم. ولكن طالت المدة. بدأ جواد يقلق ويرى في أعين أصدقائه الخوف من شيء ما.
زهير: وهو ينظر إلى جواد: كم من الوقت ننتظر؟ مضت ساعتان ونحن على هذا الحال. جواد بانفعال: وما يدريني أنا؟ ننتظر وفقط! محمود اقترب من جواد وهو يقول: لعل أمر عبد العزيز لم يتغير. وأنه كذب عليك كما كذب على زهير من قبل. ليأخذ المال. جواد بدا متوترًا من هذا الموقف سأتصل به. اتصل جواد. يرن. يرن. يرن.. ولكن دون جواب. كرر الاتصال. ولكن دون جواب. وثالثة ورابعة. توتر جواد وبدأ يتصبب عرقًا. وكأنه بركان يريد أن ينفجر. وأخذ يتمتم بكلمات. وهو يمسك بالجوال لعله يجد جوابًا. ولكن دون جدوى.
زهير: أرجوك يا جواد كف عن هذا. يبدو أننا خدعنا. جواد: سوف أتصل به حتى أجد الجواب من عنده. ويستمر جواد بالاتصال. وهذه المرة يجيب. اقترب الأصدقاء من جواد: ألو، ألو، عبد العزيز، عبد العزيز! هل تسمعني؟ أين أنت؟ لماذا لم تحضر كما وعدتني؟ وكانت الصاعقة على الجميع أن المتكلم ليس عبد العزيز. وهو يقول: أنت! لماذا هذا الإزعاج؟ إني أحذرك إن اتصلت مرة أخرى بهذا الجوال. صمت جواد، ثم أردف قائلًا: أنا أتصل بصديقي عبد العزيز، من أنت؟ أجابه بصوت خشن: اسمع ما أقوله لك: عبد العزيز لن يعود إليكم أبدًا وهو معنا ويحصل على كل ما يحتاجه. جواد: ولكن عبد العزيز هو من يريد ترككم ويعود إلينا. وإذا بضحكات عالية. ومن بينهم عبد العزيز وهو يقول: سلام يا صديقي القديم. صمت الجميع! جواد ينادي عبد العزيز: هل أنت معهم؟ أين وعدك لي؟ عبد العزيز يرد بضحكات استهزائية ويقول: ما رأيك بتمثيلي؟ هل أجيد التمثيل؟ هههههه. ويغلق خط الجوال، ليترك الأصدقاء في حيرة من أمرهم.
زهير يقترب من جواد ويضع يده على كتفه ويقول: لا عليك يا صديقي أنت فعلت ما بوسعك. ولكن هذا الطريق كل من دخله صعب الخروج منه، نسأل الله تعالى له الهداية. دعنا نعود! عاد الأصدقاء لمنازلهم وخيبة الأمل من عودة عبد العزيز كانت كبيرة. مضت الأيام والأسابيع والشهور. تخرج الأصدقاء في الثانوية وبقي (عبد العزيز) في طريقه المجهول وهو يعتقد أنه حصل على كل شيء كان يتمناه. لم يستطع أحد من الاقتراب منه لتقديم النصيحة، فقد تغير حاله إلى شخصية يمكننا القول عنها بأنها متوحشة. حتى أبيه وأمه لم يسلما منه. أما أبوه فقد أسود وجهه في القرية من فعل ابنه. ولكن لم يستطع فعل أي شيء خاصة ردة فعل (عبد العزيز) من أبيه فأصبح يهدده ويعلو صوته عليه. وأما أمه فأصابها المرض والوهن منذ أن صعقت بمعرفتها إلى أين يتجه (عبد العزيز) فكانت تترجاه أن يترك هذا الطريق. ولكن من دون جدوى. فأصبحت حبيسة الدار لا تخرج منه خشية كلام الناس.
وفي يوم من الأيام حيث بدأت الإجازة المدرسية والأصدقاء مع بعضهم البعض في بيت (زهير) وإذا بجوال (جواد) يرن. ينظر إليه باستغراب لأن الرقم غريب. ينظر إلى أصدقائه وهو يقول: من هذا المتصل؟ يقترب (زهير ومحمود) منه. ويقول (زهير): أجب لنرى من المتصل؟ يجيب (جواد) على الاتصال: ألو، ألو، لا يسمع صوت! ينظر إلى أصدقائه بتعجب! ثم يدني الجوال من أذنه. ويردد: ألو، ألو، وفجأة يسمع صوتًا مبحوحًا: ابني جواد هل تسمعني؟ تفاجأ (صمت قليلًا وهو ينظر إلى أصدقائه، ازدادت الدهشة!)، يقرب الجوال مرة أخرى. ويسمع "ابني جواد!". بصوت ضعيف من (جواد): نعم أنا جواد، من المتكلم؟ أنا أم عبد العزيز. هل هو عندكم؟ (جواد): لا ليس معنا. سمع (جواد) شهقة من أم عبد العزيز وصرخت إذًا أين هو؟ لم يعد للبيت منذ ثلاثة أيام. ولا نعرف عنه أي شيء. يقف (جواد) من هول ما سمع. وقف معه (محمود وزهير). وبحركة لا إرادية أقفلت (أم عبد العزيز) الجوال لتضع الأصدقاء في حيرة شديدة. (زهير) وهو ينظر بعينين شاخصتين ما الذي حصل؟ (جواد) ما زال ينظر إلى شاشة الجوال بصمت مهول وكأنه أصابه ماس كهربائي لا يستطيع الحركة. يلتفت نحو الأصدقاء. عبد العزيز مفقود منذ ثلاثة أيام. بينما هم على هذه الحال. وإذا بجميع الجولات تصدر إشعارات متتالية في نفس الوقت، كل واحد منهم ينظر إلى جواله، فإذا هو خبر عاجل تناقلته وسائل التواصل "فقد شاب منذ ثلاثة أيام ولا يعرف عنه شيء!
نظر الثلاثة إلى بعضهم البعض والقلق يسيطر عليهم من المصير المجهول الذي حل بصديقهم (عبد العزيز). صمتوا جميعًا وكأن على رؤوسهم الطير. (جواد) يكسر حاجز الصمت: يجب أن نبحث عنه. (زهير) وأين نبحث؟ وأين نتجه؟ (محمود): سوف أتصل به، يمسك بجواله، ويتصل، فيأتيه الجواب بالرد الآلي: إن الرقم المطلوب لا يمكن الاتصال به الآن. يحاول مرة أخرى. ويأتيه نفس الجواب ثانية. وثالثة. ورابعة. وكأنه أصابته الهستيريا. لا يعرف ما يصنع. يمسك (زهير) يد (محمود): توقف لا يمكن الوصول له هكذا.
انتشر الخبر في أرجاء القرية. وخيم عليها الحزن لمصير (عبد العزيز) فشكل الشباب فرقًا للبحث عنه في كل مكان مع الشرطة. استمرت الفرق تبحث عنه لمدة يومين. ولكن من دون أي فائدة. فشاعت أخبار كثيرة عن مصير (عبد العزيز) منها من يقول بأنه سافر. وأخرى أنه قد مات. وغيرها من الإشاعات التي أصبحت حديث المجالس والديوانيات، وفي كل بيت. أما عائلة (عبد العزيز) فالله وحده يعلم ما هو حالهم. فالأب أصبح يمشي ويكلم نفسه بحالة هستيرية وهو ينادي على (عبد العزيز). والأم المسكينة نقلت للمستشفى فقد وقعت مغشيًا عليها وهي ترقد بالعناية المركزة. الأصدقاء اتفقوا على مواصلة البحث. فقال (جواد) لأصدقائه: لقد سمعت أبي يقول بأن (عبد العزيز) يجتمع مع رفاق السوء في إحدى المزارع المهجورة في أطراف المدينة. وهذا لمكان لم تصل إليه فرق البحث. بعد الظهر اجتمع الأصدقاء. وفي قرارة أنفسهم أنهم سوف يجدون صديقهم ويعودون به للديار. انطلق الأصدقاء نحو تلك المزارع التي تبعد عن القرية قرابة الساعة. لم يدر حوار بينهم أبدًا. إنما الصمت كان سيد الموقف. وصلوا المنطقة، فكانت موحشة، وخالية من السكان. وتحيطها جذوع النخيل اليابسات. وطول الأعشاب. ونعيق الغربان. ونباح الكلاب.
شعر الأصدقاء بريبة وخوف شديد. وكأنهم وسط مدينة الأشباح. لم يتقدم منهم أحد خطوة واحدة. وكأنهم تجمدوا مكانهم. نظر بعضهم إلى بعض وكأن لسان حالهم يقول: من يتقدم؟ (جواد) يزفر زفرة من فمه للأعلى. وكأنه يستجمع قواه. ويقول: علينا أن نكون شجعانًا ولا يسيطر علينا الخوف. ونفترق كل واحد منا يذهب في طريق. ونتواصل من خلال الجوال. (زهير) يفرك بكلتا يديه وهو يقول: حسنًا لنتوكل على الله. افترق الأصدقاء. على أمل أن يجدوا ضالتهم. وكل واحد منهم يمسك بجواله.
أخذ (جواد) اتجاه اليسار. و(محمود) اليمين و(زهير) تقدم في وسط المزرعة. وبعد فترة وجيزة. و(زهير) يتخطى الشجر والعشب. يلمح طريقًا يبسًا وكأنه طريق تسير في السيارات. يتجه نحوه. يسير ويسير. وعينه على الجوال لعل أحد أصدقائه يتصل. لمحت له ساحة من خلف الأشجار فدقق النظر. وإذا بسيارة قديمة بالية نبتت الأعشاب فيها. وبجانبها مبنى مصنوع من الطابوق وسقفه من سعف النخيل. اقترب قليلًا مع الحذر الشديد. وإذا به يسمع صوت همس وأنين يصدر من ذلك المكان. انتابه الهلع الشديد. استلقى على الأرض واختفى بين الأعشاب. وأمسك بجواله ليتصل بأصدقائه. بلع ريقه الذي كاد أن يجف في فمه. والمفاجأة التي لم يكن يتمناها؛ لا يوجد إشارة اتصال في الجوال. حاول رفعه للأعلى لعله يلتقط إشارة. حاول مرة أخرى دون جدوى. وفي هذه الأثناء سمع صوت سيارة قادمة فاسترق النظر. وإذا بسيارة تقف خلف المبنى. وينزل منها جموع من الرجال. يخفض رأسه لكيلا يشعروا به. ارتعدت فرائسه. ابتل جسمه بالعرق. تسارعت دقات قلبه. لا يعرف ما يصنع. لا يمكنه التحرك من مكانه. سمع ضحكات متقطعة. وأحاديث لا يمكنه فهم شيء منها.
أخذ يحاول في التقاط إشارة في الجوال، وفي هذه المرة ينجح، يتصل بصديقه (جواد). (جواد) يقف عندما سمع الجوال. يجيب وهو يلتفت يمينًا وشمالًا: ألو، ألو، (زهير) أنا لا أسمعك جيدًا. فصوتك يتقطع. (زهير) يحاول الكلام، ولكن إشارة أبراج الجوال ضعيفة، (جواد) هل تسمعني. (جواد): نعم الآن أسمعك، لماذا تتحدث بصوت منخفض؟ هل أنت بخير؟ (زهير) وجدت المكان الذي يلتقون فيه. وأنا بالقرب منهم إنه وسط المزرعة. اتصل بالشرطة حالًا. اطلب المساعدة. بسرعة. انقطع الاتصال. (جواد) تجمد مكانه، وهو ينظر إلى الجوال، لا يعلم ما يصنع. يحاول الاتصال بـ(زهير) ولكن لا توجد عنده إشارة. يتصل بـ(محمود). يجيبه: محمود أين أنت الآن؟ تعال بسرعة. زهير وجد المكان. (محمود) حالًا. (جواد) يتصل بالشرطة، ويخبرهم بالمكان المشبوه.
التقى (جواد) مع (محمود). (جواد): لقد طلبت الشرطة. هيا بنا نجد (زهير).
أما (زهير) فلاحظ أن المكان أصبح هادئًا، لا يسمع تلك الأصوات من الأنين أو الأحاديث. وقف بحذر يراقب المكان. لا شيء سوى صوت الرياح. تحرك نحو المبنى. وإذا بروائح كريهة تخرج من ذلك المكان. يطل برأسه من نافذة صغيرة من على جانب المبنى لم يكن عليها شباك. يدقق النظر، صدم مما رأى. وضع يده على فمه. شباب ملقون على الأرض وقد تلطخت ثيابهم بالدماء. وبجانبهم بعض الإبر وبعض العلب الزجاجية الفارغة. والصدمة التي هزت بدنه وجعلته يشهق. أنه وجد صديق الطفولة (عبد العزيز) ساندًا ظهره للحائط ورقبته متدلية على كتفه الأيمن. وحالته لا يمكن أن توصف. وإذا به يصرخ دون شعور مما يدور من حوله. وينادي (عبد العزيز) ويقتحم المكان ويصل إليه. جلس بجانبه. يحركه. ولكنه لا يتحرك، بل سقط على جانبه الأيمن. من هول ما رأى صرخ بأعلى صوته: لا، لا، لا! ودموعه تنحدر من عينيه. ولحظات وإذا بصوت من إحدى الغرف ينادي. من هناك؟ من هناك؟ وبسرعة يقف (زهير) يحاول الهرب. يقف خلف جدار. وهو يلهث من شدة الخوف.
يخرج شخص من الغرفة وهو يصرخ: من هناك؟ وإذا به يطلق طلقات من سلاحه، من شدة صوتها وضع (زهير) كلتا يديه على أذنيه. وهو يرتعش كما ترتعش السعفة من شدة الرياح.
أما (جواد) و(محمود) فتحركا بعجل نحو وسط المزرعة. وقبل وصولهما سمعا صوت سيارات الشرطة تدوي المكان ويتبعها طلقات النار. وقفا متجمدين من قوة الصوت. فهو قريب منهما. وتكرر صوت الطلقات. فحاولا الإسراع للوصول.
وصلا للمكان وهو محاط من جميع الجهات بسيارات الشرطة. فوقفا متحيرين! وفي نفس الوقت قلقين على صديقهما (زهير). التفت إليهم أحد رجال الشرطة. وقال لهم المكان غير آمن تحركا بسرعة. قال له (جواد): إن صديقنا موجود هنا. سكت الشرطي وأشار بيده بأن يتراجعا بسرعة.
استمر الحال أكثر من ساعة. والهدوء يعم المكان بعد المداهمات التي عملها رجال الأمن للموقع. وجاءت سيارات الإسعاف. والحيرة تسيطر على الأصدقاء. لا يعلمون ما يجري وكيف هو حال صديقهم (زهير). أمر رجال الشرطة المسعفون بالدخول للمكان. وفي لحظات تم إخراج بعض الشباب على السرير الطبي الواحد بعد الآخر. والبعض كان مقيدًا بالأغلال في يديه ورجليه. لم يتحملوا ما رأت أعينهم. شيء يفوق الخيال! شيء لم يروه إلا في الأفلام الأجنبية. هدأ المكان. (جواد) يقترب من رجل الأمن. يسأله: أين صديقنا. هل تم إخلاء المكان؟ رجل الأمن: نعم تم إخلاء المكان وإخراج المصابين واعتقال البقية. (جواد): لكننا لم نر صديقنا. رجل الأمن: لقد أصيب بطلق ناري من قبل المشتبه بهم. وتم نقله من قبل المسعفين مع البقية.
صمت (جواد) وكاد أن يقع من هول ما سمع. نظر إلى (محمود) والخوف يسيطر عليه. واضعًا يده على رأسه. وصاح: يجب أن نرى صديقنا.
توجها ناحية سيارة الإسعاف. لتكون الصاعقة الكبرى عندما وجدا صديقهما (زهير) ملطخًا بالدماء. فاتحًا عيناه ينظر للأعلى دون حراك. حاول (جواد) الدخول للسيارة. فمنعه رجل الإسعاف. وأقفل الباب. لتتحرك السيارة تاركة خلفها (جواد) و(محمود) يصارعان الحزن الذي خيم عليهما.
انتهت هذه العملية بتطهير القرية من جماعة تهريب وترويج المخدرات التي سلبت أعمار ثلة من شباب القرية. وراح ضحيتها أعز الأصدقاء (زهير) الذي ضحى بنفسه ليستعيد صديقه (عبد العزيز) الذي غرر به من قبل المروجين والمخربين. ليصبح في قبضة رجال الأمن ليحاكم هو ومن معه من الذين تورطوا في تعاطيهم الممنوعات التي سرقت مستقبلهم الذي طالما حلموا به.
فعم الحزن على أهل القرية من هذا المصاب الجلل. أما (جواد) فأصبح حبيس الدار لا يستطيع الخروج من منزله ولا يرى أصدقاءه. فأصابه الخوف والكآبة. يجلس مع أمه يتحدث عن (زهير) كثيرًا ودموعه تنهمر من عينيه. ويقول لعل هذا الذي حصل هو حلم. نعم إنه حلم. أريد أن أستيقظ ليتبدد هذا الكابوس المزعج. تحاول أمه أن تسليه وتخفف عنه هذا الألم. إن صديقك (زهير) رحل واستقبلته الملائكة ليكون في الجنان ويتمتع بنعيمها. يرفع (جواد) رأسه وكأنه ينظر إلى السماء. ويتنهد: نعم يا أمي لقد حلقت روحه في السماء، لطالما تمنى أن يكون طيارًا ليسافر. وها هو الآن سافر دون رجعة. ينفجر بالبكاء ويضع رأسه في حجر أمه. تمسح الأم الحنونة بيدها على رأسه. وتقول ليكون الله في عونك وعون أهله في مصابهم. إنا لله وإنا إليه راجعون.
زهير: ما هي المفاجأة التي ننتظرها يا جواد لقد شوقتني لها؟ محمود: أتمنى أن تكون المفاجأة كبيرة. جواد: نعم إنها كبيرة، نحن ننتظر صديقنا القديم يعود لنا من جديد. ينظر محمود إلى زهير بكل اندهاش ويقول بتعجب: صديقنا القديم؟ هل تقصد! ويصمت. وهو يدير عينيه إلى زهير وجواد.
يقاطعه جواد: نعم إنه عبد العزيز، وسوف يحضر بعد قليل. زهير والفرحة تغمره هل هذا صحيح؟ وكيف؟ وماذا جرى؟ جواد أخبرهم بما حصل بالليل عندما جاءه عبد العزيز ووعده بعودته إليهم. زهير: هل أنت جاد؟ جواد: ننتظر قليلًا لنرى. مضت أكثر من ساعة والانتظار سيد الموقف. والأصدقاء يترقبون القدوم. ولكن طالت المدة. بدأ جواد يقلق ويرى في أعين أصدقائه الخوف من شيء ما.
زهير: وهو ينظر إلى جواد: كم من الوقت ننتظر؟ مضت ساعتان ونحن على هذا الحال. جواد بانفعال: وما يدريني أنا؟ ننتظر وفقط! محمود اقترب من جواد وهو يقول: لعل أمر عبد العزيز لم يتغير. وأنه كذب عليك كما كذب على زهير من قبل. ليأخذ المال. جواد بدا متوترًا من هذا الموقف سأتصل به. اتصل جواد. يرن. يرن. يرن.. ولكن دون جواب. كرر الاتصال. ولكن دون جواب. وثالثة ورابعة. توتر جواد وبدأ يتصبب عرقًا. وكأنه بركان يريد أن ينفجر. وأخذ يتمتم بكلمات. وهو يمسك بالجوال لعله يجد جوابًا. ولكن دون جدوى.
زهير: أرجوك يا جواد كف عن هذا. يبدو أننا خدعنا. جواد: سوف أتصل به حتى أجد الجواب من عنده. ويستمر جواد بالاتصال. وهذه المرة يجيب. اقترب الأصدقاء من جواد: ألو، ألو، عبد العزيز، عبد العزيز! هل تسمعني؟ أين أنت؟ لماذا لم تحضر كما وعدتني؟ وكانت الصاعقة على الجميع أن المتكلم ليس عبد العزيز. وهو يقول: أنت! لماذا هذا الإزعاج؟ إني أحذرك إن اتصلت مرة أخرى بهذا الجوال. صمت جواد، ثم أردف قائلًا: أنا أتصل بصديقي عبد العزيز، من أنت؟ أجابه بصوت خشن: اسمع ما أقوله لك: عبد العزيز لن يعود إليكم أبدًا وهو معنا ويحصل على كل ما يحتاجه. جواد: ولكن عبد العزيز هو من يريد ترككم ويعود إلينا. وإذا بضحكات عالية. ومن بينهم عبد العزيز وهو يقول: سلام يا صديقي القديم. صمت الجميع! جواد ينادي عبد العزيز: هل أنت معهم؟ أين وعدك لي؟ عبد العزيز يرد بضحكات استهزائية ويقول: ما رأيك بتمثيلي؟ هل أجيد التمثيل؟ هههههه. ويغلق خط الجوال، ليترك الأصدقاء في حيرة من أمرهم.
زهير يقترب من جواد ويضع يده على كتفه ويقول: لا عليك يا صديقي أنت فعلت ما بوسعك. ولكن هذا الطريق كل من دخله صعب الخروج منه، نسأل الله تعالى له الهداية. دعنا نعود! عاد الأصدقاء لمنازلهم وخيبة الأمل من عودة عبد العزيز كانت كبيرة. مضت الأيام والأسابيع والشهور. تخرج الأصدقاء في الثانوية وبقي (عبد العزيز) في طريقه المجهول وهو يعتقد أنه حصل على كل شيء كان يتمناه. لم يستطع أحد من الاقتراب منه لتقديم النصيحة، فقد تغير حاله إلى شخصية يمكننا القول عنها بأنها متوحشة. حتى أبيه وأمه لم يسلما منه. أما أبوه فقد أسود وجهه في القرية من فعل ابنه. ولكن لم يستطع فعل أي شيء خاصة ردة فعل (عبد العزيز) من أبيه فأصبح يهدده ويعلو صوته عليه. وأما أمه فأصابها المرض والوهن منذ أن صعقت بمعرفتها إلى أين يتجه (عبد العزيز) فكانت تترجاه أن يترك هذا الطريق. ولكن من دون جدوى. فأصبحت حبيسة الدار لا تخرج منه خشية كلام الناس.
وفي يوم من الأيام حيث بدأت الإجازة المدرسية والأصدقاء مع بعضهم البعض في بيت (زهير) وإذا بجوال (جواد) يرن. ينظر إليه باستغراب لأن الرقم غريب. ينظر إلى أصدقائه وهو يقول: من هذا المتصل؟ يقترب (زهير ومحمود) منه. ويقول (زهير): أجب لنرى من المتصل؟ يجيب (جواد) على الاتصال: ألو، ألو، لا يسمع صوت! ينظر إلى أصدقائه بتعجب! ثم يدني الجوال من أذنه. ويردد: ألو، ألو، وفجأة يسمع صوتًا مبحوحًا: ابني جواد هل تسمعني؟ تفاجأ (صمت قليلًا وهو ينظر إلى أصدقائه، ازدادت الدهشة!)، يقرب الجوال مرة أخرى. ويسمع "ابني جواد!". بصوت ضعيف من (جواد): نعم أنا جواد، من المتكلم؟ أنا أم عبد العزيز. هل هو عندكم؟ (جواد): لا ليس معنا. سمع (جواد) شهقة من أم عبد العزيز وصرخت إذًا أين هو؟ لم يعد للبيت منذ ثلاثة أيام. ولا نعرف عنه أي شيء. يقف (جواد) من هول ما سمع. وقف معه (محمود وزهير). وبحركة لا إرادية أقفلت (أم عبد العزيز) الجوال لتضع الأصدقاء في حيرة شديدة. (زهير) وهو ينظر بعينين شاخصتين ما الذي حصل؟ (جواد) ما زال ينظر إلى شاشة الجوال بصمت مهول وكأنه أصابه ماس كهربائي لا يستطيع الحركة. يلتفت نحو الأصدقاء. عبد العزيز مفقود منذ ثلاثة أيام. بينما هم على هذه الحال. وإذا بجميع الجولات تصدر إشعارات متتالية في نفس الوقت، كل واحد منهم ينظر إلى جواله، فإذا هو خبر عاجل تناقلته وسائل التواصل "فقد شاب منذ ثلاثة أيام ولا يعرف عنه شيء!
نظر الثلاثة إلى بعضهم البعض والقلق يسيطر عليهم من المصير المجهول الذي حل بصديقهم (عبد العزيز). صمتوا جميعًا وكأن على رؤوسهم الطير. (جواد) يكسر حاجز الصمت: يجب أن نبحث عنه. (زهير) وأين نبحث؟ وأين نتجه؟ (محمود): سوف أتصل به، يمسك بجواله، ويتصل، فيأتيه الجواب بالرد الآلي: إن الرقم المطلوب لا يمكن الاتصال به الآن. يحاول مرة أخرى. ويأتيه نفس الجواب ثانية. وثالثة. ورابعة. وكأنه أصابته الهستيريا. لا يعرف ما يصنع. يمسك (زهير) يد (محمود): توقف لا يمكن الوصول له هكذا.
انتشر الخبر في أرجاء القرية. وخيم عليها الحزن لمصير (عبد العزيز) فشكل الشباب فرقًا للبحث عنه في كل مكان مع الشرطة. استمرت الفرق تبحث عنه لمدة يومين. ولكن من دون أي فائدة. فشاعت أخبار كثيرة عن مصير (عبد العزيز) منها من يقول بأنه سافر. وأخرى أنه قد مات. وغيرها من الإشاعات التي أصبحت حديث المجالس والديوانيات، وفي كل بيت. أما عائلة (عبد العزيز) فالله وحده يعلم ما هو حالهم. فالأب أصبح يمشي ويكلم نفسه بحالة هستيرية وهو ينادي على (عبد العزيز). والأم المسكينة نقلت للمستشفى فقد وقعت مغشيًا عليها وهي ترقد بالعناية المركزة. الأصدقاء اتفقوا على مواصلة البحث. فقال (جواد) لأصدقائه: لقد سمعت أبي يقول بأن (عبد العزيز) يجتمع مع رفاق السوء في إحدى المزارع المهجورة في أطراف المدينة. وهذا لمكان لم تصل إليه فرق البحث. بعد الظهر اجتمع الأصدقاء. وفي قرارة أنفسهم أنهم سوف يجدون صديقهم ويعودون به للديار. انطلق الأصدقاء نحو تلك المزارع التي تبعد عن القرية قرابة الساعة. لم يدر حوار بينهم أبدًا. إنما الصمت كان سيد الموقف. وصلوا المنطقة، فكانت موحشة، وخالية من السكان. وتحيطها جذوع النخيل اليابسات. وطول الأعشاب. ونعيق الغربان. ونباح الكلاب.
شعر الأصدقاء بريبة وخوف شديد. وكأنهم وسط مدينة الأشباح. لم يتقدم منهم أحد خطوة واحدة. وكأنهم تجمدوا مكانهم. نظر بعضهم إلى بعض وكأن لسان حالهم يقول: من يتقدم؟ (جواد) يزفر زفرة من فمه للأعلى. وكأنه يستجمع قواه. ويقول: علينا أن نكون شجعانًا ولا يسيطر علينا الخوف. ونفترق كل واحد منا يذهب في طريق. ونتواصل من خلال الجوال. (زهير) يفرك بكلتا يديه وهو يقول: حسنًا لنتوكل على الله. افترق الأصدقاء. على أمل أن يجدوا ضالتهم. وكل واحد منهم يمسك بجواله.
أخذ (جواد) اتجاه اليسار. و(محمود) اليمين و(زهير) تقدم في وسط المزرعة. وبعد فترة وجيزة. و(زهير) يتخطى الشجر والعشب. يلمح طريقًا يبسًا وكأنه طريق تسير في السيارات. يتجه نحوه. يسير ويسير. وعينه على الجوال لعل أحد أصدقائه يتصل. لمحت له ساحة من خلف الأشجار فدقق النظر. وإذا بسيارة قديمة بالية نبتت الأعشاب فيها. وبجانبها مبنى مصنوع من الطابوق وسقفه من سعف النخيل. اقترب قليلًا مع الحذر الشديد. وإذا به يسمع صوت همس وأنين يصدر من ذلك المكان. انتابه الهلع الشديد. استلقى على الأرض واختفى بين الأعشاب. وأمسك بجواله ليتصل بأصدقائه. بلع ريقه الذي كاد أن يجف في فمه. والمفاجأة التي لم يكن يتمناها؛ لا يوجد إشارة اتصال في الجوال. حاول رفعه للأعلى لعله يلتقط إشارة. حاول مرة أخرى دون جدوى. وفي هذه الأثناء سمع صوت سيارة قادمة فاسترق النظر. وإذا بسيارة تقف خلف المبنى. وينزل منها جموع من الرجال. يخفض رأسه لكيلا يشعروا به. ارتعدت فرائسه. ابتل جسمه بالعرق. تسارعت دقات قلبه. لا يعرف ما يصنع. لا يمكنه التحرك من مكانه. سمع ضحكات متقطعة. وأحاديث لا يمكنه فهم شيء منها.
أخذ يحاول في التقاط إشارة في الجوال، وفي هذه المرة ينجح، يتصل بصديقه (جواد). (جواد) يقف عندما سمع الجوال. يجيب وهو يلتفت يمينًا وشمالًا: ألو، ألو، (زهير) أنا لا أسمعك جيدًا. فصوتك يتقطع. (زهير) يحاول الكلام، ولكن إشارة أبراج الجوال ضعيفة، (جواد) هل تسمعني. (جواد): نعم الآن أسمعك، لماذا تتحدث بصوت منخفض؟ هل أنت بخير؟ (زهير) وجدت المكان الذي يلتقون فيه. وأنا بالقرب منهم إنه وسط المزرعة. اتصل بالشرطة حالًا. اطلب المساعدة. بسرعة. انقطع الاتصال. (جواد) تجمد مكانه، وهو ينظر إلى الجوال، لا يعلم ما يصنع. يحاول الاتصال بـ(زهير) ولكن لا توجد عنده إشارة. يتصل بـ(محمود). يجيبه: محمود أين أنت الآن؟ تعال بسرعة. زهير وجد المكان. (محمود) حالًا. (جواد) يتصل بالشرطة، ويخبرهم بالمكان المشبوه.
التقى (جواد) مع (محمود). (جواد): لقد طلبت الشرطة. هيا بنا نجد (زهير).
أما (زهير) فلاحظ أن المكان أصبح هادئًا، لا يسمع تلك الأصوات من الأنين أو الأحاديث. وقف بحذر يراقب المكان. لا شيء سوى صوت الرياح. تحرك نحو المبنى. وإذا بروائح كريهة تخرج من ذلك المكان. يطل برأسه من نافذة صغيرة من على جانب المبنى لم يكن عليها شباك. يدقق النظر، صدم مما رأى. وضع يده على فمه. شباب ملقون على الأرض وقد تلطخت ثيابهم بالدماء. وبجانبهم بعض الإبر وبعض العلب الزجاجية الفارغة. والصدمة التي هزت بدنه وجعلته يشهق. أنه وجد صديق الطفولة (عبد العزيز) ساندًا ظهره للحائط ورقبته متدلية على كتفه الأيمن. وحالته لا يمكن أن توصف. وإذا به يصرخ دون شعور مما يدور من حوله. وينادي (عبد العزيز) ويقتحم المكان ويصل إليه. جلس بجانبه. يحركه. ولكنه لا يتحرك، بل سقط على جانبه الأيمن. من هول ما رأى صرخ بأعلى صوته: لا، لا، لا! ودموعه تنحدر من عينيه. ولحظات وإذا بصوت من إحدى الغرف ينادي. من هناك؟ من هناك؟ وبسرعة يقف (زهير) يحاول الهرب. يقف خلف جدار. وهو يلهث من شدة الخوف.
يخرج شخص من الغرفة وهو يصرخ: من هناك؟ وإذا به يطلق طلقات من سلاحه، من شدة صوتها وضع (زهير) كلتا يديه على أذنيه. وهو يرتعش كما ترتعش السعفة من شدة الرياح.
أما (جواد) و(محمود) فتحركا بعجل نحو وسط المزرعة. وقبل وصولهما سمعا صوت سيارات الشرطة تدوي المكان ويتبعها طلقات النار. وقفا متجمدين من قوة الصوت. فهو قريب منهما. وتكرر صوت الطلقات. فحاولا الإسراع للوصول.
وصلا للمكان وهو محاط من جميع الجهات بسيارات الشرطة. فوقفا متحيرين! وفي نفس الوقت قلقين على صديقهما (زهير). التفت إليهم أحد رجال الشرطة. وقال لهم المكان غير آمن تحركا بسرعة. قال له (جواد): إن صديقنا موجود هنا. سكت الشرطي وأشار بيده بأن يتراجعا بسرعة.
استمر الحال أكثر من ساعة. والهدوء يعم المكان بعد المداهمات التي عملها رجال الأمن للموقع. وجاءت سيارات الإسعاف. والحيرة تسيطر على الأصدقاء. لا يعلمون ما يجري وكيف هو حال صديقهم (زهير). أمر رجال الشرطة المسعفون بالدخول للمكان. وفي لحظات تم إخراج بعض الشباب على السرير الطبي الواحد بعد الآخر. والبعض كان مقيدًا بالأغلال في يديه ورجليه. لم يتحملوا ما رأت أعينهم. شيء يفوق الخيال! شيء لم يروه إلا في الأفلام الأجنبية. هدأ المكان. (جواد) يقترب من رجل الأمن. يسأله: أين صديقنا. هل تم إخلاء المكان؟ رجل الأمن: نعم تم إخلاء المكان وإخراج المصابين واعتقال البقية. (جواد): لكننا لم نر صديقنا. رجل الأمن: لقد أصيب بطلق ناري من قبل المشتبه بهم. وتم نقله من قبل المسعفين مع البقية.
صمت (جواد) وكاد أن يقع من هول ما سمع. نظر إلى (محمود) والخوف يسيطر عليه. واضعًا يده على رأسه. وصاح: يجب أن نرى صديقنا.
توجها ناحية سيارة الإسعاف. لتكون الصاعقة الكبرى عندما وجدا صديقهما (زهير) ملطخًا بالدماء. فاتحًا عيناه ينظر للأعلى دون حراك. حاول (جواد) الدخول للسيارة. فمنعه رجل الإسعاف. وأقفل الباب. لتتحرك السيارة تاركة خلفها (جواد) و(محمود) يصارعان الحزن الذي خيم عليهما.
انتهت هذه العملية بتطهير القرية من جماعة تهريب وترويج المخدرات التي سلبت أعمار ثلة من شباب القرية. وراح ضحيتها أعز الأصدقاء (زهير) الذي ضحى بنفسه ليستعيد صديقه (عبد العزيز) الذي غرر به من قبل المروجين والمخربين. ليصبح في قبضة رجال الأمن ليحاكم هو ومن معه من الذين تورطوا في تعاطيهم الممنوعات التي سرقت مستقبلهم الذي طالما حلموا به.
فعم الحزن على أهل القرية من هذا المصاب الجلل. أما (جواد) فأصبح حبيس الدار لا يستطيع الخروج من منزله ولا يرى أصدقاءه. فأصابه الخوف والكآبة. يجلس مع أمه يتحدث عن (زهير) كثيرًا ودموعه تنهمر من عينيه. ويقول لعل هذا الذي حصل هو حلم. نعم إنه حلم. أريد أن أستيقظ ليتبدد هذا الكابوس المزعج. تحاول أمه أن تسليه وتخفف عنه هذا الألم. إن صديقك (زهير) رحل واستقبلته الملائكة ليكون في الجنان ويتمتع بنعيمها. يرفع (جواد) رأسه وكأنه ينظر إلى السماء. ويتنهد: نعم يا أمي لقد حلقت روحه في السماء، لطالما تمنى أن يكون طيارًا ليسافر. وها هو الآن سافر دون رجعة. ينفجر بالبكاء ويضع رأسه في حجر أمه. تمسح الأم الحنونة بيدها على رأسه. وتقول ليكون الله في عونك وعون أهله في مصابهم. إنا لله وإنا إليه راجعون.