23 , مايو 2025

القطيف اليوم

الصحة نعمة جليلة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها!

لو كانت الصحة سلعة تباع في الأسواق، كم يكون ثمنها؟ مليون، عشرة ملايين، مليار؟ هل من يبيع صحته بأيّ ثمن؟ من أنتم في عمري أتذكرون يوم كنتم شبانًا تجرون مثل الأحصنة الشاردة في ميادين السباق، لا تشكون وجعًا ولا ألمًا؟ 

في سنوات الصغر تعلمنا جملة مفيدة وكانت معلقة على حيطان صفوف الدراسة. الجملة المفيدة هي: "الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى". في تلكم السنوات تمر الأيام متشابهة ولم تعنِ الجملة المفيدة شيئًا يذكر حتى جاءنا الزمان الذي قال عنه الشاعر:
ذاك زمانٌ لعبنا به .. وهذا زمانٌ بنا يلعبُ

نِعمٌ كثيرة لا نعرف قيمتها إلا حين تذهب؛ نظن أن الصحةَ تدوم ثم نمرض، نجزم أن المالَ لا ينقطع فيأتي الفقر، نظنّ الأيام تبقى ثم تمضي، ما كنا نحسب أبدًا حسابًا لزمان نشتكي فيه لصديق ما بنا من وجع ويشتكي لنا ما به من وجع. ظننا أن الأيام تسير بنا سهلة المركب سلسة القياد فإذا هي "تقلب لنا ظهر المجن" وترينا الوجه الآخر. ليس بالضرورة أن تكون كبير السنّ لكي تفقد الصحة فكم من شابّ وشابة يرقدون في المشافي طلبًا للصحة والعافية؟ إنما غالبًا ما في سنوات الكبر، مع تقدم العمر، تظهر بوضوح "غلاوة" وقيمة الصحة.  

الصحة تاج وأيّ تاج هي؟ أثمن التيجان! المال دون صحة لا يفيد شيئًا! "يا أبا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ". متى تجتمع لنا هاتان النعمتان؟ الصحة والفراغ؟ إنهما تجتمعان في سنوات الشباب؛ سنوات الطيش والغرور والغفلة! ثم كما يقول المثل العربي: "بعد السَكرة تأتي الفكرة": 
ذهب الشبابُ فما له من عودة .. وأتى المشيبُ فأين منه المهرب
ضيفٌ ألمَّ إليكَ لم تحفل به .. فَتَرى له أَسَفًا وَدَمْعًا يسْكُبُ

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أصبح معافى في جسده آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا". الحمد لله على نعمه؛ نحن نرزح تحت ظلال هذه النعم الثلاث؛ الصحة والأمن والغنى، وكم في الناس من يطوف الأرض طولًا وعرضًا لعله يحصل على واحدةٍ من الثلاث!

التفاتة: فرصة سانحة أن نغير بعض عاداتنا الصحية في الطقس المعتدل؛ نكثر من الحركة ونترك الكسل والخمول ومن يدخن يتوقف عن هذه العادة المذهبة للصحة والمتلفة للمال دون منفعة! الصحة لا يمكن التنبؤ بها والشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو الوقاية وحماية أنفسنا من الأمراض قدر ما نستطيع وقدر ما أعطانا الله من قدرة على ذلك وكلّ ذلك بيده سبحانه وتعالى!


error: المحتوي محمي