
قال عبدالله: دعني أحدثك عن أجواء البيت بعد خروجي من المستشفى. ابتسمت وقلت له: هل عملوا لك حفلة؟ ضحك وقال: كان من المفترض أن يكون اليوم الثاني من خروجي هو يوم عيد الفطر، ولكن لم يثبت رؤية الهلال. تساءلت مع نفسي هل أصوم أو ماذا أعمل؟ في صباح ذلك اليوم جاءت أختي وقالت: حان وقت إبرة الإنسولين. أخذت الإبرة وإذا بي أرى وجبة فطور. قلت كيف آكل ونحن مازلنا في شهر رمضان؟! قالت أمي: هذا اليوم هو آخر يوم وأنت لا تزال مريضًا وليس عليك حرج. قالت أختي : هيا عليك أن تأكل قبل أن تصاب بهبوط في السكر، ألا تذكر كلام الطبيب؟ تناولت وجبة الفطور وأنا غير مرتاح نفسيًا؛ كيف آكل وأنا في شهر رمضان.
جاء وقت الغداء، وإذا بي أرى وجبة غداء قد جهزتها أمي. قلت يا أمي كيف آكل وأنتم صائمون؟! قالت: ادخل الغرفة وتناول وجبتك. لم أصدق أن ينتهي هذا اليوم، لقد كنت محرجًا من بقية إخوتي، هم صائمون وأنا آكل وأشرب!
وجاء يوم العيد وهنا كان الامتحان الأصعب، حيث الحلويات والمشروبات الغازية، كيف سأتصرف أمام هذا التحدي؟ هل أخالف تعليمات الطبيب؟ هل آكل مع بقية إخوتي؟ كانت الأجواء تدعوني لكي أتحرر من قيود السكري وأعيش ذلك اليوم كبقية الأطفال، ولكن ولله الحمد بقيت صامدًا وتجاوزت هذه المرحلة ومن يومها وأنا ملتزم بمقاطعة الحلويات إلا في الضرورة القصوى.
لا أنسى أن أذكر لك كيف كانت أمي تنظر لي عندما تقوم أختي بحقني بإبرة الإنسولين، كانت تقول: اشوي اشوي على إيد أخوك لا يتعور، ثم تسألني هل تعورك (تؤلمك)؟! كنت أقول لها: لا، فقط وخزة.
بعد شهر من التدريب على حقنة الإنسولين صرت آخذ العلاج بنفسي، وبشكل منتظم. لم تكن في حينا (الديرة، الشويكة) بقالة تبيع ما يتناسب مع حالة مريض السكري، حتى سمعت من أحد الأقارب أن هناك بقالة في منطقة الرابعة بالقرب من مصنع ثلج أبوالسعود والعرفج (بقالة عبد الجبار) لديهم ركن خاص بالمأكولات الخاصة بمرضى السكري.
ذهبت مع عائلتي ووجدت جميع ما أحتاج من مأكولات (عصيرات دون سكر، خبر بر، سكر خاص بالسكري، وغيرها) لكن أسعارها غالية نوعًا ما، ولكن وجدت ما يسد النقص.
رجعنا للمدرسة وهنا كانت الأجواء أصعب كيف سأقضي يومي؟ كنت أخاف أن أصاب بالهبوط، لا يوجد بالمقصف المدرسي مأكولات مناسبة لحالتي. وصرت أحضر معي وجبة فطور صحية، سندويتش وعصير دون سكر. جاء أحد المدرسين وسألني: أهلًا عبدالله كيف أصبت بالسكري؟! كان سؤاله سؤال المتعجب كما قلت لك بأن سكري الأطفال لم يكن مشهورًا كسكري الكبار أو ما يسمى بالنوع الثاني.
في المدرسة الابتدائية تلقيت احترامًا وتقديرًا وحبًا من إدارة المدرسة (الأستاذ القدير عبدالعظيم العسيف) وبقية المدرسين، كانوا ينظرون إلي ويقولون عبدالله (الطالب المؤدب، المجتهد) كان بعضهم يسألني إن كنت أحتاج أي مساعدة أو إذا كنت أشعر بأي أعراض للهبوط، حتى انتهت هذه المرحلة وكنت قد تعايشت مع السكري نفسيًا وغذائيًا وصحيًا.
انتقلت للمرحلة المتوسطة في مدرسة ابن كثير وكانت الأجواء مختلفة نوعًا ما عن الابتدائية، ولكن مدير المدرسة (الأستاذ القدير حبلان الصفار جزاه الله خيرًا) مع مجموعة من المدرسين كان لهم دور كبير في التأقلم والتعايش مع السكري بحيث لم أشعر بأي أعراض أو مضاعفات للسكري. سألته: وماذا عن المواعيد؟ قال عبدالله: نعم كنت حريصًا على حضور المواعيد في مركز صحي الشويكة، وكان الدكتور (عبدالكريم) سوري الجنسية يقوم بتجديد العلاج والمتابعة الروتينية.
هكذا انتهت مرحلة الابتدائية والمتوسطة بكل هدوء، كنت خلالها أتعايش مع السكري، وأعيش حياتي بشكل عادي. لا أنسى أن أخبرك كنت خلال تلك السنوات أبيع الحليب عند مسجد الشيخ علي المرهون. وأحضر المناسبات الدينية، وألعب مع الأصدقاء بشكل عادي جدًا.
حتى جاءت مرحلة الثانوية، وهنا بدأ الجد، بدأت الحياة تأخذ منحنى آخر. وبالتحديد في الصف الثالث الثانوي، كان مساري (علمي) وكان بعض المدرسين ينصحوننا بالمذاكرة ولكن بطريقة (تخويف) والبعض كان يضغط علينا ظنًا منه أن هذا هو الأسلوب الصحيح في التدريس، كنت أعيش حالة من التأزم والقلق وعدم الراحة في تلك السنة، حتى جاءت اختبارات الفصل الأول. لم تكن أسئلة بعض المواد العلمية سهلة. كنت متوترًا، خائفًا من النتيجة حتى حدثت الصدمة.
استلمت النتيجة، لقد نجحت في جميع المواد ولكن الصدمة أن المعدل كان في الثمانينات. نظرت للرقم. تنهدت. أرادت دموعي أن تنهمر ولكني حبستها حياء من بقية الطلاب. رجعت البيت حاملًا معي تلك الورقة، بل حاملًا معي همًا وغمًا ودموعي المحبوسة، وصرختي المكبوتة. استقبلني أخي الأكبر، أخذ مني الورقة، نظر للمعدل، ثم نظر إلي، فوجد وجهي شاحبًا. قال: اشرب ماء، ودعنا نذهب للمدرسة. قلت بصوت مبحوح وماذا نعمل لقد انتهى كل شيء؟ قال دعنا نذهب.
ذهبت مع أخي، كان غاضبًا، استقبلنا أحد المدرسين، رحب بنا، ولكن أخي قال غاضبا: لماذا لم تساعدوا الطلاب؟ انظر أهذه معدلات تؤهلهم لدخول الجامعة؟ أخذ المدرس الورقة، نظر إليها، ثم نظر إليّ وقال عبدالله شاطر وسيكون معدله في الفصل الثاني أعلى من هذا صدقني. قال أخي: ماذا تقول يا أستاذ أي معدل سيكون أعلى من هذا. تلك أسئلة الوزارة. هل تعي ما تقول. من خلال تجربتك. كيف يكون معدل الطلاب بعد امتحانات الوزارة؟ إن أغلب الطلاب معدلاتهم تنخفض. كان عليكم أن تساعدوا طلابكم لكي يحصلوا على أعلى المعدلات. قال المعلم: ماذا تقصد؟ هل نوزع عليهم أسئلة الاختبار مسبقًا؟! قال أخي وهو في قمة الغضب: لم أقل لك هذا ولكن كان عليكم أن تكون أسئلتكم أبسط وليس أعقد من أسئلة الوزارة. لماذا تتحدون الطلاب بهذه الأسئلة، حرام عليكم إن كل طالب سيبقى في البيت دون الحصول على مقعد جامعي ستكونون أنتم السبب في حرمانه. قال المعلم: اهدأ. نظر إليه أخي وقال: حرام عليكم، هؤلاء الطلاب هم إخوتكم هل تقبل أن يكون أخوك جالسًا في البيت دون جامعة. خرجت مع أخي من المدرسة. أردت أن أبكي. ولكن أخي قال: عليك أن تجتهد، والله يكتب لك الأفضل.
بدأ الفصل الدراسي الثاني، لم يكن سهلًا أمامنا تحد مستقبل جامعة. اقتربنا من نهاية الفصل الدرسي الثاني. جاء أحد المدرسين وقال: لدي لكم خبر جيد، إن جامعة البترول ستعمل اختبار قياس لطلاب الصف الثالث ثانوي (كان هذا أول اختبار قياس في المملكة) ومن يجتاز هذا الاختبار سيتم قبوله مباشرة بغض النظر عن معدله. حدد الأستاذ موعد الاختبار في الجامعة. ذهبت مع الأصدقاء لجامعة البترول، دون معرفة بنوعية وماهية اختبار القياس. وصلنا الجامعة ورأيت المواقف قد امتلأت بالسيارات، هذا يعني أن هناك المئات من الطلاب سيختبرون، هل سيكون لي نصيب واجتاز الاختبار؟ آمل ذلك.
دخلنا القاعة الممتلئة بالطلاب. تم شرح طريقة الاختبار، للأسف كانت طريقة الشرح بها (عنف). كل طالب يتبع التعليمات، وعندما تسمع اقلب الصفحة غير مسموح لك أن ترجع للصفحة السابقة. وهكذا كانت التعليمات العسكرية.
استلمت الورقة. أسئلة تحتاج إلى تفكير. لم أستطع أن أجيب عن جميع الأسئلة الوقت يمضي سريعًا، سمعت صوت المراقب. توقف. انتقل للجزء الثاني. ممنوع العودة للجزء السابق. ماذا أرى. ما هذه الأسئلة. كل طالب كان ينظر لورقته. كنت التفت بعيني يمنة ويسرة وأرى الطلاب في دهشة. انتهى الاختبار. ضع القلم هكذا نادى المراقب.
انتهت حفلة الرعب. وغادرنا قاعة (الفزع) بعد ثلاث ساعات كانت مليئة بالصراخ من قبل ذلك الموظف. صرنا في ساحة المواقف كنا نبحث عن صديقنا الذي أوصلنا للجامعة وأنا أشعر بصداع. والحمد لله أني تناولت فطوري في الصباح. لو لم أتناوله لأصبت بهبوط السكر. عدت للبيت والصداع يقتلني.
جهزت لي أمي وجبة الغداء. تناولتها ونمت. ولا يزال ذلك الصوت يتردد في أذني توقف لا تكتب شيئًا. نهضت من نومي وقلت: اللهم اجعله خيرًا.
اجتهدت في المذاكرة على أمل أن أحصل على معدل أفضل من معدل الفصل الأول، ولكن جاءت أسئلة الوزارة أصعب في بعض المواد. قال أحد الأصدقاء لن أكمل بقية الاختبارات. سوف أعيد السنة. نظرت إليه وقلت له: إن معدلك أفضل مني. لا تحرم نفسك سنة دراسية. توكل على الله وأكمل الامتحانات. قال: لا أتوقع أن أحصل على معدل أفضل. لم يحضر صديقي باقي الامتحانات. كنت مترددًا هل أعمل كما عمل صديقي؟!
انتهت الامتحانات واستلمت النتيجة وكانت الصدمة؛ لقد نزل معدلي عن السابق بدرجة. وبهذا المعدل سيكون قبولي في الجامعة صعبًا. خرجت من المدرسة وعند البوابة قلت: سامحكم الله.
للقصة بقية
جاء وقت الغداء، وإذا بي أرى وجبة غداء قد جهزتها أمي. قلت يا أمي كيف آكل وأنتم صائمون؟! قالت: ادخل الغرفة وتناول وجبتك. لم أصدق أن ينتهي هذا اليوم، لقد كنت محرجًا من بقية إخوتي، هم صائمون وأنا آكل وأشرب!
وجاء يوم العيد وهنا كان الامتحان الأصعب، حيث الحلويات والمشروبات الغازية، كيف سأتصرف أمام هذا التحدي؟ هل أخالف تعليمات الطبيب؟ هل آكل مع بقية إخوتي؟ كانت الأجواء تدعوني لكي أتحرر من قيود السكري وأعيش ذلك اليوم كبقية الأطفال، ولكن ولله الحمد بقيت صامدًا وتجاوزت هذه المرحلة ومن يومها وأنا ملتزم بمقاطعة الحلويات إلا في الضرورة القصوى.
لا أنسى أن أذكر لك كيف كانت أمي تنظر لي عندما تقوم أختي بحقني بإبرة الإنسولين، كانت تقول: اشوي اشوي على إيد أخوك لا يتعور، ثم تسألني هل تعورك (تؤلمك)؟! كنت أقول لها: لا، فقط وخزة.
بعد شهر من التدريب على حقنة الإنسولين صرت آخذ العلاج بنفسي، وبشكل منتظم. لم تكن في حينا (الديرة، الشويكة) بقالة تبيع ما يتناسب مع حالة مريض السكري، حتى سمعت من أحد الأقارب أن هناك بقالة في منطقة الرابعة بالقرب من مصنع ثلج أبوالسعود والعرفج (بقالة عبد الجبار) لديهم ركن خاص بالمأكولات الخاصة بمرضى السكري.
ذهبت مع عائلتي ووجدت جميع ما أحتاج من مأكولات (عصيرات دون سكر، خبر بر، سكر خاص بالسكري، وغيرها) لكن أسعارها غالية نوعًا ما، ولكن وجدت ما يسد النقص.
رجعنا للمدرسة وهنا كانت الأجواء أصعب كيف سأقضي يومي؟ كنت أخاف أن أصاب بالهبوط، لا يوجد بالمقصف المدرسي مأكولات مناسبة لحالتي. وصرت أحضر معي وجبة فطور صحية، سندويتش وعصير دون سكر. جاء أحد المدرسين وسألني: أهلًا عبدالله كيف أصبت بالسكري؟! كان سؤاله سؤال المتعجب كما قلت لك بأن سكري الأطفال لم يكن مشهورًا كسكري الكبار أو ما يسمى بالنوع الثاني.
في المدرسة الابتدائية تلقيت احترامًا وتقديرًا وحبًا من إدارة المدرسة (الأستاذ القدير عبدالعظيم العسيف) وبقية المدرسين، كانوا ينظرون إلي ويقولون عبدالله (الطالب المؤدب، المجتهد) كان بعضهم يسألني إن كنت أحتاج أي مساعدة أو إذا كنت أشعر بأي أعراض للهبوط، حتى انتهت هذه المرحلة وكنت قد تعايشت مع السكري نفسيًا وغذائيًا وصحيًا.
انتقلت للمرحلة المتوسطة في مدرسة ابن كثير وكانت الأجواء مختلفة نوعًا ما عن الابتدائية، ولكن مدير المدرسة (الأستاذ القدير حبلان الصفار جزاه الله خيرًا) مع مجموعة من المدرسين كان لهم دور كبير في التأقلم والتعايش مع السكري بحيث لم أشعر بأي أعراض أو مضاعفات للسكري. سألته: وماذا عن المواعيد؟ قال عبدالله: نعم كنت حريصًا على حضور المواعيد في مركز صحي الشويكة، وكان الدكتور (عبدالكريم) سوري الجنسية يقوم بتجديد العلاج والمتابعة الروتينية.
هكذا انتهت مرحلة الابتدائية والمتوسطة بكل هدوء، كنت خلالها أتعايش مع السكري، وأعيش حياتي بشكل عادي. لا أنسى أن أخبرك كنت خلال تلك السنوات أبيع الحليب عند مسجد الشيخ علي المرهون. وأحضر المناسبات الدينية، وألعب مع الأصدقاء بشكل عادي جدًا.
حتى جاءت مرحلة الثانوية، وهنا بدأ الجد، بدأت الحياة تأخذ منحنى آخر. وبالتحديد في الصف الثالث الثانوي، كان مساري (علمي) وكان بعض المدرسين ينصحوننا بالمذاكرة ولكن بطريقة (تخويف) والبعض كان يضغط علينا ظنًا منه أن هذا هو الأسلوب الصحيح في التدريس، كنت أعيش حالة من التأزم والقلق وعدم الراحة في تلك السنة، حتى جاءت اختبارات الفصل الأول. لم تكن أسئلة بعض المواد العلمية سهلة. كنت متوترًا، خائفًا من النتيجة حتى حدثت الصدمة.
استلمت النتيجة، لقد نجحت في جميع المواد ولكن الصدمة أن المعدل كان في الثمانينات. نظرت للرقم. تنهدت. أرادت دموعي أن تنهمر ولكني حبستها حياء من بقية الطلاب. رجعت البيت حاملًا معي تلك الورقة، بل حاملًا معي همًا وغمًا ودموعي المحبوسة، وصرختي المكبوتة. استقبلني أخي الأكبر، أخذ مني الورقة، نظر للمعدل، ثم نظر إلي، فوجد وجهي شاحبًا. قال: اشرب ماء، ودعنا نذهب للمدرسة. قلت بصوت مبحوح وماذا نعمل لقد انتهى كل شيء؟ قال دعنا نذهب.
ذهبت مع أخي، كان غاضبًا، استقبلنا أحد المدرسين، رحب بنا، ولكن أخي قال غاضبا: لماذا لم تساعدوا الطلاب؟ انظر أهذه معدلات تؤهلهم لدخول الجامعة؟ أخذ المدرس الورقة، نظر إليها، ثم نظر إليّ وقال عبدالله شاطر وسيكون معدله في الفصل الثاني أعلى من هذا صدقني. قال أخي: ماذا تقول يا أستاذ أي معدل سيكون أعلى من هذا. تلك أسئلة الوزارة. هل تعي ما تقول. من خلال تجربتك. كيف يكون معدل الطلاب بعد امتحانات الوزارة؟ إن أغلب الطلاب معدلاتهم تنخفض. كان عليكم أن تساعدوا طلابكم لكي يحصلوا على أعلى المعدلات. قال المعلم: ماذا تقصد؟ هل نوزع عليهم أسئلة الاختبار مسبقًا؟! قال أخي وهو في قمة الغضب: لم أقل لك هذا ولكن كان عليكم أن تكون أسئلتكم أبسط وليس أعقد من أسئلة الوزارة. لماذا تتحدون الطلاب بهذه الأسئلة، حرام عليكم إن كل طالب سيبقى في البيت دون الحصول على مقعد جامعي ستكونون أنتم السبب في حرمانه. قال المعلم: اهدأ. نظر إليه أخي وقال: حرام عليكم، هؤلاء الطلاب هم إخوتكم هل تقبل أن يكون أخوك جالسًا في البيت دون جامعة. خرجت مع أخي من المدرسة. أردت أن أبكي. ولكن أخي قال: عليك أن تجتهد، والله يكتب لك الأفضل.
بدأ الفصل الدراسي الثاني، لم يكن سهلًا أمامنا تحد مستقبل جامعة. اقتربنا من نهاية الفصل الدرسي الثاني. جاء أحد المدرسين وقال: لدي لكم خبر جيد، إن جامعة البترول ستعمل اختبار قياس لطلاب الصف الثالث ثانوي (كان هذا أول اختبار قياس في المملكة) ومن يجتاز هذا الاختبار سيتم قبوله مباشرة بغض النظر عن معدله. حدد الأستاذ موعد الاختبار في الجامعة. ذهبت مع الأصدقاء لجامعة البترول، دون معرفة بنوعية وماهية اختبار القياس. وصلنا الجامعة ورأيت المواقف قد امتلأت بالسيارات، هذا يعني أن هناك المئات من الطلاب سيختبرون، هل سيكون لي نصيب واجتاز الاختبار؟ آمل ذلك.
دخلنا القاعة الممتلئة بالطلاب. تم شرح طريقة الاختبار، للأسف كانت طريقة الشرح بها (عنف). كل طالب يتبع التعليمات، وعندما تسمع اقلب الصفحة غير مسموح لك أن ترجع للصفحة السابقة. وهكذا كانت التعليمات العسكرية.
استلمت الورقة. أسئلة تحتاج إلى تفكير. لم أستطع أن أجيب عن جميع الأسئلة الوقت يمضي سريعًا، سمعت صوت المراقب. توقف. انتقل للجزء الثاني. ممنوع العودة للجزء السابق. ماذا أرى. ما هذه الأسئلة. كل طالب كان ينظر لورقته. كنت التفت بعيني يمنة ويسرة وأرى الطلاب في دهشة. انتهى الاختبار. ضع القلم هكذا نادى المراقب.
انتهت حفلة الرعب. وغادرنا قاعة (الفزع) بعد ثلاث ساعات كانت مليئة بالصراخ من قبل ذلك الموظف. صرنا في ساحة المواقف كنا نبحث عن صديقنا الذي أوصلنا للجامعة وأنا أشعر بصداع. والحمد لله أني تناولت فطوري في الصباح. لو لم أتناوله لأصبت بهبوط السكر. عدت للبيت والصداع يقتلني.
جهزت لي أمي وجبة الغداء. تناولتها ونمت. ولا يزال ذلك الصوت يتردد في أذني توقف لا تكتب شيئًا. نهضت من نومي وقلت: اللهم اجعله خيرًا.
اجتهدت في المذاكرة على أمل أن أحصل على معدل أفضل من معدل الفصل الأول، ولكن جاءت أسئلة الوزارة أصعب في بعض المواد. قال أحد الأصدقاء لن أكمل بقية الاختبارات. سوف أعيد السنة. نظرت إليه وقلت له: إن معدلك أفضل مني. لا تحرم نفسك سنة دراسية. توكل على الله وأكمل الامتحانات. قال: لا أتوقع أن أحصل على معدل أفضل. لم يحضر صديقي باقي الامتحانات. كنت مترددًا هل أعمل كما عمل صديقي؟!
انتهت الامتحانات واستلمت النتيجة وكانت الصدمة؛ لقد نزل معدلي عن السابق بدرجة. وبهذا المعدل سيكون قبولي في الجامعة صعبًا. خرجت من المدرسة وعند البوابة قلت: سامحكم الله.
للقصة بقية