28 , مايو 2025

القطيف اليوم

«حمَّالُ ألوية».. الخنساء تصف أخاها صخر.. هل تعرف حامل لواء غيره!

القارئ الكريم والقارئة الكريمة: هل عندكمَا أخ أو أخت؟ حافظا على بعضكما!

أفتتح هذه الخاطرة بخالص الدعاء والرجاء من الله سبحانه وتعالى ألا يحرمَ أختًا من أخيها ولا أخًا من أخته. الأخ حمى الأخت وسندها وعمدها عندما تشتد الأزمات. يَعرف الأخوات كم هو غال الأخ الذي يعضد ويعين في الكربات!. أخ لا يباع ولا يشترى بمال. ربما هو أخ نادر في بعض الأسر في زمان الماديات فلم تعد له ذات المكانة القديمة وليس غريبًا أن يسهم بعض الإخوة في الحطّ من قدر أنفسهم ومقاماتهم عند أخواتهم وبقية الأسرة. أظن أن من فقد أخًا أو أختًا يعرف الفراغ الذي يتركه هذا الفقد!

من أشجى وأبلغ ما رثى حيٌّ ميتًا وأختٌ أخاها رثاء الخنساء لأخيها صخر. وصفت الخنساءُ أخاها صخر فقالت عنه: "حمّال ألوية" وحمّال اللواء تعني تكرار حمله، صيغة مبالغة من الفعل "حَمَل". حامل اللواء هو جنرال الجيش والقائد صاحب البأس الشديد الذي لا يخشى الموت. لا يفكر في الهزيمة والفرار من العدو. حامل لواء الجيش هو الرجل الشجاع الذي يستطيع الثبات والصمود حين المواجهة. قالت الخنساء عن أخيها:
حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ .. شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ

افتتحت قصيدتها بإعلانها البكاء وانهمار الدموع من عينيها على صخر. ماذا أصاب هاتين العينين فلم تكفّا عن البكاء؟ مرض وألم أم هو فراق أخٍ وأحبة؟ لكن كيف لبكاء أن يعيد ميتًا إلى الحياة؟
قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ .. أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ
كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت .. فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ
تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت .. وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ
تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت .. لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ
تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها .. إِذ رابَها الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ
لا بُدَّ مِن ميتَةٍ في صَرفِها عِبَرٌ .. وَالدَهرُ في صَرفِهِ حَولٌ وَأَطوارُ

اشتهر في حروب العرب القدامى والمسلمين أكثر من فارس مغوار سُمُّو بـ"حامل اللواء" أو حمّال اللواء. يستطيع القراء الكرام أن يتعرفوا على بعض الأسماء إن أرادوا! كذلك يجد القراء الكرام سير نساء غير الخنساء حزنّ على فقد الشجعان من إخوتهنّ في كل زمان فذلك شأن الدنيا!

إن المرأة يشق عليها فقد أخيها المخلص الود أكثر من زوجها أو ابنها! سألوا أعرابية عن الأخ فقالت: الزوج موجود، إن طُلّقت أو ماتَ أجد غيره، والابن مولود، إن فقدتُ ابنًا أنجب آخر. أما الأخ فمن أين آتي بأبٍ وأم تلد لي أخًا آخر إن رحل؟! الحق إن جميعهم عزيز؛ الزوج والابن والأخ!


error: المحتوي محمي