13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

مهلاً أيها الموت فهذا ليس وقت الرحيل!

الموت حق وهذه إرادة الله عز وجل وحكمته في هذه الحياة، قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)، لكن سبب وطريقة الموت قد يزيد من هول المصيبة، خصوصًا عندما يأتي الموت فجأة من دون أن يمهلنا وداع الأحبة، وفي كل الأحوال لابد لنا من الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره.

عندما يخطف الموت من تربى في أحضان من تربينا بين أحضانها يرحمها الله ويغادر من نحب هذه الحياة دون رجعة، بعدهم نفقد كل أنس في الحياة ونريد أن نبكي لكننا نبكي عن ماذا وماذا؟ فذكريات المؤانسة معهم ذابت في لمحة بصر! والزمن خان بالأخوة وكان يتحرك بسرعة ولم يترك لي فرصة الوداع قبل رحيلها، مثلما كان وداعي لها بعد تهنئتها بحلول شهر رمضان المبارك.

جاءني خبر وفاة أختي وأنا في عز نومي فتريثت قليلًا مع تنهيدة وجع هذا الخبر الذي مازلت أتخيل أنه مجرد حلم عابر، فأذكره وأبتسم مرة وأبكي ألف مرة عند رؤية خيالها أمام عيني، اللهم ارحم أختي برحمتك الواسعة واحشرها مع النبي محمد وآله فقد افتقدتها قبل رحيلها واشتاقت عيناي لرؤيتها، فإلى روحها التحية والسلام، وسلامًا على قبرها تلك التي سدلت ستار الحياة وتركت لمن حولها صدمة المشهد.

أيها الموت لماذا استعجلت برحيل أختي؟ حيث إنه لم يبق سوى يوم واحد لوداع شهر رمضان المبارك مستقبلين عيد الفطر الذي يفرح به الصائمون، وألم الحسرة والأسى لايزال في قلوبنا بشهادة الإمام علي عليه السلام، أم أنه لا مجال للتأخير حينما يأتي الموت؟ وسلوتنا بالصبر على فراق الأحبة هم آل البيت عليهم السلام حينما فُجِعوا باستشهاد الإمام علي بن أبي طالب (ع) قبل العيد بتسعة أيام.

أختاه كم كنت أشعر بالسعادة حينما أمرُّ عليك بمكالمة سريعة عبر الجوال وأسألك عن أمور حياتك وتجيبيني بأنك بخير وعافية، لكن بعد رحيلك عنا من يخبرني عن أحوال طفليكِ الصغيرين عندما يخوضان معركة هذه الحياة من دونك؟ والحياة لم تكن جميلة في وجههما كما كانت حينما كنت تحتضنيهما عند رجوعهما من المدرسة، رحلتي ونمتي في أحضان التراب دون وداعهما واشتاقا إلى روحك التي رحلت عنهما.

نراهن جميعًا على قاضي الزمن لكن محكمة الحياة لم تنصفنا، وعذرًا أختاه على تأخير إسعافك فطوارئ مستشفى المحافظة اكتفوا بنقلك إلى مستشفى للقلب في محافظة أخرى لإنعاش قلبك من الألم، وعند وصولك استقبلوك ولم يتمكنوا من إنعاش قلبك المتأزم، ولم تشفع الأجهزة وطرق الإنعاش السريع التي استخدموها لإعادة نبضات قلبك، لتفيقي من نومتك وتنظري إلى طفليك أمامك وهما ينادونك: ماما كلمينا يا ماما، لكنك لم تستجيبي لهم واستسلمتي للرحيل عنهم.

رحمك الله يا أختاه ورحم الله والديك والمؤمنين والمؤمنات، وحشرك الله مع النبي محمد وآله، وإلى روحك التحية والسلام، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.


error: المحتوي محمي