28 , مايو 2025

القطيف اليوم

إذا أدخلتَ الذئبَ دارك فلا تلومنّ إلا نفسك!

يقول علماء الحيوان إن الذئاب حيوانات معقدة وذكية للغاية ومهتمة ومرحة، وقبل كل شيء مكرسة للعائلة فقط، عدد قليل من الحيوانات الأخرى تظهر هذه السمات بشكل واضح، مثل الفيلة والغوريلا والدلافين. 

تقوم الذئاب بتعليم صغارها والعناية بجرحَاها والعيش في مجموعات عائلية. عرف الإنسان هذه الدرجة من الذكاء في الذئب فألصقَ به تهمًا باطلة، ومنهم إخوة النبي يوسف عليه السلام، الذين اتهموا الذئب كذبًا بأنه أكل يوسف {وَجاؤُوا عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كذبٍ}، أي على قميص يوسف عليه السلام.

تعالوا نسقط قصةً قرأناها عن مكر الذئب في سنوات الطفولة على الكبار: كم ناصح يغشّ! كم زوج في فترة الخطوبة مهذب ولطيف ولسان معسول، وبعدها سيء المعاملة ذئب على زوجته! كم مرة نثِق بإنسان ونعطيه إذنًا للدخول إلى عالمنا الخاصّ ونعضّ أصابعنا من الندم؟ مجتمعات ودول تستقوي على غيرها بالحيلة والمكر، وتفعل بها الأفاعيل!

يوجد بين القراء الكرام من قرأ حكاية الذئب والصغار السبعة في سنوات الطفولة وهي باختصار حكاية ماعز تركت صغارها السبعة في المنزل وخرجت تبحث عن طعام. حذرت صغارها من الذئب الذي طالما حاول التسلل إلى داخل المنزل بالادعاء بأنه الأم ويقنع الصغار بأن يفتحوا له الباب، لكن الصغار تعرف أمها الحقيقية من قدمها البيضاء وصوتها الناعم.

اشترى الذئب قليلًا من الطحين ونثره على قدميه. بعد ذلك فتح الصغار الباب وقتلهم الذئب إلا واحدًا منهم اختبأ وبقي حيًا. تحتال الأم وتقوم بشق بطن الذئب وقتله وتعيش الأسرة أو ما بقي منها سعيدة.

غاية الدرس: "المؤمن كيّس فطن حذر"! ينظر للأمور في تأنٍّ وتؤدة، مدرك حذر قليل العجلة، وليس كِيس قطن خفيف الوزن تذروه الرياح أي جهت هبت.

احترز من الذئاب وإن لبستْ ثياب حَمَل. الذئب لا تنفع معه ضحكة كما يقول الشاعر الفرزدق:
وَأَطلَسَ عَسّالٍ وَما كانَ صاحِبًا
دَعَوتُ بِناري موهِناً فَأَتاني
فَلَمّا دَنا قُلتُ اِدنُ دونَكَ إِنَّني 
وَإِيّاكَ في زادي لَمُشتَرِكانِ
فَبِتُّ أقد الزادَ بَيني وَبَينَهُ
عَلى ضَوءِ نارٍ مَرَّةً وَدُخانِ
فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَكَشَّرَ ضاحِكًا 
وَقائِمُ سَيفي مِن يَدي بِمَكانِ
تَعَشَّ فَإِن واثَقتَني لا تَخونَني
نَكُن مِثلَ مَن يا ذِئبُ يَصطَحِبانِ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ يا ذِئبُ وَالغَدرُ كُنتُما
أُخَيَّينِ كانا أُرضِعا بِلِبانِ


error: المحتوي محمي