16 , يوليو 2025

القطيف اليوم

احذروا آفة اللهو 

كان ينصح ولده البالغ من العمر 10 سنوات بضرورة التوقف عن اللعب بالجوال فقد حان وقت الصلاة، وكان الجواب حاضر بعد هذه المرحلة من اللعبة فلم يتبق سوى خطوة للفوز.. وينقضي الوقت دون أن يبادر للصلاة.

هذا نموذج من اللهو السلبي الذي يسرق وقت الإنسان دون أي فائدة، وهذا لهو يبعد الإنسان عن طاعة الله. 

من هنا نقول بأن اللهو هو ما يمارسه الإنسان من لعب بمختلف أشكاله ويبعده عن طاعة الله، وهو كل جهد يبذله الإنسان دون أي فائدة ترتجى منه.

اللهو في القرآن
وقد وردت مادة (لهو) في القرآن الكريم في عدة آيات، أذكر ما يناسب هذا المقال:
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [ لقمان/6].

قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة/11].

يمكن للقارئ الكريم مراجعة التفاسير للتعرف على معاني (اللهو). 

لماذا يمارس البعض اللهو؟
هناك عدة أسباب نوجز بعضها بما يلي: 
التربية الخاطئة: الوالدان هما أساس توجيه طاقات الأبناء. وحين تكون التربية قائمة على توفير مستلزمات اللعب فإن الطفل لن يجد أمامه سوى لعب ولعب فقط. ومن ثم سيكون جل وقته ينتقل من لعبة إلكترونية إلى لعبة ملموسة!

إن غياب أسس التربية السليمة سيجعل الحياة اليومية مليئة باللهو واللعب الفارغ.

الفراغ الروحي: حينما يكون القلب فارغًا، وبعيدًا عن الله فإنه يكون مرتعًا للشيطان يدفعه للهو واللعب والخوض في الباطل والمفاسد.

الجهل: هو أحد أسباب اللهو والعبث، فالجاهل هو الذي لا يعي الحياة ومتطلباتها، والجاهل هو الذي لا يمتلك أهدافًا وطموحات في الحياة، فتراه يلهو دون تفكير في المستقبل. وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "اللهو ثمار الجهل"(1).  

نتائج اللهو
لاشك أن هذا العمل له انعكاساته على شخصية الإنسان، والتي منها:

ضعف الإيمان: من ينغمس في اللهو واللعب فإنه يضعف إيمانه كما قال الإمام علي (عليه السلام): اللهو يسخط الرحمن، ويرضي الشيطان، وينسي القرآن. وقال: "مجالس اللهو تفسد الإيمان" (2).

الفشل في الحياة: لن تجد ناجحًا اتسمت حياته باللهو واللعب، ولذلك ورد عن الإمام علي (عليه السلام): أبعد الناس من النجاح المستهتر باللهو والمزاح (3). وعنه (عليه السلام): اللهو يفسد عزائم الجد (4).

ضعف التفكير وإبداء الرأي: حيث يقول الإمام علي (عليه السلام): من كثر لهوه قل عقله (5).

ولهذا يمكن القول بأن اللهو هو هدر للطاقة وقتل للكفاءة والإبداع، وهو طريق نهايته الندم والحسرة. 

الوقاية من اللهو
يمكن لنا أن ننشئ جيلًا صالحًا حين نرسخ في عقله مبدأ الجد والمثابرة فهذه إحدى صفات المؤمن حيث إنه يعاف اللهو، ويألف الجد (6) كما قال الإمام علي (عليه السلام). والبعد عن أجواء اللهو السلبي، كما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): لا تغرنك العاجلة بزور الملاهي، فإن اللهو ينقطع ويلزمك ما اكتسبت من المآثم (7).

وضرورة تنظيم الوقت وعدم الفراغ السلبي حيث يقول الإمام علي (عليه السلام) - في صفة المؤمن: مشغول وقته (8).

همسة اجتماعية
المستقبل والنجاح هو حليف من كانت مسيرته حافلة بالجد والمثابرة، بعيدة عن اللهو واللعب والعبث. وكلما نشرنا ثقافة الجد والمثابرة بين أبنائنا فإننا نضمن مستقبلًا أفضل.    

الهوامش: 
(1) ميزان الحكمة، ج8، ص 531
(2-8) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 - الصفحة – 2803، 2804.


error: المحتوي محمي