في ذاكرتي صورة لحدث لا يزال حاضرًا حتى اللحظة تلك الصورة التي كاد فيها منزلنا أن يحترق لولا لطف الله فقد نسيتُ الموقد مشتعلًا وخرجت لأداء بعض المهام ولولا رجوعي للمنزل في الدقائق الأخيرة لربما حلت بنا كارثة! كم هو عدد المرات التي ننسى فيها الأشياء ثم لا نلبث بعد جهود مضنية أن نتذكر أين وضعناها وقد نقابل شخصًا في غضون أيام وليس بإمكاننا تذكر اسمه في حين أن هناك خبرات حدثت منذ سنوات بعيدة وما زلنا نحتفظ بها في ذاكرتنا كأنها حدثت بالأمس القريب. هل الذاكرة انتقائية بمعنى أننا نتذكر ما نريد تذكره وننسى ما نريد أن ننساه لا شعوريًا حسب نظرية عالم النفس سيجموند فرويد أم هي تلقائية؟
مما لا شك فيه أن النسيان عَرَض طبيعي شائع لدينا كنسيان مفاتيح سيارة أو نسيان اسم مكان أو نسيان بعض المعلومات أثناء تأدية اختبار ما وغيرها من الأمور الاعتيادية، وربما ذلك يرجع لضغوط الحياة والعمل واضطرابات النوم وقد يرجعها البعض إلى نقص نشاط الغدة الدرقية مما يتسبب في الخمول وقلة التركيز وأحيانًا يكون مرضي يصاب فيه الإنسان بفقدان الذاكرة الجزئي الذي يستمر لعدة أيام وربما سنوات ثم ترجع ذاكرته إلى ما كانت عليه، ويكون ناتجًا عن حادث سيارة أو سقوط على الرأس، وفي بعض الحالات بسبب السكتة الدماغية أما الحالات الأشد تعقيدًا وخطورة فهي فقدان الذاكرة الكلي كما في حال مرض الزهايمر حيث يصبح الفرد لديه مشكلة في الذاكرة تؤثر على نمط حياته ويصبح أكثر اعتمادًا على الآخرين مما يستدعي التدخل الطبي للحصول على العلاج المناسب.
وفي الوقت الذي يحاول البعض فيه إنعاش ذاكرته للتغلب على النسيان يحاول البعض الآخر النسيان بسبب تملكه ذاكرة قوية ترهق تفكيره كما في حالة متلازمة التذكر المفرط (هايبرثيميسيا) وهي حالة نادرة يفقد الشخص فيها قدرته على نسيان جميع تفاصيل حياته مهما مرت السنوات فهي أشبه بجهاز حاسب آلي ولعل أشهر نموذج لها صاحبة الذاكرة الخارقة (جيل برايس) صاحبة كتاب المرأة التي لا تنسى حيث وثقت فيه تجربتها الشخصية من حيث قدرتها على تذكر كل الأحداث التي مرت بها بشكل دقيق منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها فهي تصف ذاكرتها بأنها مثل فيلم لا يتوقف أبدًا فالشخص العادي بإمكانه أن يتذكر بعض الأحداث وينسى بعض التفاصيل أما في حالات التذكر المفرط فهم يحتفظون بكافة التفاصيل والمشاهدات والتواريخ تصف جيل معاناتها بقولها: "إن كل حياتي تمر داخل رأسي وهذا يدفعني للجنون"، وقد تم اكتشاف هذه المتلازمة على يد عالم الأعصاب (جيم ماكجو) ولا تزال أسبابها غير محددة إلا أنه تبين من خلال الدراسات أن الفص الصدغي المسؤول عن الذاكرة يكون لدى هؤلاء أكبر من العادي ولديهم نشاط مفرط في أجزاء من الدماغ وقد يكون السبب نفسيًا يرتبط بحالة القلق المرتبط بأحداث معينة، في حين يذهب رأي آخر إلى أن الأكثر نسيانًا هم الأكثر ذكاءً لأن أدمغتهم تتخلص تلقائيًا من المعلومات الزائدة فالنسيان له أثر سلبي عندما يؤدي إلى خلل في توازن الشخصية والشعور بالضياع وفقدان الهوية إلا أنه في نفس الوقت هبة ربانية ثمينة فهو يعزز من كفاءة المخ فلولا النسيان لما استطعنا تجاوز المحن والصعاب، أعظم ما يهدينا النسيان أن نتعلم ألا ننسى الدروس من الانتكاسات والأخطاء والتي كان لها الدور الأكبر في صقل شخصياتنا اكتسبنا من خلالها النضج والوعي والنهوض بعد كل عثرة ببوصلة النور والأمل وصدق القائل عز وجل في محكم كتابه العزيز {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا} [سورة البقرة الآية 286].
لكل من يقرأ هل تثق في قوة ذاكرتك أم أنك سريع النسيان؟
الهوامش:
1- هل قصور الغدة الدرقية يسبب ضعف الذاكرة/ صابر نجاح.
2- متلازمة فرط الاستذكار/ شيماء محمود.
مما لا شك فيه أن النسيان عَرَض طبيعي شائع لدينا كنسيان مفاتيح سيارة أو نسيان اسم مكان أو نسيان بعض المعلومات أثناء تأدية اختبار ما وغيرها من الأمور الاعتيادية، وربما ذلك يرجع لضغوط الحياة والعمل واضطرابات النوم وقد يرجعها البعض إلى نقص نشاط الغدة الدرقية مما يتسبب في الخمول وقلة التركيز وأحيانًا يكون مرضي يصاب فيه الإنسان بفقدان الذاكرة الجزئي الذي يستمر لعدة أيام وربما سنوات ثم ترجع ذاكرته إلى ما كانت عليه، ويكون ناتجًا عن حادث سيارة أو سقوط على الرأس، وفي بعض الحالات بسبب السكتة الدماغية أما الحالات الأشد تعقيدًا وخطورة فهي فقدان الذاكرة الكلي كما في حال مرض الزهايمر حيث يصبح الفرد لديه مشكلة في الذاكرة تؤثر على نمط حياته ويصبح أكثر اعتمادًا على الآخرين مما يستدعي التدخل الطبي للحصول على العلاج المناسب.
وفي الوقت الذي يحاول البعض فيه إنعاش ذاكرته للتغلب على النسيان يحاول البعض الآخر النسيان بسبب تملكه ذاكرة قوية ترهق تفكيره كما في حالة متلازمة التذكر المفرط (هايبرثيميسيا) وهي حالة نادرة يفقد الشخص فيها قدرته على نسيان جميع تفاصيل حياته مهما مرت السنوات فهي أشبه بجهاز حاسب آلي ولعل أشهر نموذج لها صاحبة الذاكرة الخارقة (جيل برايس) صاحبة كتاب المرأة التي لا تنسى حيث وثقت فيه تجربتها الشخصية من حيث قدرتها على تذكر كل الأحداث التي مرت بها بشكل دقيق منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها فهي تصف ذاكرتها بأنها مثل فيلم لا يتوقف أبدًا فالشخص العادي بإمكانه أن يتذكر بعض الأحداث وينسى بعض التفاصيل أما في حالات التذكر المفرط فهم يحتفظون بكافة التفاصيل والمشاهدات والتواريخ تصف جيل معاناتها بقولها: "إن كل حياتي تمر داخل رأسي وهذا يدفعني للجنون"، وقد تم اكتشاف هذه المتلازمة على يد عالم الأعصاب (جيم ماكجو) ولا تزال أسبابها غير محددة إلا أنه تبين من خلال الدراسات أن الفص الصدغي المسؤول عن الذاكرة يكون لدى هؤلاء أكبر من العادي ولديهم نشاط مفرط في أجزاء من الدماغ وقد يكون السبب نفسيًا يرتبط بحالة القلق المرتبط بأحداث معينة، في حين يذهب رأي آخر إلى أن الأكثر نسيانًا هم الأكثر ذكاءً لأن أدمغتهم تتخلص تلقائيًا من المعلومات الزائدة فالنسيان له أثر سلبي عندما يؤدي إلى خلل في توازن الشخصية والشعور بالضياع وفقدان الهوية إلا أنه في نفس الوقت هبة ربانية ثمينة فهو يعزز من كفاءة المخ فلولا النسيان لما استطعنا تجاوز المحن والصعاب، أعظم ما يهدينا النسيان أن نتعلم ألا ننسى الدروس من الانتكاسات والأخطاء والتي كان لها الدور الأكبر في صقل شخصياتنا اكتسبنا من خلالها النضج والوعي والنهوض بعد كل عثرة ببوصلة النور والأمل وصدق القائل عز وجل في محكم كتابه العزيز {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا} [سورة البقرة الآية 286].
لكل من يقرأ هل تثق في قوة ذاكرتك أم أنك سريع النسيان؟
الهوامش:
1- هل قصور الغدة الدرقية يسبب ضعف الذاكرة/ صابر نجاح.
2- متلازمة فرط الاستذكار/ شيماء محمود.



