19 , يوليو 2025

القطيف اليوم

السقوط من السلالم!

إذا كبرتم فاحذروا صعود السلالم المتعجل. قبل أيام سقط أحد الأصدقاء لكن الله سلم وإصابته جراحات متفرقة.

خلصت دراسة حديثة - غربية - إلى أن النساء أكثر عرضة للسقوط على السلالم من الرجال. وجدت الدراسة أن 38% من النساء يتعرضن للسقوط صعودًا أو هبوطًا على الدرج كل عام، مقارنة بـ28% من الرجال، وحتى الشابات، يعانين من عدد أكبر من حالات السقوط مقارنة بالشباب، ما يشير إلى أنها ليست مسألة مرتبطة بالتقدم في العمر. يستطيع القراء الكرام أن يطلعوا على هذه الدراسة بأنفسهم من الشبكة العنكبوتية وأسباب سقوط النساء أكثر من الرجال وأظن أن الدراسة تعني "الدرج" وليس سلالم العمل والصيانة!  

أرجو ألا يتحمس أحد لأداء صيانة تحتاج إلى سلالم وأدوات خاصة دون احتراز فالنتيجة قد تكون كارثية من أجل توفير عشرة ريالات أو التباهي بالمعرفة. من تجارب شخصية ومشاهدات رأيت كثيرًا من الأصدقاء يسقطون من سلالم صيانة منزلية في إبدال مصباح كهربائي أو ما شابه في حين كان بالإمكان استئجار عامل مختصّ أو التحضير الآمن لهكذا أعمال! ولمن يظن أن السقوط من ارتفاع 3 أمتار هيّنًا فله أن يحسب مقدار الطاقة الكامنة بالمعادلة التالية: القوة = ثابت التسارع × الارتفاع × الكتلة! فلو سقط صديقنا "زيد" من المتوقع أن يتأذى إلا إذا كان ذا حظّ عظيم لأنه سوف يرتطم بقوة كبيرة!

أما السقوط من سلم الأمانة فهو أشد ضررًا؛ جسم الإنسان أمانة، الأبناء أمانة، الوطن أمانة، الأخلاق أمانة، الدين والشرف والوفاء بالعهود أمانة! يستطيع الإنسان أن يصل إلى قمة سلم الشرف ويسمو حتى على الملائكة إذا حافظ على الأمانة التي عرضها الله عليه {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، أو يسقط في تخوم الأرض إذا خانها، هو وإرادته!

هل يتبادر إلى ذهنك - القارئ الكريم والقارئة الكريمة - حين تُذكر الأمانة الحديث عن المال؟ جزمًا يتبادر إلى أغلب أذهان الناس أن الأمانة تكمن في الأمور الماليّة، إلّا أنّ الأمانة بمفهومها الواسع تعني جميع المواهب والنعم الربّانيّة. المال والأولاد والعمل والزوج وكل ما له قيمة اعتبارية فهو أمانة! في الحديث: أن عليًّا عليه السلام كان إذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل ويتلون، فيقال له: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: "جاء وقت الصلاة، وقت أمانةٍ عرضها الله على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها".

غاية المرام: الإنسان قيم وجسد، إذا سقط أي منهما تأذى. يسقط "زيد" من فوق سلم القيم ولا يتعافى ويسقط "عمرو" من فوق عدة أمتار ولا يتأذى جسمه. إذا حافظنا على الجسد من أسباب السقوط لا ننسى الاحتراز من السقوط من سلالم القيم وما أكثرها!


error: المحتوي محمي