13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

وجوه من جزيرة تاروت.. زهراء القلاف تشكيلية انطلقت من حصص الرسم في الابتدائية.. وبدأت الاحتراف بـ بورتريهات لعائلتها

الفن موهبتها منذ نعومة أظافرها، بدأت مع الرسم وقت دخولها للمدرسة الابتدائية -خاصة في حصص الفنية- وتميزت بقدرتها على الرسم الواقعي للمناظر الطبيعية، وأول حافزٍ لها كان عندما اختارتها معلمة الفنية من ضمن الطالبات الموهوبات في الرسم لزيارة معرض للفنون التشكيلية. 

تُجدّل حِبال إحساسها المرهف وعواطفها الفياضة من الألوان، فتحوّل صمتها تعبيرًا رائعًا يتجلّى في لوحاتها للقارئ. 

أعمالها تنم عن موهبة متمرسة تستقي قواعدها من المدرسة الكلاسيكية الواقعية التي لونت مدلولاتها التشكيلية بأكبر قدر من الإيحاء ونبض المشاعر.

الفنانة التشكيلية زهراء عبد الله علي القلاف من سكان جزيرة تاروت، حاولت استكشاف طريقة الرسم التي تنتمي لها؛ فمرت بمحاولات كثيرة وتجارب عديدة حتى أدركت أسلوب الرسم الذي تريد أن يحمل بصمتها الخاصة من خلال أدواتها الفنية.

مشاركات 
شاركت القلاف في سنة 2014 بأول عمل تشكيلي وهو لوحة المرأة الكبيرة في السن، اقتبستها من صورة فوتوغرافية للشاعر حبيب المعاتيق، وهي من أحب الأعمال لقلبها، وكانت منها بدايتها في معارض إبداعات فنية مع الفنانة ذكريات الزوري. 

دعم أسري وتغذية بصرية
أشارت القلاف إلى أن أفراد أسرتها عملوا على تشجيعها ودعمها خاصة بعد أن نالت رسومات إعجابهم، موضحة أنها بدأت تدريب نفسها من خلال التغذية البصرية ومشاهدة مقاطع اليوتيوب والممارسة والتدريب المستمر لتعلُّم جميع أنواع رسم البورتريه بمختلف المواد، 

وأضافت أنها تعلمت الرسم بالرصاص والألوان، وبالممارسة أعطت لنفسها مساحة أكبر لتعلم الرسم والمحاكاة من خلال الصور التي تراها في محيطها الأسري.

رسم البورتريه 
وعن شغفها الفني قالت: أميل لرسم البورتريه بالفحم والرصاص، حيث يعدان من الخامات الأساسية، وبالرغم من الانتقال لتعلّم الرسم بخاماتٍ أخرى لكنني استمررت بهما، وأجد نفسي فيهما، لافتةً إلى أنها تنجذب للمدرسة الواقعية الكلاسيكية بشكلٍ خاص.

ولادة الفكرة 
أما عن اكتساب الفكرة وتصوراتها الفنية فقالت القلاف: تتولد الفكرة غالبًا بالشعور بها وبالخيال ومع الإلهام، وفي الحقيقة كل شيء يُلهمني حتى أدق وأبسط التفاصيل لأتأملها وأترجمها كفكرةٍ لصنعِ لوحة فنية. 

وذكرت أنها قبل الشروع في أي عمل فني لا تهتم بالاطلاع والتغذية البصرية سواءً من الإنترنت أو بزيارة المعارض.

التعبير بالفن 
ووصفت القلاف الفن بأنه تجسيد لواقع الحياة؛ لأنّ الفن الجيّد ليس بشكله بل بما يفعله في حياتنا، أو المحيط الذي يدور حول الفنان نفسه ليعبّر عن عمق ما بداخله بالأدوات التي يستخدمها في توظيف فنه بالرصاص والفحم أو الألوان المختلفة وغيرها. 

وقالت: الفن هو نقل أو تفريغ عمق المشاعر والأحاسيس الداخلية المكبوتة إلى أي عمل فني سواءً بكتابة شعرية أو عزف موسيقي أو لوحة فنية تعكس مشاعر الفنان بطريقته الإيجابية التي يمكن أن يجعلها رسالة للمتلقي من خلال أعماله الفنية. 

الكلاسيكي والواقعي 
تعتمد لوحات التشكيلية القلاف على الفن الكلاسيكي أو المدرسة الواقعية بشكلٍ عميق وهي رسم الواقع كما هو، كما قال إدوارد مانيه: (أنا لم أرَ ملاكًا لأرسمه)؛ فهو فن ذو رسالة ومغزى، وهو وسيلة لنقل المشاعر والأحاسيس وتهذيب الذوق العام لدى المتلقي؛ لأن الفن هو نقل الجمال.

وتُفضّل القلاف دائمًا أن تكون لوحاتها ذات عمق وبُعد ورسالة، وتهتم جدًا بالتفاصيل التي تبرز جماليات اللوحة. 

وتَعد الفن صانع الأشياء الجميلة، وغايته في نظرها أنْ يكشف بنفسه شخصية الفنان عبر شخصيّات عِدّة يقوم الفنان بترجمتها من خِلال رسمٍ متناغم مع إحساسه، فيصوغ من ذاته، ومن إحساسه مادةً من مواد الفن.

تجسيد الفن
جسّدت التشكيلية القلاف حبها لفن البورتريه من خلال تقديم لوحات تشكيلية مميزة للشخصيات التي تقوم برسمها، بدأتها بشخصيات عائلتها، وأظهرت شغفها بهذا الفن بتجسيد التفاصيل الدقيقة جدًا في لوحاتها الفنية التي شاركت فيها في معرض الدوخلة العاشر والحادي عشر، وكذلك المعرض السنوي لجماعة الفن التشكيلي بالقطيف في عام 2015، كما شاركت في الملتقى الثاني للفنانين والفنانات بجمعية الثقافة والفنون بالدمام. 

وبينت أنّ لوحاتها عِبارة عن بورتريه يعكس عمق وكيان المشاعر الداخلية من خلال تعابير الوجه ولمعة العين؛ فإظهار الإحساس من خلال ملامح الوجه سواءً تجاعيد الشخص الكبير في السن الدقيقة أو براءة الطفولة قد يُعبّر عن قضايا إنسانية مكبوتة، فهذه المشاعر تعكسها اللوحة الفنية سواءً بالأبيض والأسود أو بالألوان على حدٍ سواء.

بصمة جديدة
في آخر أعمالها الفنية، وضعت القلاف بصمتها الجديدة في لوحتها التي عنونتها بـ"الفتاة الريفية" التي ترتدي وشاحًا على رأسها وترمز إلى الجمال والبساطة من دون تكلّف. 

وعملت فيها على إبراز روح النقاء والصفاء بنظراتٍ لها ألف معنى، فهي ليست مجرد بورتريه لرسم وجه بطريقة أقرب إلى الواقع -كما وصفتها- وإنما بإمكان المتذوق أن يرى المشاعر التي تحملها بلونيها الأبيض والأسود كقصة كامنة وراء اللوحة. 

إبراز الموهبة 
وأوضحت أنّ البدايات في الرسم لها أهمية خاصة وشعور مختلف لديها، وكذلك الأشخاص الذين مدوا لها يد العون بتشجيعهم ودعمهم الجميل في بداياتها ومن ضمنهم الفنانة ذكريات الزوري التي كان لها الدور الكبير في إبراز موهبتها ولوحاتها في المعارض تحت إشرافها. 

فنانون مبدعون
وعن دور الفنانين في حياتها، قالت: هناك الكثير من الفنانين الذين كان لهم حقيقةً دور بارز في الفن التشكيلي، يبهروننا بأعمالهم الفنية في المعارض المحلية والدولية، وهناك من يلفت نظري بشدة بينهم محليًا كالفنان القدير منير الحجي وعلي الجشي وإدريس المحروس، وعالميًا التشكيلية إيمان المالكي. 

هواية وطموح 
تهوى القلاف القِراءة والفن التشكيلي وتطمح مستقبلًا لإنشاء مرسم خاص بها لإقامة دورات تدريبية للموهوبات فيه.

رسالة
وفي الختام، وجهت التشكيلية القلاف رسالتها لمن لديهم طموح قائلة: لا يسعى للنجاح من لا يملك طموحًا! طموح الإنسان، مقياس نجاحه.


error: المحتوي محمي