18 , يوليو 2025

القطيف اليوم

الوقت إما صديق حميم أو عدو لئيم!

هل -القراء الكرام- تعدون الوقت صديقًا أم عدوًا لكم؟ كيف نعد الوقت صديقًا ونحن لا نعرف كم يبقى ومتى يذهب؟ أم كيف لا نعده من أفضل الأصدقاء وفيه حياتنا دنيا وآخرة؟ الوقت عدو يأخذنا إلى داهية إن لعبنا فيه أو يأخذنا إلى معالي الدنيا والآخرة إن أحسنا فيه.

كلنا يشتكي من الوقت؛ عامل يتأخر لأن الوقت لا يكفي، لماذا لا تزور أمك وأباك؟ الوقت لا يكفي! الوقت الوقت، هو أس المشكلات! آه، لو كان عندي ما يكفي من الوقت والعمر الطويل لحققت كل الأماني! من يستطع حل لغز الوقت يستطع حل لغز العدو والصديق، الحياة والموت، النار والجنة، الشيطان والملاك!

الوقت يجري سريعًا مثل خيل شموس فماذا نفعل؟ الوقت ليس مشكلتنا، إنما المشكلة ما نفعله في الوقت وهو تحت سلطتنا في كثير من المناسبات! اعتبر الوقت طنجرة في يد طباخ ماهر يصنع فيها وجبة شهية أو في يد طباخ لا يعرف شيئًا فيحرق الطبخة.

كيف نحول هذا الصديق الخؤون إلى أفضل الأصدقاء؟ عن رسول الله -صلى الله عليه وآله-: "كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك". حافظ عليه وحذار أن يضيع لأنه رأس مال الوجود. لا تخبئ المال في صناديق من حديد مقفلة وتضيع الوقت في لعب وهزل!

عندما نقرأ في المدارس الغربية وبعض المدارس الشرقية في إدارة الوقت نجدها تنحصر في العمل والمال وزيادة كفاءة الإنتاج، جافة جدًا! لا تذكر الوقت مع الله والعائلة وفي صنع الخير والمعروف. أكثرها تتعامل مع الإنسان مثل آلة عمل وإنتاج مادي بحت! أما عندما نقرأ في مدرسة النبي محمد -صلى الله عليه وآله- وكلماته عن الوقت نجدها مشرقة جميلة فيها بعد أخروي وغنية بالنصائح العملية! وكذلك الإمام علي عليه السلام لديه فلسفة رائعة في الوقت: "ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة، وأسرع السنين [السنة] في العمر".

خلاصة الفكرة: ابن عشرين سنة والوقت صديقه يفعل أشياء في عمره القصير أكبر قيمة من ابن ثمانين سنة والوقت عدوه. مقياس الوقت والعمر ليس بالأيام والسنوات، إنما بما نصنع به وفيه. من يقرأ الماضي والحاضر يدرك هذه الحقيقة؛ عظماء ماتوا في سنوات مبكرة من أعمارهم وما زال التاريخ يذكرهم. وما أكثر من في المقابر ممن عمروا طويلًا ولم يكن لهم من أثر يذكر!
فاِقضوا مآرِبكم عُجَالاً إِنَّما
أَعمارُكُم سِفرٌ مِنَ الأَسفارِ
وَتَراكَضوا خَيلَ الشَبابِ وَبادِروا
إِن تُستَرَدَّ فَإِنَّهُنَّ عَوارِ
فالدهر يَخدَع بِالمني وَيغُصُّ إِن
هَنّا وَيَهدِمُ ما بَنى بِبوارِ
لَيسَ الزَمانَ وَإِن حرصت مُسالِمًا
خُلُق الزَمانِ عَداوَة الأَحرارِ


error: المحتوي محمي