16 , يوليو 2025

القطيف اليوم

حبيبي (مسرع نحو الجنان)

ذات مساء بارد وعلى تلك الأريكة وقرب المدفأة وبذلك الغطاء الذي كان يجمعنا ذات شتاء وبذكريات دافئة تتسارع فيها دقات القلب، أرخيت برأسي ودمعت عيناي وبأنفاس تتقطع وقلب مجهد..
أمسكت قلمي محاولة بجهد للكتابة...

كم يبدو مؤلمًا أن تفقد قدرتك على كتابة ما تشعر به، وتراقب الأيام وترجو من الله أن يحدث لك أمر يثير دهشتك ويجدد ذلك الشغف الذي انطفأ لانشغالك ولثقل المسؤوليات؛ وتمر الأيام ويأتي ذلك الحدث، وليته لم يأت، لأنه جاء كي أنعى فيه فقد حبيب وعزيز غيبه الموت الذي لا بد منه.

هكذا جرت سنة الخالق سبحانه أن تمر بنا لحظات نفقد فيها من لا نلتقي بهم مُجددًا، ليبقى في أعماقنا مجرد ذكريات مضت بجمالها.

الحكايات الجميلة تنتهي فجأة، "فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ"، لذلك الشخص الذي كانت ابتسامته وميضًا من نور، الراحل الذي ترك فجوة في قلوب محبيه صغارًا وكبارًا، الراحل الذي كان يتسابق ليكون أول المهنئين بقدوم فجر جديد، الراحل الذي بعطفه غمر الجميع.

الجميع يظنون أن هذه المدة كافية لأتجاوز مرحلة الحزن العميق وأبدأ بترميم كسري لكنهم يجهلون من هو محمد ويجهلون ما بقلبي تجاه هذا الملاك الطاهر ولا يدركون حقيقة الألم الذي أعيشه بصدري بعد فراقه.

في هذه الذكرى المؤلمة أجد نفسي منشدة لأسطّر شيئًا من ذكراه وأتساءل دائمًا لماذا رحل سريعًا وجمال الذكريات  كانت تجمعنا يا محمد؟ لماذا زرعت موسمًا للحزن وأنت الذي كُنت تزرع عبر حياتك الممتدة عبر هذه السنوات بساتين الفرح بتلك الابتسامة.

هل كان الزائر الغريب على موعد معك ذاك المساء؟ فاستسلمت له وودعت الحياة لم أشهد في حياتي الاستسلام منك رغم جهودي الدائمة لتحفيزك (سنشيب معًا يا محمد) زائرك الغريب تعجل الحضور دون موعد وفجأة اختطفك من أحبائك، يا من شملت مزاياك الحب، الرحمة، التسامح، الإيثار بلا حدود، والتواضع.

أيها المربي الفاضل محمد ياروح نرجس أنت المحبة الجميلة وضحكاتك هي موسيقى، لم تتوقف حتى قبل رحيلك ،عشت بسيطًا ورحلت بسيطًا، لا قيمة للمال لديك، فكُل ما لديك لغيرك بتفانٍ وإيثار.

أوحدت أخاك، وشريكك بكل رحلاتك، انحنى ظهره برحيلك، فأصبح رجل المائة عام، اتكأ عليك فرحلت مخلفًا الوحدة له والخذلان.

فارسي الوسيم أنت لم ترحل، أنت باقٍ في قلوبنا نعم أيها الراحل.

حُزننا كان ثقيلًا، ولكن هذه إرادة الله ولا راد لقضائه.

لك الرحمة ومثواك الجنة.

اللهم رضا بقضائك، لا معبود سواك، ولا نقول ما يغضب الرب، وإنا بفقدك يا فارسي الوسيم لمحزونون.

رحمك الله الأستاذ/ محمد جعفر الجارودي وأسكنه الله فسيح جناته...



error: المحتوي محمي