13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

العلامة الشيخ مهدي المصلي في ذمة الله

فُجِعتُ هذا اليوم بأخي وصديقي ورفيق دربي في طلب العلم في صداقة امتدت أربعة وأربعين عامًا بين قم والنجف الأشرف والقطيف والمدينة المنورة التي حبست أنفاسه الطاهرة فيها ليغيب عنا وهو العلامة الحجة الشيخ مهدي المصلي رحمه الله لتبقى الذكريات العالقة بيننا طوال هذه الفترة الزاهرة التي عشناها سواء بدماثة أخلاقه أو المناقشات العلمية التي لم تتوقف في أي لحظة من لحظات حياته ففي كل مجلس نجلس معه نتذاكر فيه العلم.

لقد كان محل ثقة في مجالس العلماء نظير ما قدمه من كنوز علمية تدل على براعته سواء في علم الأصول أو الفقه وهو يناقش كبار الفقهاء والأساطين من أقطاب المذهب كالإمام الخوئي قدس سره والسيد الروحاني والشيخ الغروي الذي لازمه في مجلس الاستفتاء بل كان يتابع بدقة علمية المسائل المستحدثة حتى كان آخر ما كتب من بحث استدلالي معمق رسالة خاصة أطلعني عليها قبل محرم الحرام في سفرتي الأخيرة للمدينة في البتكوين  وهذه من المعادن الثمينة التي شرح فيها التشخيص للموضوع لهذه المسألة المعاصرة. حضرت معه بحوث الأعلام والآيات العظام السيد محمد الروحاني في الحج وبحث الخلل والشيخ الوحيد في الأصول والسيد الكوكبي في الصوم والسيد تقي القمي في المكاسب وكان يلفت الأنظار بدقائقه العلمية وخصوصًا بعد انتهاء البحث يقوم طلاب العلم فيما بينهم بتقرير البحث للأستاذ لمعرفة مدى الاستفادة وحضور التركيز أثناء البحث كما كنا نعقد جلسات علمية للبحوث الرجالية في أسانيد صاحب الوسائل مما أخذ الوقت الكبير من متطلبات الدقة في البحث فالوسائل في الطبعة القديمة عشرون مجلدًا ومع هذا أمضينا جل البحث في روايات الوسائل وكان لها ثمارها اليانعة.

ومن حسن الحظ أن تراه كطرف مقابل لك يصغي إليك في النقاش ولا يتنمر لإثبات رأيه ولذلك استفاد طلاب العلم الذين تتلمذوا على يديه من البحوث التي يقررها وحق لهم أن يلقبونه بما يفتخرون به من الألقاب التي يستحقها فلقد شيد طلاب علم يشار لهم في المدينة المنورة كالشيخ علي عبدربه والشيخ إبراهيم حريقة والشيخ حسن خليفة الدراوشة وغيرهم وكذلك تلميذه الوفي السيد فاضل الشريف  كما استطاع أن يبني حوزة فيها وكذا  استطاع أن يجذب قلوب أهل المدينة في استقطابهم بدماثة أخلاقه وعدم التدخل في شؤون الناس إلا إذا طلبوا منه فكان هذا التعامل هو عين الحكمة والصواب. وهكذا كان ديدنه في تخلقه مع أستاذه  الشيخ الهاجري قدس سره عندما كان يحضر عنده في الأحساء. 

لا أستطيع الوفاء له في هذه الكلمات إلا جبران المصاب بهذا الثكل فإنا لله وإنا إليه راجعون.


error: المحتوي محمي