13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

إذا أضرمَ جارك النارَ في داره فاحتط لدارك!

في أحد أيام فصل الصيف - هذا - أشعل أحد الجيران نارًا في مخلّفات أشجارٍ يابسة وأعشاب. ولأن درجة حرارة الجو مرتفعة جدًّا والهواء كان نشطًا تطايرت شعلات من النار وأحرقت وأضرت بكثير من الأشجار في بساتين الجيران، أحرقت النار أشجارًا أنفقوا فيها أموالًا وتعبوا عليها سنوات حتى ارتفعت وطالت، احترقت في دقائق معدودات!

هذا الحريق - الحقيقي - يذكّرنا بالحريات المصطنعة مثل الحريات المثلية والجنسية، الكثير يقول: حرية شخصية، شأن خاص به، حدوده سوف تقف عند حدود شخصيتي! هذه الأشياء مثل النار التي أشعلها جارنا، هو أراد الحريق صغيرًا وفي مزرعته لكن من يضمن الحريق؟ ومن يضمن الحريات المبتذلة؟

لو كان بينه وبين الجيران حائط أو محيط كبير من الماء ما اشتعلت النار عندهم، هناك مسافة بعيدة! كيف والآن ذابت الحواجز والفواصل بين الثقافات والمجتمعات واختلّت الحصانات المجتمعية، المريض جسديًّا ينقل المرض والمريض فكريًّا يصيب غيره بالعدوى! إذا كنت من المشككين في ذوبان الحواجز ومحاولات تغيير نمط سلوك المجتمعات ما عليك إلا أن تتابع وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة انتقال الأفكار فيها بين مجتمع وآخر، عبر المحيطات والصحاري.

الشجر ليس أهم من الأبناء والبنات؛ يمكن زرع أشجار وتنمو من جديد. أما الأولاد والبنات فهم زرع دائم لا يمكن حصده وزرع غيره. علينا تعليمهم أن يحموا أنفسهم بأيديهم ويطفئوا النار قبل أن تحرقهم. من يشعل عود ثقاب في يومٍ حارّ شديد الريح يحرق الأشجار ومن ينشر الأفكار الفاسدة يحرق عقولًا لا يمكن إصلاح عطبها بسهولة. النار تنقلها الرياح العاصفة والأفكار تحملها الموجات الناقلة للمقاطع المرئية والأصوات، وتنقلها الطائرات ووسائل التواصل الحديثة بين المجتمعات.

مثال أكثر وضوحًا في الحريات الشخصية الخاطئة، من يرمون مخلّفاتهم في الطرقات والحدائق العامة وشواطئ البحر عندنا؛ الطريق لك ولغيرك، الحدائق العامة لك ولغيرك، والبحر لك ولغيرك. البيئة العامة أماكن منزوعة الحرية الفردية ولا يجوز التعدي عليها وتخريبها.

ليس من العسير سرد أمثلة كثيرة في استغلال مفهوم الحرية الجميل في التخريب. لذلك علينا أن نبني سدًّا حاجزًا من الإيمان يحمي من الحريق والتخريب الأخلاقي والبيئي ويحث على الاعتناء ورفض الاعتداء والتخريب. إيمان يحمي الفرد والمجتمع والبيئة؛ إيمان قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله: الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان.


error: المحتوي محمي