13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

من القطيف.. بين مختلفين.. فرحة آل سالم تزرع العلم صباحًا ومنحوتاتها تستوقف زوار صنعتي مساء

على مدى خمسة أيام متتالية، زاوجت فرحة عبد الله آل سالم بين دورها كمعلمة ومشاركتها كحرفية ضمن مئات الحرفيين المشاركين في معرض "صنعتي" 2023 للأسر المنتجة والحرف اليدوية الذي تقيمه شركة معرض الظهران الدولية "إكسبو" تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، والذي اختتم يوم السبت 17 صفر 1445هـ.

وفي ركنها استعرضت ابنة القطيف عددًا من المنحوتات الخشبية واللوحات الفنية، التي تمثل هويتها كنحاتة وفنانة تشكيلية، حيث احتضن ركنها العديد من القطع الفنية المتنوعة سواء في البورتريه أو منحوتات الخشب المصنوعة يدويًا عاكسة فيها موضوعات مختلفة، منها وطنية وأخرى آيات قرآنية ومناسبات دورية.

طفلة ترسم
بدأت علاقة "فرحة" بالفن وهي ما زالت طفلة لم تلتحق بالمدرسة بعد، حين كانت تقتطع الصور التي تستهويها وتلصقها في دفتر لتعمل منها ألبومًا فنيًا، وتطورت بعدها إلى الرسومات التعبيرية التي تتسم بها مرحلة الطفولة، لكنها كانت تجيدها بصورة أفضل من قريناتها، أما في المدرسة فقد كان خطها يلفت نظر الطالبات والمعلمات، وهنا تجلت موهبة أخرى غير الرسم.

تعود فرحة بذاكرتها إلى أيام المدرسة حين كانت طالبة بمريولها الأزرق تلازمها ألوانها الخشبية وكراس الرسم، تقول: "كان تعامل معلماتي رائعًا ومشجعًا بشكل عام، ومن المعلمات اللاتي شجعنني كانت معلمة العلوم للصف الثاني الابتدائي، بعد أن رسمت أول لوحة إيضاح، وهي عبارة عن أجزاء النبتة، قامت تلك المعلمة بمدحي أمام الطالبات والتصفيق لي، كما أنها علقتها على حائط الفصل، وقد أسعدني ذلك الموقف جدًا".

وتضيف: "بعد المدرسة والالتفات لجمال خطي ورسمي، تعزّزت الثقة في نفسي أكثر، لا سيما أن كثيرين كانوا يصفون رسمي بالرسومات المميزة، التي تتصف بالجودة والإتقان".

فنانة على مقاعد الجامعة
مضت سنوات دراستها داخل جدران المدرسة وهي تؤمن أنها تمتلك موهبةً تميزها، وازداد إيمانها بنفسها في المرحلة الجامعية، وتحديدًا في محاضرة لمادة "الأحياء"، حين وجدت أنها فنانة بصورة أكيدة؛ تستطيع أن تنقل كل ما تراه أمامها من عينات بأدق تفاصيلها.

تقول: "كثيرًا ما كنت أمارس الرسم في المعامل الخاصة بالقسم، كمادة التشريح وعلم الأنسجة وعلم النبات والحشرات والزواحف والطيور، وأيضًا البيئة وغيرها من العلوم، فكنت أحرص على الرسم المباشر من خلال العينة وبأدق التفاصيل".

علم وفن
الفتاة الجامعية أصبحت معلمة، والمعلمة ما زالت تتمسك بهوايتها التي كانت غرس موهبة منذ الصغر، ثم حولت تلك الموهبة إلى أيقونة متعة تتسم بها حصصها، فهي تمارس الشرح لطالباتها وتدمجه بالرسم المباشر أمامهن لكل صورة ترفق في درسها، بل إنها عززته بأكثر من مجرد لوحة ترسمها أمامهن، فكانت تقدم لهن ورشًا خاصة، كما قدمت بعض الورش لأمهاتهن، حتى غدا اسمها مرتبطًا بجمال الفن كارتباطه بمعلمة الأحياء في المدرسة.

كانت كلمات طالباتها وزميلاتها ووصفها دائمًا بـ"الفنانة" أكبر محفز لها للاستمرار، بل وفي اكتشاف موهبة أبعد من مجرد لوحات توضيحية، حيث اكتشفت الفنانة التي بداخلها، وظلت ترجمتها للفن ماثلة في تلك اللوحات التي تقدم عليها شرح مادة الأحياء.

تحكي عن تلك التجربة في دمج العلم بالفن: "دائمًا أربط مادة الأحياء بالفن، وباختصار التعلم بواسطة الرسم والنمذجة أسهل طريق لفهم المعلومة، وتقريب الفكرة، فكثيرًا ما أحرص على ربط الأحياء بالفن، وأيضًا اكتشاف مهارات الطالبات وتنميتها وعمل ورش خاصة بذلك على مستوى المدرسة والحي جميعًا".

مفتاح السر
وقد يظن البعض أن التدريس والفن وجهان لا يجتمعان أبدًا على عملة واحدة، بين التزام المعلم وحرية الفنان، ولكن فرحة آل سالم تغير المعادلة، وتقول: "بما أن تخصصي قريب للفن فهو ممتع، وأعده وسيلة لنشر الفن على مدى أكبر، وفرصة للتواصل الكبير لشريحة أكبر من المجتمع".

وأوضحت أن الترتيب هو مفتاح السر في التوفيق بين التزامها كمعلمة، وممارستها للفن، "أرتب وقتي بين المدرسة والفن، حيث أنجز واجباتي المدرسية أولًا وبعدها متعلقات الفن".

فن بأكثر من وجه
ومن دفترها القديم، يشهد خطها بالبراعة والدقة، تلك الخطوات الأولى لعالم القصبة والمحبرة، لتؤكد أن الفن عندما يأخذك إلى طريق، فما عليك إلا أن تتبع خطواته، فمرة بريشة وألوان، ومرة بمنحوتة جمالية، ومرة بخطوط تتهادى استقامة وعرضًا حسبما توافق للخط أن يكون، وتقول: "عشقي للفن هو ما يدفعني لتجربة وممارسة الفنون بأنواعها، عندي فضول كبير للاكتشاف، والخط بالقصبة على الورق، وكذلك بجهاز الحرق على الخشب أو النحت على الزجاج، والرسم باستخدام أكثر من خامة كالرصاص والفحم، أيضًا بالألوان الزيتية والإكريلك، والنحت على الخشب بأنواعه المختلفة (الزانالتيك، والوينقي، والزبرانو، والبادوك، والبوبينجا) باستخدام الأزاميل وتجسيم الحرف بواسطة جهاز السكرول سو، أيضًا تجربة التجسيم بواسطة الطين بأنواعه الأحمر، والأبيض، والرمادي، ورسمت البورتريه، والطبيعة الصامتة، أيضًا رسمت بالخط".

هنا وخارج الحدود
ولم تكن هذه المشاركة الأولى لـ"آل سالم" في معرض صنعتي، بل شاركت في جميع نسخه الست منذ انطلاقته حتى هذه النسخة، لتضيف مشاركة جديدة لرصيد مشاركاتها في الفعاليات والمعارض سواء داخل محافظة القطيف أو خارجها في أنحاء المملكة، إضافة لمشاركاتها في دول الخليج كالبحرين والكويت، وكذلك مشاركتها في النرويج.
.


error: المحتوي محمي