13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

جبل القرين بسيهات

- من قام برفع هذه الصخور فوق التل الرملي؟ متى رفعت هذه الصخور فوق التل الرملي؟ لماذا رفعت فوق التل الرملي؟ كيف تم رفعها فووق التل الرملي؟ من أين جلبت هذه الصخور الضخمة؟ كيف حافظت على بقائها فوق التل كل هذه السنين؟ كم عدد الدراسات التي تناولت هذا التل؟ هل كان التل مقبرة جنائزية لأصحاب الديانة الزرادشتية؟ إلخ، إلخ.

أسئلة كثيرة لم يجب عن أكثرها حتى الآن. عرف هذا التل الرملي بمسمى جبل القرين تصغير لكلمة (قرن) والقرن هو القمة الصخرية الوحيدة والتي لا ترتبط بسلسلة جبلية ونظرًا لأن التل الرملي هذا يعلوه مجموعة من الصخور أطلق عليه جبل القرين تصغير كلمة قرن. ويتكون جبل القرين من قسمين:

1- جبل القرين الكبير.

2- جبل القرين الصغير.

في موضوعنا هذا سنتناول جبل القرين الكبير حيث إن جبل القرين الصغير الذي كان يقع جنوب شرق جبل القرين الكبير ويفصلهما الشارع الإسفلتي حاليًا قد انتهى أمره قبل نحو خمسة وعشرين سنة تقريبًا حيث تم جرف صخوره وتسويتها مع الأرض وأصبح مكانه مزرعة خاصة. وكان جبل القرين الصغير حسب مشاهداتي له ومرفق له بعض الصور التي أخذتها قبل إزالته يحتوي على قطعة صخرية كبيرة منحوت فيه حوض مائي مستطيل الشكل بعرض متر وطول نحو مترين ونصف المتر وعمق متر واحد. بجانب هذا الحوض مجموعة من القبور المحفورة في الصخور بأحجام صغيرة وكأنها مقبرة أطفال.

وانتهى هذا الإرث التاريخي وأصبح في طي النسيان وهنا سوف نتناول الحديث عن جبل القرين الكبير الذي مازالت بعض أطلاله موجودة بالرغم من الأضرار التي أصيب بها. 

جبل القرين الكبير: العجيب في هذا التل الرملي (الطعس) المعروف بمسمى جبل القرين الواقع في الجهة الشمالية الغربية بمدينة سيهات في منطقة القطيف أنه تل رملي ناعم وضع في أعلاه مجموعة من الصخور الضخمة وتم تقطيعها بأشكال هندسية ورصت مع بعضها بشكل فني حتى يراها المشاهد وكأنها قمة صخرية واحدة ولكن تبين الوضع خلاف ما نعتقد طوال السنين الماضية عندما قام مُلّاك الأرض قبل ما يزيد على 30 سنة ماضية بعمل مزرعة دواجن محاذية لهذا التل وجرف كمية كبيرة من رمال التل من جهة الشرق مما أثر على صخوره في الأعلى وانهيار بعضها واتضح بشكل واضح تشكيل هذا التل ومكوناته وهي كالتالي:

أولًا: أساس هذا التل رمال حرة على شكل طعس رملي كما هو متعارف عليه وكثرتها في الجهة الغربية من القطيف.

ثانيًا: لوحظ أن هناك تدخلًا ليد الإنسان في تغطية هذا التل الرملي بكميات من الطين والحصى (البلص) بارتفاع متر تقريبًا على كامل هذا التل الرملي ورفعت في أعلى التل فوق الحصى قطع من الصخور المقطعة بشكل هندسي وزوايا بارزه وصفت مع بعضها وبمهارة فائقة حتى يشاهدها المرء وكأنها قطعة واحدة ولكن بعد انهيارها بسبب جرف الرمال من تحتها برز واضحًا للعيان قطع تلك الصخور كما لوحظ آثار نحتها وقصها بارزة في زوايا الصخور كما شاهدتها شخصيًا في مجموعة من صورها يلاحظ ذلك في الصور المرفقة.

القريب والعجيب في الموضوع كيف رفعت هذه الصخور فوق التل الرملي في تلك الأزمنة السحيقة؟! ونحن أمام نفس الأسئلة التي تطرح في بناء الأهرامات الفرعونية في مصر وهذا ليس بغريب فالعلاقة التجارية بين مصر الفرعونية وعصر مدينة (جرة) التي أقيمت على مياه الخليج العربي في تلك الأزمنة والتي تمثل أحد الاحتمالات التي وردت من ضمن خبراء الآثار أن جبل القرين بسيهات هو مركز مدينة (جرة).

الأسطورة المتداولة: هناك أسطورة متوارثة بين الأجيال السابقة من أهالي المنطقة حول جبل القرين أن جبل القرين مركز لقوم سكنوا هذه المنطقة وكانوا ذوي ثراء فاحش وكانوا يستخدمون بعض ما أنعم الله عليهم من مأكولاتهم (الخبز) في تنظيف مخلفاتهم فخسف الله بهم وجعلهم صخورًا في أعلى التل الرملي عبرة للأجيال. 

بينما هناك دراسات ترى خلاف ذلك. وهذه الأسطورة لها علاقة بمدينة جرة التي سكنها الكلدانيون الذين اشتهروا بثرائهم الفاحش. أما عن الدراسات التي تناولت هذا التل حتى الآن فهناك بحوث تناولت دراسة هذا التل.

أولًا: ذكر دانيال بوتس في كتابه الخليج العربي في العصور القديمة أن بعض خبراء الآثار بعد دراستهم للمنطقة آثارها تبين لهم أن جبل القرين مركز مدينة جرة الأثرية التي عرف أهلها بثرائهم الفاحش وكانوا يزينون بيوتهم بالذهب والفضة ويتاجرون بالبخور وتصل جارتهم إلى كل من فارس واليونان ومصر والشام. ومن هؤلاء الخبراء الذين يرون هذا الرأي هم (ر. ستييهل) و(ه. فون ويسمن). 

ثانيًا: دراسة قام بها أحد موظفي شركة أرامكو السيد (بوب كورن ول) له دراسة عن الأحفوريات التي نحتت في صخور جبل القرين واستنتج أن هذه القبور كانت تستخدم من قبل اتباع الديانة الزرادشتية من خلال تعرية أجساد موتاهم ووضعها في التجاويف الصخرية التي تأخذ شكل القبور في أعلى التل.

ثالثًا: أخبرني الأستاذ على المغنم مدير عام الآثار بوزارة المعارف في مقابلة معه في متحف الدمام آنذاك عام 1416 هجرية أنه قام بدراسة حول جبل القرين واكتشف فيه بعض القبور تعود إلى ما قبل الإسلام كما اكتشف بعض القبور الإسلامية وهذا يبين لنا أن الموقع كان مقبرة عامة.

على كل حال من أراد المزيد عليه الاطلاع في كتابنا (قطيف ما قبل الإسلام)، مرفق بعض الصور التي أخذتها خلال سنوات متابعتي التغيرات التي حدثت لهذا التل.





error: المحتوي محمي