13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

في الربيعية.. غفران الدبيسي سبقت القطيف بـ «كوب الأحلام».. درست التصميم والإدارة وامتهنت رسم الصلصال

كنّ خمسًا من القريبات وسادستهنّ مواقع التواصل الاجتماعي، بالأحرى تلك الصفحة التي كانت تعرض تزيين الأكواب بالصلصال بمجموعةٍ من الرسومات والتصاميم التي أبهرتهنّ جميعًا بهذا الفن، وأفغرت أفواههنّ، لكنّ تلك الصفحة لم تستوقف اللحظة والزمن والصورة لديهنّ كما استوقفت غفران رضا الدبيسي، التي جاءتها الفرصةُ بلا موعد ولا ترتيب فاغتنمتها من حيثُ لا تعلم.
صممّت "الدبيسي" على البحث عن طريقة تعلّمهِ ومعرفته، وبالفعل بدأت رحلة الفضول لديها في عالم صناعة الأكواب، وفي بداية خطاها لم تكن تخطّط لتأسيس مشروع أو ما شابه، بل كانت مجرد مُمارِسة لهوايةٍ جديدة استقطبت انتباهها مع الصديقات، ولكنّها بمجرد أن بدأت تعرض أعمالها البسيطة حينها على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي حتى وجدت إلحاحًا حنونًا مشجعًا من أهلها وأصدقائها يدفعها لبيع ما تنتجهُ أناملها من أكوابٍ كانت قبل فترة قصيرة غريبة عليها.
كوب الأحلام
وضعت "الدبيسي" في البداية الكثير من الأكواب تحت تصرّف تجاربها الكثيرة، وبعد العديد من التجارب التي فشل بعضها استطاعت أن تكلّل محاولاتها بالنجاح، وشيئًا فشيئًا هللّ النجاحُ فرحًا في حرفتها الجديدة بعد أن تمرّست وتدرّبت في هذا الفن وتعرّفت على أسراره، ومن هنا بدأ "كوب الأحلام" كما أسمت مشروعها مسيرتهُ مع أصدقائهِ المحبين له، وربّما كان لميلها للفنون بجميع أشكالها، ودراستها السابقة في كلية التصاميم، أثرها المساند لإبداعها في هذا الفن الذي تمارسهُ إلى جانب دراستها إدارة الأعمال حاليًا.
أول كوب
تذكر غفران لـ «القطيف اليوم» تجربتها المميزة بإنتاج أول كوب في مشروعها، فتقول: "ما زلتُ أتذكر جيدًا أول كوب قمتُ بتنفيذهِ كمتجر متخصص بصنع الأكواب، وأتذكر كيفية إعداده، لقد كان لصديقة عزيزة داعمة لي ومشجعة للفنون أيضًا، وعلى الرغم من أنّهُ لم يكن بالمستوى الفني الذي وصلتُ له الآن، إلا أنني أعتز بهِ كثيرًا؛ لأنه يعود بذاكرتي لبداياتي التي أعتز بها أكثر".
وتتابع: "منذ أواخر 2019 خطا مشروعي خطوتهُ الأولى بإنتاج أوليّ أيضًا في المنطقة، وأنا أصممّ الكثير من التصاميم الخاصة بي، وينال كوب الأحلام لقب الأكثر طلبًا، يليهِ كوب الكادر الصحي بشكل عام، وكوب موظفي أرامكو، إضافة إلى الإطارات المختلفة وإطار العرسان الذي أصبح مطلوبًا جدًا، وبفضل الله أحبّ الناس مشروع كوب الأحلام كثيرًا، والإقبال أصبح متزايدًا والوقت لا يسعني لألبي كلّ طلبات الأصدقاء أنا وفريق عملي الصغير، ولا يسعني سوى أن أعتذر منهم أشد العذر وأعدهم بالكثير من المفاجآت".
تجاربٌ لا تُسرق
استفادت ابنة الربيعية من تجارب ودروس الآخرين على الإنترنت، وتعترف بأنهُ لولاها لما وصلت إلى هذا المستوى، فهي شغوفة بمشاهدة أعمال الآخرين التي تمدّها بالإلهام، خصوصًا الأعمال الروسية، لكنّها في ذات الوقت تنأى بنفسها عن التقليد وسرقة التصميم ونسخ أعمال الغير، وتهدي نصيحتها لمن يودّ العمل في أي نوع من أنواع الفنون بأن يستلهم ويستفيد من الإنترنت، وألا يقلّد الشكل بحذافيره بل يصنع هوية تميّز أعماله كبصمتهِ.
أكواب خزفية
تستخدم غفران في مشروعها أكوابًا بأشكال محدّدة لتمييز أعمالها وتثبيت هويتها، وهي أكواب خزفية، بالإضافة إلى الصلصال الحراري العادي والسائل، مع الصمغ الخاص به، كما أنّ عمل الأكواب يتطلّبُ فرنًا كهربائيًا مخصصًا للعمل، فالصلصال الحراري لا يتصلّب إلا بالحرارة، حيثُ تبدأ عملها بالتصميم المطلوب واختيار الألوان ثم التشكيل ويليه الخبز، وأخيرًا التثبيت النهائي للمجسم.
ساعتا حب
تستغرق "الدبيسي" في إنتاج الكوب حوالي الساعتين تقريبًا، ويتفاوت الوقت باختلاف التصميم وتفاصيله، ويستوي الوقت المستقطع من يومها لإنتاج الأكواب بتصميم الذكور أو الإناث، فخطوات العمل نفسها تمامًا للكوبين، والاختلاف بسيط جدًا ممّا يبعد التفاوت، ويتم احتساب تكلفة الكوب بدءًا من أدوات العمل والتغليف والمواد أولًا، ومن ثمّ ساعات العمل عليه ومقدار المجهود المبذول فيه.
وقد صمّمت من خلال عملها تصاميمها الخاصة التي طورتها تطويرًا ملحوظًا، محدثةً العديد من التغييرات والتجديدات على طريقة العمل وسياسة الطلب، ممّا ساهمَ في تشكيل هوية كوب الأحلام وتميزه بدءًا من كوب الأحلام ومرورًا بغيرهِ الكثير.
جهد الحُب
تجهد "الدبيسي" بكل حُب فكرها ويديها؛ لإنتاج أفكارها الذاتية، أو ما يطلبه الزبائن منها، حيثُ تأخذ مواصفات الشخصية كتابيًا كلون الشعر والبشرة، أو إرسال صورة لمحاكاة الشخصيات الحقيقية؛ لتبذل جهدها لتكون أقرب للواقع، فمن أصعب الأعمال الأكواب المزدانة بنحت ملامح شخصية من الشخصيات، وتحديدًا شخصية اللاعب ميسي الذي تصنفهُ من أصعب الأعمال في التنفيذ وأطولها وقتًا.
أجواء إبداعية نظيفة
تحفّز الأجواء الهادئة والنظيفة "الدبيسي" للعمل بكلّ تركيز، بالإضافة لكون الصلصال قابلًا لجمع كل ما قد يلامسهُ من ذرات غبار أو ما شابه ممّا يؤثر على نظافة العمل، وهي تشعرُ بأنّ كل كوبٍ تصنعهُ تصنع علاقتها القوية معهُ في ذات الوقت، فتشعرُ بالحزن لمفارقته، حتى يصل الطلب إلى العميل وتصلها رسالة الشكر والإعجاب، فتغمرها السعادة والرضا.
موسم وعرض
يكثر الطلب لأكواب الأحلام في المناسبات كالأعياد، و50%؜ من هذهِ الطلبات هي هدايا، مما يجعل "الدبيسي" مستعدة دائمًا لتوفير قطع جاهزة للاستلام في المناسبات؛ ليتسنى للأصدقاء إهداء أحبتهم، وقد أكسبتها دقتها في العمل وعرض أعمالها في صفحات التواصل الاجتماعي انتشارا طيبًا، فأصبحت الطلبات تصلُ إليها من جميع أنحاء المملكة، وتطمحُ للوصول خارجها.
دورات مجانية
أقامت غفران عدة دورات أون لاين على "سناب شات" لتعليم صناعة الأكواب بالصلصال، وكانت جميع الدورات مفتوحة ومجانية للجميع، وهي تعمل حاليًا على تحضير دورات خاصة لمن يود الدخول في هذا المجال بحرفية، وسيُعلن عنها في الوقت المناسب، وقد ساهمت الدورات التي أطلقتها في ممارسة الهاوين لها من خلال ما شاهدته، وولادة مشاريع جديدة خاصة في المنطقة.
كوفيد والأحلام
وعن "كوفيد 19" الذي زامن انطلاق مشروعها، قالت: "عملي ممتع بامتياز، وأنا شغوفة به، وأسعى دائمًا لأطور من نفسي وتنمية مهاراتي وتعلّم الجديد، ولكني وبكل أسف لم يتسنَ لي الحضور والمشاركة في المعارض المحلية والمهرجانات بسبب الجائحة، خصوصًا أنّ وقت انبثاق كوب الأحلام تزامن مع اجتياح الفايروس للعالم".
وأضافت: "أطمح أن أنشر هذا الفن محليًا بالتحديد، وأن أهدي الأصدقاء جزءًا من روح عملي بتعليمي لهم لهذا الفن وتشجيعهم ودعمهم، وأمنيتي القلبية أن يصل كوب الأحلام لكُل بيت قطيفي".





error: المحتوي محمي