13 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

من سنابس.. آل طلاق شاغب الكاميرا في الـ6.. ورصد 200 طائر في سبع سنوات 

احتضن طيوره في أقفاصها كأي طفل صغير يتعلق بتلك الهواية، يخصص وقتًا للاهتمام بها، متسمرًا أمام تفاصيلها، تلك التفاصيل التي بدأ يحتضنها بإطارات كاميرته، بعد أن توجه في شبابه إلى هواية أخرى جديدة؛ هواية التصوير الفوتوغرافي، ولأن حنين الطفولة غالبًا ما يعود ليطرق أبواب القلب والذاكرة، فإن حنين الفوتوغرافي تقي آل طلاق عاد به إلى عالم ذوات الريش ليتخصص في تصويرها، ويخرج منها بحصيلة فوتوغرافية لا يمكن حصرها.
طفولة الـ أوليمبوس
شغف "آل طلاق" في طفولته بعالم الحيوان وعلى الأخص عالم الطيور، فكان يقتني بعض أنواع الطيور حبيسة الأقفاص في المنزل للعناية.
وتولدت لدية هواية أخرى حين بدأ صداقة جديدة مع كاميرا فيلمية من نوع أوليمبوس كان يمتلكها والده، فقد كان والده مهتمًا بالتصوير، فبدأ في مشاغبة اللقطات بعفوية وهو ابن السادسة.
توقف لسنوات
كبر تقي وكبرت صداقته مع الكاميرا، فكانت أول كاميرا خاصة به هدية من والده من نوع سوني سايبر شوت وهو في الـ 19 من عمره، وتطورت العلاقة بينهما، كهاوٍ وآلة يشتركان في إيقاف اللحظة الجميلة، أو تأطير ما يستوقفهما في ذاكرة تلك الرفيقة الجامدة، إلا أنه توقف بعدها لعدة سنوات عن ممارسة هوايته.
عودة بهدية الأب ورفقة جديدة
عاد "آل طلاق" في عام 2010 م، مستخدمًا ذات الكاميرا القديمة، وبعدها بعامين اقتنى أول كاميرا احترافية من نوع كانون مع عدسة ‏Sigma 70-300، وبعد بدايته الفعلية في عالم الطيور كان من المهم لديه استبدال المعدات للخروج بنتائج أفضل فاقتنى كاميرا أخرى من نوع كانون أيضًا إلا أنها أكثر تطورًا، مع عدستين إحداهما ذات بعد بؤري ثابت والأخرى متغير، وبعدها بسنوات وبعد بحث طويل عن ماهية المعدات الأفضل لتصوير الطيور استبدل معداته بكاميرا من ذات النوع أيضًا ولكنها أكثر تطورًا، كما صحبها بعدسة فاخرة من شركة كانون كذلك ‏Canon 600mm f4 is.
الرقع الخضراء وساكنيها
اهتم "آل طلاق" بتصوير ما تبقى من الرقع الخضراء في جزيرة تاروت، وهو ما يعتبره بدايته الفعلية في عالم التصوير، يقول لـ«القطيف اليوم»: "كانت البداية عام 2010، حين بدأت العودة للتصوير مجددًا، وقد انصب اهتمامي في تصوير ما تبقى من الرقع الخضراء في جزيرة تاروت وكذلك التصوير في السفر"، مضيفًا: "كما كانت لي تجارب بسيطة في عالم الماكرو وتصوير الحشرات، وتصوير المنتجات والبورتريه".
ويمضي في حديثه: "في عام 2012 كنت متابعًا لصور بعض الإخوة من مصوري الطيور في مجموعة تاروت قديمًا وحديثًا في فيسبوك ومنتدى سنابس، فبدأت أبحث عن مدخل لهذا الطريق إلى أن خرجت برفقة أخي العزيز ومعلمي الفوتوغرافي مهدي الصغير، بعدها بعام، أي في 2013 كانت هذه بدايتي الحقيقية في عالم ذوات الريش".
ويتابع: "ما إن مضى عام جديد حتى التحقت بمجموعة رصد وحماية الطيور، وأنا الآن عضو مؤسس وإداري فيها، ورغم أنني تعلمت التصوير بنفسي ولم ألتحق بأي دورة لتعلم التصوير الفوتوغرافي، إلا أنني تعلمت الكثير من بعض الإخوة الأعزاء في مجموعة رصد وحماية الطيور".
وعلى الرغم من أنه أمضى قرابة الـ10 سنوات في عالم التصوير إلا أنه لم يشارك حتى الآن في أي مسابقة فوتوغرافية، يبين: "المسابقات الفوتوغرافية ليست من أهدافي، والإنجاز الأهم بالنسبة لي هو تعريف المجتمع بجمال هذه المخلوقات وتوعيتهم للحفاظ عليها".
أبو دبة و200 طائر
رصدت كاميرا الفوتوغرافي تقي طائر الدوري أو ما يسمى محليًا دبابي أو أبو دبة كأول طائر يقوم بتوثيقه، وهو الطائر المحلي الأكثر تواجدًا في المنطقة، وقد كان ذلك في إحدى مزارع شمال تاروت.
وتضم قائمة الطيور التي قام برصدها خلال السبع سنوات في مشواره الفوتوغرافي أكثر من 200 نوع مختلف، بعضها محلي وبعضها منتظم الهجرة وبعضها قليل المشاهدة وبعضها نادر المشاهدة، إلا أن أبرزها بالنسبة له الأصارد بأنواعها والرفراف بأنواعه والجوارح.
وزار عددًا من المناطق ليحظى بتصوير هذا العدد من الطيور، كان أبرزها؛ محمية الجبيل الطبيعية "سبخة الفصل"، وفي الكويت زار جزيرة كبر، ومحمية صباح الأحمد، ومحمية الجهراء، وأيضًا جزيرة ربض في مملكة البحرين، كما كانت له جولات رصدية في جدة.
طقوس
يمارس الفوتوغرافي المنحدر من بلدة سنابس تصوير الطيور ضمن استعدادات خاصة، يوضحها:" في الغالب يكون الرصد والتصوير من السيارة ونحتاج في هذا الوضع لوسادة خاصة بتثبيت الكاميرا ضد الاهتزاز، وأحيانًا نحتاج لتشغيل صوت نداء لجلب الطيور، أما الوضع الآخر هو الرصد من داخل خيمة مموهة ونحتاج حاملًا ثلاثيًا للكاميرا وأحيانًا سماعة لاسلكية لتشغيل صوت نداء للطير لجعله يقترب أكثر".
ويتابع: "أحيانًا لا يكون لي خيار في اختيار اللقطة لسرعة تحركات الطيور، وغالبًا تكون الصور عفوية، وفي بعض الأحيان وبعد خروجي بنتائج مرضية لابد من السعي للخروج بنتائج أفضل".
نادرة ومميزة
وثقت كاميرا "آل طلاق" عددًا من الطيور النادرة، ومنها الثرثار العربي وهو أحد الطيور النادرة التي تتواجد عادة في جنوب المملكة ولم يسبق تسجيله هنا، إلا أن "آل طلاق" رصده في عام 2015، وفي ذات العام تمكن من رصد العقاب المرقط الأصفر، كما وثق في عام 2018 طائر خاطف الذباب أحمر الصدر وهو أيضًا من الطيور التي لم ترصد في المنطقة.
ويفخر بإحدى لقطاته، وهي لطائر صقر الجراد، وقد التقطها بالمصادفة حين كان يراقب أحد الطيور وحط صقر الجراد بجانبه وبمسافة قريبة جدًا وكان يمسك بفريسة بين قدميه.
حكايات
يسرد تقي بعضًا من المواقف التي صادفته خلال رحلاته الفوتوغرافية، يقول: "كثير من رحلات التصوير كانت لا تخلو من المخاطر والمواقف المخيفة، أذكر منها موقفًا حصل لي في مستنقع شمال تاروت (الخريس) كنا في بعض الأحيان نتوجه للمستنقع بعد صلاة الفجر وقبل شروق الشمس، وقد وصلت يومها للمستنقع ونصبت الخيمة والمعدات، بعد الشروق بساعة التفتت للخلف وتفاجأت بقطيع من الكلاب الضالة يتعدى الـ30 كلبًا محيطين بي من الخلف ولا يتعدى أقربهم لي مسافة المتر، إلى أن وصل أحد الإخوة وقام بتشتيتهم".
كنز فقد بعض أصوله
لا يتمكن "آل طلاق" من إحصاء رصيده الفوتوغرافي، كالكثيرين من الفوتوغرافيين، يقول حول ذلك: "من الصعب جدًا إحصاء عدد اللقطات لكثرة الملفات الفوتوغرافية، وبعض الملفات أقوم باختيار الصور ذات الجودة الأفضل لمعالجتها وباقي الصور تذهب للأرشيف".
ويضيف: "قمت بجمع أرشيفي منذ بدايتي الفعلية عام 2013 حتى الآن، والحمد لله أنني لم أفقد أيًا من تلك الصور، إلا أنني فقد الكثير من أصول الصور وما زلت أحتفظ بالصور المعالجة".
حصاد في 4 دقائق
اختزل "آل طلاق" جزءًا من مسيرته كراصد طيور في فيديو مدته 4 دقائق فقط، ضم فيه 61 صورة لـ54 نوعًا مختلفًا من الطيور، وقد استغرق إنتاجه ساعتين فقط.
وكان أبرز تلك الطيور؛ طائر البومة النسارية مع فروخه، وهو من الطيور التي شارك أحد أصدقائه في مشاهدته ومتابعة تفريخه من أول بيضة حتى طيران فروخها، كما يظهر فيه طائر الثرثار العربي والنحام القزم (حر في أحد المحميات)، كطيور نادرة في المنطقة، حيث إنها لم تسجل سابقًا فيها.
وضم أيضًا نسر جريفون والنسر المصري والبجع الرمادي والتم الأسود والكركي السنجابي والكركي الياباني والكركي المتوج، وقز صورت جميعها في إحدى المحميات أيضًا لندرة وصعوبة مشاهدتها.
وحول الفكرة يقول: "بدأت الفكرة قبل 4 أعوام، وكانت الفكرة الرئيسية هي تصوير الطيور من أقرب نقطة ممكنة، وأسميت ملف المشروع (بورتريه الطيور)، وبعدما أكملت جزءًا كبيرًا من المشروع خطرت لي فكرة عرض ما خرجت به للجمهور عن طريق فيديو تعريفي لبعض الأنواع، مع صورة عن قرب للطير لإظهار جماله، والهدف من هذا الفيديو هو التوعية لترك هذه المخلوقات تهاجر بسلام"


error: المحتوي محمي