الحاج الأستاذ عبدالرسول بن حسن القطان..
رجل بسيط مكفوف البصر منذ ولادته... ولد في الديرة أي الجزء الغربي الآن من الشويكة.
منذ نعومة أظفارنا أنا وأخوتي وأبناء خالي وأبناء خالتي كنا دائماً نتردد على بسطته البسيطة لنشتري منها ما يتيسر من الحلويات والبسكويتات (بجانب بيت خالتي علوية وبيت حجي خليل الخاطر أبو إبراهيم) وكان عز الطلب عندنا في المشتريات هي أيام العيد فبسطته حينها تزدان ليس فقط بالحلويات بل بمختلف الألعاب أيضاً.. كان مصروفنا اليومي هي النقود المعدنية فقط وعادة ما تكون قطعة معدنية واحدة إما قرشين أو أربعة قروش.. لم نكن نعرف النقود الورقية بعد سواء فئة الريال أو غيرها... وكان الحاج الأستاذ عبدالرسول وقتها رغم كف بصره يعرفنا واحداً واحداً من أصواتنا ويسأل عن من يتخلف منا.. وكان دائما ينصحنا بعدم الخروج من منازلنا وقت الظهيرة أو الجري بين الأزقة....
دارت الأيام وكبرنا.. واتجهنا إلى المدارس وكانت المفاجئة؛ أن أحد مدرسينا لمادة القرآن هو الأستاذ عبدالرسول (لنعرف بعدها أنه أحد خريجي معهد النور بالقطيف (مدرسة تعليم المكفوفين) لقد اتجه للدراسة أيضاً وأصبح طالبا وبعدها مدرسا وكان من أوائل الطلبة والمدرسين في منطقة القطيف.
هذا الإنسان العصامي مكفوف البصر لم يمنعه فقره أو فقد بصره عن إكمال دراسته وشق طريق الحياة لينير دربه وينير الدرب للآخرين أيضاً..
أتذكر اخر مرة رأيته فيها في حفل تكريم رجال التعليم بالشويكة (الحفل الذي أقامه أهالي الشويكة لتكريم المدرسين المتقاعدين من أهالي الشويكة في حسينية العسيف عام ١٤٣٨ هجرية).. التقيت به وكان هذا اللقاء يمكن كان على مسافة ٣٠ عامًا فبادرته: أستاذي هل تذكرني؟.. فقال لي: أنت السيد ولد المعلمة (لكن هل أنت سيد عباس أو سيد نعمه) فقلت له أنا سيد عباس.. قال: زين صِدتك، قلت له: ليش أستاذ؟ قال: لأن عليك قرشين ليي.. إذا تذكر أنت مرة أعطيتني قطعة حديد بدل القرشين وأنا ما بغيت أقول لك إنك تبغى تغشني ومشيت السالفة...
رحمك الله بواسع رحمته وجزاك الله عنا خير الجزاء... لقد كنت أحد العلامات المضيئة والفارقة في الشويكة...



