18 , نوفمبر 2025

القطيف اليوم

ما مضى من طرائف وآلام مخاض الأمهات!

رحم الله أمهاتنا وجداتنا، الولادة في عصورهم كانت موتًا أو حياة، تحصل في أي لحظة؛ في الدار، في الحقل، تحت شجرة، في سفر، في سيارة أو فوق صندوق عربة حمار، في أي مكان يأتي نداء المخاض. أبناء الأجيال السابقة كلّ واحد له حكاية طريفة في الولادة! حدث بهيج ومخيف في ذات الآن!

تمرّ أسابيع وأشهر الحمل والمرأة تعمل مع زوجها وأسرتها رغم ثقل الحمل. عندما تحين الساعة، إن كانت محظوظة تجد قابلةً أو مولّدة أو جارة تساعدها وقت الإنجاب. امرأة لديها معرفة بسيطة بالمساعدة في الولادة. هذا في الحالات الطبيعية أما حين تتعسر الولادة فقد تحصل مضاعفات دونها موت الأم أو الجنين، مع ذلك الألم المرتفع ربما يصل مقداره 5/10 من القوة كانت النسوَة ينجبن أكثر من عشرة أطفال، يموت من يموت ويبقى من يبقى!

يوم أو يومان وتعود المرأة إلى ما كانت عليه من حياة وعمل، لا أربعين يوم راحة ولا نقاهة ولا نفاس. لك أن تتخيل أين كنا وأين نحن الآن مع تقدم الطب ورعاية الأمومة! تضاءلت - عندنا - أعداد الأطفال الذين يتوفون والأمهات ساعة الولادة إلى حدّ أقل بكثير عما كان. تستطيع أن تطلع على الأرقام بنفسك إذا رغبت.

يروى أن رسولَ الله -صلى الله عليه وآله- قال: أيما امرأة دفعت من بيت زوجها شيئًا من موضع إلى موضع تريد به صلاحًا نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذبه، فقالت أم سلمة: يا رسول الله - صلى الله عليه وآله -، ذهب الرجال بكل خير فأي شيء للنساء المساكين؟ فقال: بلى إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملكٌ كريم على جنبها وقال: استأنفِي العمل فقد غفر لك.

أنت القارئ الكريم، أو القارئة الكريمة، من المحتمل أن أباكَ كان يترقب وينتظر لحظة ميلادك بينما كانت أمك تمر بلحظات تتكور فيها من ألمِ الطلق. بعد ذلك تأتي القابلة وتقول له: أبشر يا أبا فلان، لقد رزقك الله ابنًا أو ابنة تضيء مثل فلقة قمر. لذلك لم يكن غريبًا أن يكون للأم حق عظيم. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسولَ الله من أبر؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك.

كرامة وتاج وضعه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الأمهات لكثرة المشقات وزيادة التعب. على الأمهات أن يحفظنَ حق التاج ولا يضيعنَه ويحفظن حقّ الكرامة والمقام السامي الذي استحققنَه ليس لأنهنّ نساء وإنما نساءٌ أمهات.


error: المحتوي محمي