رحل علي، وسكن الصمت بيننا..
خطف الموت منّا زهرة عمرٍ لم تكتمل، خطف منّا نبضًا، كان يُنعش قُلوبنا بضحكته، بحضوره، بروحه النقية.
رحل “علي” الشاب الطموح، المثابر، والذي كان، يحمل قلبًا لا يعرف سوى الحب، ولسانًا لا يعرف إلا الكلمة الطيبة.
علي لم يكن يومًا عابرًا في حياة من عرفه، بل كان الضوء، يتسلل إلى الأرواح المنهكة، يربّت على القلب بحنانه، ويمسح على الهمّ بابتسامته التي لا تنطفئ.
كان خفيف الظل، كريم النفس، لا يُؤذي أحدًا، لا يرد طلبًا، ولا يجرح قلبًا.
كان يحمل في عينيه أحلامًا كبيرة، وفي خُطواته عزيمة لا تلين.
كان يحلم بمستقبل مُشرق، ويعمل بصبر؛ ليصنعه، ليس فقط لنفسه، بل لكل من يحب.
لكنه رحل سريعًا بشكل لا يُصدّق، وكأن الدنيا لم تحتمل جمال قلبه؛ فاستعجلته السماء.
كان “علي” بالنسبة لنا أكثر من أخ، أو ابن، أو قريب.
كان قطعة من أرواحنا، تمشي بيننا، يحنو علينا بصوته، ويزرع فينا الطمأنينة كلما ضاقت الدنيا.
نفتقده في كل لحظة، في ضحكته التي كانت تسبق الكلام، في طريقته الخاصة في تهوين المصاعب، في حُضوره الذي كان يملأ المكان دفئًا وحياة.
يا الله، كم هو الفقد مؤلم.
لم نكن نعلم أن الحياة يُمكن أن تتوقف في لحظة، أن يُسلب منّا الفرح فجأة، أن تتحول الصور إلى جمر، والذكريات إلى بُكاء مكتوم لا يسمعه أحد.
رحل، وترَك وراءه فراغًا لا يُملأ، وشوقًا لا يُشفى، وقُلوبًا لن تعود كما كانت أبدًا.
يا الله، إن قُلوبنا مُثقلة بالحزن، والعيون لم تجف مُنذ أن غاب عنّا، والصوت داخلي يصرخ:
لماذا هو؟ لماذا الآن؟
لكنّك يا أرحم الراحمين، تعلم ما لا نعلم، وتُدبر بحكمتك ما نعجز عن فهمه.
اللهم ارحم علي، واغفر له، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، لا حُفرة من حُفر النار.
اللهم آنس وحشته، وثبّته عند السؤال، واجعل وجهه مُنورًا بنورك، وارزقه جنة الفردوس بغير حساب.
اللهم ارزقنا الصبر على فراقه، واملأ قُلوبنا رضا بقضائك، وقُوة؛ لنكمل الطريق بما يُرضيك، وبما يُسعد علي وهو في جوارك.
إنا لله وإنا إليه راجعون..
لن ننساك يا علي، فمكانك في القلب لا يُملأ، وذكراك لا تزول، وحنيننا إليك لا ينطفئ..
سلامٌ عليك يا علي، ما دامت الأرواح تتنفس، وما دام الحنين لا ينام.
سنذكرك في دُعائنا، وسنحكي عنك دومًا، وسنبقى نشتاق إليك حتى نلقاك.



