
في قصص وحكايات سيرة البشر أجراس تنبيه وتوعية؛ ما جرى لفلان هل يجري عليّ؟ ماذا يمنع؟ هل أستطيع أن أقاوم؟ هل أستجيب؟ قولوا: يا الله نكمل حياتنا في الطريق الصحيح ولا ننحرف!
واحد من اثنين لا ثالث لهما، إما هذا الطريق أو ذاك، إما طريق النجاة أو الهلاك، الشر أو الخير، الأهم الأهم طريق الجنة أو النار.
تقرأ في سير الماضين عمن مشى في طريق الخير ومن مشى في طريق الشر. في كل زمان أناس يسيرون بسرعة كبيرة على طريق الخير وعلى طريق الشر. طريقان واسعان يمكن الالتفاف والدوران في أي لحظة.
في طريق الخير منعطفات ومخارج يخرج منها من يصعب عليه السير في طريق الخير إلى طريق الشر السهل الحركة والممتع. وفي طريق الشر مخارج يمكن العودة منها إلى طريق الخير. لا تنتهي المخارج والاستدارات حتى تخرج الروح.
آخر مخرج يسمى التوبة الأخيرة، الفرصة الأخيرة. أناس كثير في التاريخ اغتنموها واستفادوا منها، وآخرون قالوا: الطريق طويل ولا بدّ أننا نأتي على مخرج قبل نهاية الحياة إلا أنه إما أن الحياة انتهت قبل أن يجدوا طريق العودة أو لم يكن من طريق للعودة بتاتًا.
كم سجلّ التاريخ من أسماء أناس ساروا في الاتجاه الخاطئ زمنًا طويلًا ثمَّ انعطفوا لسببٍ ما؛ أموال، مناصب، متع! وكم سجل التاريخ من أسماء أناس ساروا في الاتجاه الصحيح حتى آخر لحظة فإذا بهم لا يختارون على الجنة بدلًا!
راحلٌ أنت والليالي نزولُ! الوقت لا ينتظر. موسيقى الجنائز الحزينة تطرق أسماعنا كل حين؛ الشابّ فلانٌ مات، الشابّة فلانة لفظت آخر أنفاسها! يحصل كل هذا بينما أنا المسكين أدّعي أنني لا أسمع لا أرى!
"شغل من الجنة والنار أمامه. ساع سريع نجا، وطالب بطيء رجا، ومقصر في النار هوى" .. الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
شرح ابن أبي الحديد الكلام فقال: "يقسم الناس إلى ثلاثة أقسام: الأول الساعي إلى ما عند الله السريع في سعيه وهو الواقف عند حدود الشريعة لا يشغله فرضها عن نفلها ولا شاقها عن سهلها، والثاني الطالب البطيء له قلب تعمره الخشية وله صلة إلى الطاعة لكن ربما قعد به عن السابقين ميل إلى الراحة فيكتفي من العمل بفرضه وربما انتظر به غير وقته وينال من الرخص حظه وربما كانت له هفوات ولشهوتِه نزوات على أنه رجاع إلى ربه كثير الندم على ذنبه فذلك الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا فهو يرجو أن يغفر له، والقسم الثالث المقصر وهو الذي حفظ الرسم ولبس الاسم وقال بلسانه أنه مؤمن وربما شارك الناس فيما يأتون من أعمال ظاهرة كصوم وصلاة وما شابههما وظن أن ذلك كل ما يطلب منه ثم لا تورده شهوته منهلًا إلا عبّ منه ولا يميل به هواه إلى أمر إلا انتهى إليه فذلك عبد الهوى وجدير به أن يكون في النار هوى".