04 , يوليو 2025

القطيف اليوم

اترك رسالة

حين تتصل بأحدهم ولا تتلقى ردًا قد يرد عليك البريد الصوتي ويقول لك اترك رسالة لكننا بالغالب نغلقه ولا نترك رسالة تبلغ من نتصل به بالأمر الذي نريده منه، وربما نلجأ لهذه الرسالة في حال كان الأمر ضروريًا ومستعجلًا. 

وفي الحديث عن الرسائل، ومهما كانت الرسائل الصوتية تحوي جزءًا من لغة الجسد بتحديد نبرة المرسل وتحديد هوية رسالته إن كانت جادة أو مازحة، لكن تبقى الرسائل المكتوبة تحمل الخط والهوية، تحمل الشوق بين السطور والتوقيع في نهايتها. 

لا أتذكر منذ متى تلقيت رسالة مكتوبة لأنها مع الزمن تقلصت بكروت الإهداء وأصبحت بضع كلمات لا تشفي غليل من يترنم بكلمات محبيه غير المستهلكة. 

حتى مع التطور برسائل المحادثات لكن أحب الرسائل التي تبقى بالذاكرة التي ربما نصادفها بكومة أوراقنا فنستعيد فيها زمنًا جميلًا كنا فيه، وعلاقة أجمل وأكثر قربًا كنا نملكها. 

أستغرب أحيانًا ممن كان يطلب  أن يُكتب عنه رسالة  لأحد، لأن برأيي الرسائل ليست فقط كلامًا منمقًا ومزخرفًا بالتعابير فالتنميق قد يكون أجوف من الوصول للمراد القلبي التي قد توصله الكلمات البسيطة التي تخرج من القلب وتخترق القلب الآخر، فمهما كانت غير مزخرفة بزخارف اللغة وغير مكتوبة على يد كاتب مخضرم، فقط تمرير الكلمات على معمل الإحساس العالي وهي ستعمل مفعولها.

ومع كثرة الاعتماد على CathGPT لا أشك أن المهمة ستوكل له في حال التفكير بإرسال رسالة ولكنها ستخرج مفرغة من المشاعر الصادقة التي لا يصل لها الذكاء الإلكتروني.

وبعيدًا عن الرسائل المكتوبة أو المسموعة، أو المحسوسة التي نتراسل فيها مع من حولنا، هناك رسائل أعظم علينا التفكير فيها مليًا ومنها نستمد الدافع لحياة أكثر فائدة للمجتمع.

ما رسالتي بالحياة؟ ما الرسالة التي لو كان هناك جهاز مكبر للصوت يسمعه العالم أجمع ماذا سأقول لهم برسالتي؟

هل سأكون الفرد النرجسي الذي لا علاقة له بالعالم الخارجي ولا يهمه ما أصابه وما يشكو منه، ويكفيني أن تكون احتياجاتي مؤمنة وكافية؟

أم أكون فردًا يتحسس هموم من حوله ويُشعرهم أنهم ليسوا وحيدين  يصارعون معاناتهم حتى لو كان ما يقدمه مثلًا فقط "مقاطعة" أو دعاء من قلب صادق.

الله سخرنا لبعضنا لنتكامل في هذه الدنيا لنتعاون مع بعضنا فكلنا يُعطي الآخر شيئًا ما منحه الله إياه، فالبعض يُعطى العلم ليفيد غيره فيه، والبعض الآخر يملك مهارة وتمرسًا بشيء معين كالطب والصناعة والتكنولوجيا وابتكار الحلول وغيرها ليستفيد منها الآخرون.

أترى نراه لائقًا بنا أن تكون حياتنا مجرد جري وراء العمل وجني الأموال وإنجاب الأولاد والنوم والأكل واللبس  فقط؟

إن كانت هكذا حياتنا فسلامًا على  أرواحنا ولنستعجل قراءة الفاتحة عليها قبل أن ننسى ذكرها.

للأسف هناك من يعيش بحياته دون هدف يصبو له ورسالة يقدمها، فيكون فردًا مستهلكًا أكثر من أن يكون منتجًا ويكون اتكاليًا على غيره ولا يعتمد عليه، حتى إن البعض حين تسأله ما طموحك؟ تجده ممسوح الطموح ولا أعلم ألصعوبة تحديات المستقبل والوظائف؟ أم أنه اختصر الطريق وأبى محاولة تخطيها؟!

وللأسف  من يعيش حياة دون هدف يسعى لإنهائها وإيصالها للتهلكة دون مراعاة لأي سقف ديني وحدوده. 

نحن بالحياة أتينا ونحن نعلم أننا راحلون إن لم يكن اليوم فغدًا المهم حين نغادر ونرحل يكون هناك لنا أثر ورسالة قد يكون هناك من يأتي بعدنا وينتهج إكمالها. 

فهل حددت البوصلة لتكتب رسالتك في الحياة؟


error: المحتوي محمي