في البداية أنا لست مختصًّا في مشاكل الزواج، لا تأخذ بنصائحي إذا لم تناسبك، لكنني أحد المتزوجين منذ عشرات السنين ووجدت في هذه المدة بعض الأسرار والتجارب التي تديم الزواج وتجعله تجربةً ناجحة.
حظيت ليلة السبت، التاسع من أيار/ مايو 2025م بعدة زواجات، يا رب تدوم الأفراح وتكون شراكة حياة ورفقة عمر دائمة. لا أعرف كيف أصف لكم البسمة على وجوه الشبّان الذين زرتهم وحجم الفرح في قلوبهم! في هذه المناسبات راودني سؤال لمن تزوجوا سنوات عديدة؛ ليس من باب العبث والفضول، إنما من باب كيف نجعل هذه الزيجات تدوم وتسعد؟
للمتزوجين: لو خُيِّرت أن تُعيد الكرّة من جديد، مع ما تعرفه الآن عن زوجك، هل ستفعل ذلك؟ هل تتزوجها مجددًا؟ هل تتزوجينه مجددًا؟! لن أستغرب إذا كان جواب جلّ القراء من الجيل القديم: نعم أتزوجها أو أتزوجه ولا أرضَى بأحدٍ سواه ولا سواها.
أما عن الجيل الجديد فلديّ إحساس أنه فقد قدرته على الصبر والتحمل! بعد أول غلطة، تعالوا أنقذوني، يا الله على المأذون ونطلّق! عرفت بعض الزواجات لم تدم أكثر من ساعات! أشعر بحزنٍ شديد عندما أسمع عن شباب ينفصلون، يشعرون أنهم لم يعودوا يحبون بعضهم البعض. هل يا ترى لأنهم لم يعودوا يفهمون معنى الزواج فهم يتعاملون معه بالشهية والذوق وليس بالعقل؟ أم ماذا؟
لكي نعرف ما تكتبه الأقدار في المستقبل في استدامة الزواج من عدمه، وهذا من المستحيل، علينا أن نعرف أن حرارة الرغبة والشهوة الجسدية لا تدوم كما هي، إنما يدوم التفهّم والتفاهم. أظنّ أن قيس الذي سحرنا بغزله في ليلى لو تزوج ليلى لتوقف عن شعر الغزل بعد أول طفل!
التفهّم: أن تحاول أن تفهم وتقبل ما تفهم.
التفاهم: أن تفهم الآخر ويفهمكَ الآخر! وهو أول خطوة في طريق استقرار الحياة الزوجية.
يتعرض كل زواج إلى مشاكل وخلافات والحبّ الحار الذي نحلم به يصبح أقل حرارة. المكياج الذي نراه في فترة الخطوبة والعطر الفوّاح الذي نشمه ليس مقياسًا واقعيًّا للحياة الزوجية. لا بدّ من غض النظر والتفهم والتفاهم وإلا كل صغيرة وكبيرة تخنق الزواج. الزواج لا يدوم بالوقوف على كل صغيرة وكبيرة. الزواج ورد جميل يحمل الشوكَ والألم، نخلع الشوك ونقلعه، ولا نخلع عقد الزواج.
ملعقة يومية من التسامح، ما دام ليس من خيانة فإنّ الخيانة غير مسموح بها! لا ندوس حقوق الزوجية بالأقدام ونرميهَا في القمامة فيصبح الزوج كسير القلب وتمسي الزوجة مكسورة، إنما المسامحة أجدر بالمحبين. خذ وخل، لا تدقق في كل صغيرة وكبيرة.
طبيعي أن يجمعنا الحبّ في البداية، ثمّ يتحول الحب إلى واقع وزحمة حياة تحتاج إلى صبر. حذار أن نعتقد أن الغرام والشهوة تبقى على حالها وكل مشكلة تهون أمام تعالَ يا مأذون أنقذني!
