01 , يونيو 2025

القطيف اليوم

بلا طعم!

الابتسامة رسالة إيجابية تظهر مشاعر الاحترام وتشيع معالم الأمان الاجتماعي، فهي ليست مجرد حركة خالية من المشاعر والتفاعل الوجداني والنفسي، وتحمل بين طياتها رسائل إيجابية تتجه بالعلاقات نحو الاستقرار والترسخ والفعالية في التواصل بين أفراد المجتمع، فالبيئة الاجتماعية الناجحة يتعامل أفرادها بودية وبعيدًا عن التجاوز على الغير والعدوانية على خصوصياته أو حقوقه، ولن نجد رسالة تحمل معاني التقدير للغير كالابتسامة الصادقة المعبرة عن احترام وجود الغير ومكانته، كما أنها تسهم في التخفيف من ضغوط الحياة والتوترات الناجمة عن المشاكل والعراقيل المختلفة، ففي خضم الهموم والأحزان يحتاج الفرد إلى خيط أمل وبصيص نور يدفعه من تلك الأجواء الكئيبة، والابتسامة المرسومة على الوجوه الصادقة في مشاعرها تمد لنا حبل النجاة وتعيد لنا -بكلمات رقيقة معبرة عن الحقائق- توازننا الفكري والنفسي وإلى إعادة لملمة الأوراق المبعثرة، فالعلاقات الاجتماعية تحتاج إلى دعامات لتثبيت جسور المحبة والتعاون والثقة المتبادلة، وتلك الابتسامة الصادقة أفضل السبل لتنمية تلك العلاقات والمحافظة على فاعليتها، فهناك حواجز وموانع من التفاعل بين أفراد المجتمع لأسباب مختلفة، والابتسامة ترفع مثل تلك الحواجز والشعور بالوحشة والغربة أو عدم المقبولية، وتفتح طريقًا للتواصل بكل أريحية وسلاسة بعيدًا عن التصنّع أو التجاهل، فلن يكون هناك دافع نحو التعامل بسهولة وإيجابية والشعور بالترحيب بوجوده كالمقابلة بالابتسامة.

ولكن الابتسامة الفاعلة والمؤثرة بنحو إيجابي في توطيد العلاقات وتنميتها تفقد قيمتها عندما تكون مجرد حركة عابرة، يختفي منها التفاعل الوجداني والعاطفي فهي مجرد قشرة تخالف عمقًا داخليًا لصاحبها، وهذا لا يعني دعوة لتشكّل الوجوه الثلجية (الباردة) المختفي عنها كل معاني الإنسانية النبيلة في عطفها وعطائها، ولكنها في الضفة الأخرى لا فائدة مرجوة منها عندما تكون وسيلة مجاملة لا أكثر ولا تحمل أي معنى من المعاني الجميلة كالاحترام والتقدير والمودة، ليس لها وجود معتبر حينما تصبح وسيلة آلية وجوًا عامًا عابرًا في العلاقات وتفتقر إلى العمق والصدق والتقدير في النفوس.

ومثلها في فقدان المصداقية والقيمة تلك الابتسامة المرتسمة على وجوه أصحاب الأقنعة المزيفة، ممن يكون تحركهم ومد جسور علاقاتهم مبنيًا على المصالح الشخصية وروح الانتهازية المميزة لهم، فابتسامتهم لا تشف عما في نفوسهم من طرق تفكير ونوايا بينما تلك الابتسامة قناع للحصول على مآرب خاصة والتلاعب بمشاعر الآخرين والخداع وتزييف الواقع.

وآخر يعاني متاعب وصراعًا نفسيًا وتصدّعًا في مشاعره ولكنه بابتسامته يغالب تلك المصاعب والآلام ويحافظ على الأجواء الإيجابية، ولا يعني هذا أن يحترق الفرد كالشمعة لتضيء للآخرين بينما هو يتآكل داخليًا ويحترق نفسيًا، بل هو وعي وإدراك لحقيقة طبيعة الحياة وما تحمله من توترات ومتاعب تعصف بالنفوس، ولكن تلك الشخصيات القوية تحافظ على هدوئها النفسي وضبط انفعالاتهم بعيدًا عن التهور والانهيار، وتلك الابتسامة منهم رسالة أمل وعطاء نحفظ من خلالها نفوسنا من التشاؤم والانطفاء مهما كانت الصعوبات، وهم حقًا من نحتاج وجودهم في حياتنا حينما يبعثون رسائل أمل تبدأ بابتسامة صادقة.


error: المحتوي محمي