03 , يوليو 2025

القطيف اليوم

المرآة العاكسة

غالبًا؛ يكون سلوك الأبناء مرآةً عاكسةً لسلوك آبائهم، وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، ومرحلة المراهقة، وما بعدها. 

   
فإن كان الوالدان كريمين، أو طاهرين، أو نبيلين، أو فاضلين، أو بارين؛ عكسا سلوكهما تلقائيًا على أولادهما، والعكس صحيح. 

   
لولا المربي لما عرفتُ ربي، ولولا أن  الشجرة طيبة؛ لما كانت الثمار طيّبة، ولهذا كان للأصل دور كبير في العقب والذرية. 

    
تلعب الجينات الوراثية دورًا بارزًا في تكوين الإنسان، كما تلعب الموروثات العامة والعادات والتقاليد والتربية دورًا بارزًا كذلك. 

      
إن من يختار زوجة تربت على الدين وحسن الخلق، والحياء، والعلم، والوعي، بلا شك يختلف عمّن يختار من بيئة معاكسة. إنك لن تجني من الشوك العنب، وإن ظننتَ ذلك ممكنًا؟!. 

   
الأسرة التي تتربى على الانضباط الذاتي، والأدب الرفيع، وعلى أخلاق القرآن وآداب محمد وآل محمد، وعلى التسامح والحدود تكون مرآة عاكسة لسلوكها في الذرية عادة، وتكون الذرية -هنا- أرضًا خصبة للاستقامة والاستواء، بخلاف البيئة الفوضوية العبثية المشتّتة القائمة على التشكيك، وفقدان الثقة، والانفتاح بلا حدود، والتي تكون أرضها غير صالحة للاستقامة. 

      
إن من يتعدى على حدود الله ويرمي بها عرض الحائط لا يمكن اعتباره شجرة طيبة يتعلق بها الصالحون بحال مهما حاول البعض إيجاد مبرر لذلك، وما حدث مع الأنبياء والأئمة المعصومين -عليهم السلام- كان لحكمة سماوية خاصة اقتضتها مصلحة عامة كبرى. 

      
قال تعالى: (ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه)، وقال تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)، فكيف لنا أن نثق بظالمٍ أو معتدٍ تجاوز على حدود الله سبحانه وخالف سننه واتبع هواه علانية؟!، وكيف لنا أن نحسن الظن في عقبه أو ذريته؟!. أنا هنا لا أتحدث عن المعصية في السر التي لا ينجو منها أحد إلا من رحم ربي، وجل البشر ليسوا بمعزل عن المعصية أو الخطأ وأنا أول الخاطئين، وإنما أعني من يتجاهر علانية بإلغاء الحدود والآداب والأخلاق الثابتة في جميع الشرائع السماوية، وبعبارة أدق من نسميه بالفاسق. 

     
ورد عن النبي -صلى الله عليه وآله-: "اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين"، وقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، وقال: "إياكم وخضراء الدمن" قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟! قال المرأة الحسناء في المنبت السوء".

   
غير أن ذلك كله لا يعني عدم خروج الولد الشقي من الوالد الصالح؛ كما هو الحال مع ابن نبي الله نوح -عليه السلام-؛ ولكن ذلك ليس ظاهرة عامة وإنما هو شذوذ عن القاعدة الأم، وإلا فجل أولاد الأنبياء صالحون. 

   
ولهذا شدّدت الشرائع السماوية أجمعها على دور الأصل والتربية في تنشئة الأجيال. 


error: المحتوي محمي